بيروت - لبنان اليوم
جددت الأزمة الحكومية في لبنان النقاش حول الصيغة السياسية القائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين والتي أعلن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أمس، تمسكه بها رفضاً للمثالثة، وسط تجاذب داخلي وتراشق بين القوى السياسية لم ينتج أي خرق على صعيد الجمود الذي يطغى على عملية تشكيل الحكومة.وتتراكم الملفات التي تزيد التعقيدات في المشهد اللبناني، بدءاً من ملف تشكيل الحكومة، والأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية، وخلط الأوراق في خريطة التحالفات السياسية، وصولاً إلى الخلافات على قانون الانتخابات الذي يفترض أن يبدأ البرلمان مناقشته كي تُجرى الانتخابات على أساسه في ربيع 2022، فضلاً عن التحذيرات من انتهاء الصيغة اللبنانية القائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
ومثّل الملف الأخير جزءاً أساسياً من لقاء جنبلاط إلكترونياً مع أركان «لقاء سيدة الجبل» و«حركة المبادرة الوطنية» أمس، حيث ذكّر جنبلاط بمقررات الحوار الوطني الذي انعقد بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري في 2 مارس (آذار) 2006 والتي تم التوصل إليها بالإجماع آنذاك ومنها: المحكمة الدولية، وتحديد الحدود اللبنانية - السورية وترسيمها، ومسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. ورأى أن تلك القرارات يصح أن تشكّل ركيزة مهمة لمعالجة عدد من القضايا التي لا تزال عالقة وتؤثر على الواقع الداخلي اللبناني، مذكّراً بتحفظه على القرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات.
وجدد جنبلاط رفضه الطروحات المتتالية المتعلقة بـ«المؤتمر التأسيسي»، معتبراً أنها تهدف لإسقاط اتفاق الطائف وصيغة المناصفة التي أرساها، تمهيداً لاستبدالها بالمثالثة، في إشارة إلى المثالثة بالحكم بين المسيحيين والسنة والشيعة، مجدداً تمسكه بـ«الطائف» بكل مندرجاته التي لم تطبَّق جميعها لا سيما منها إلغاء الطائفية السياسية، وتطوير النظام السياسي اللبناني ليحقق المساواة المفقودة بين المواطنين. كما أكد جنبلاط رفضه قانون الانتخابات الحالي، معتبراً أنه قانون مشوّه ولا يؤمّن صحة التمثيل السياسي، مجدداً الدعوة لتعديله وتطويره ليصبح أكثر عدالة وتمثيلاً لمختلف شرائح المجتمع.يأتي ذلك بعد ساعات على تنبيه جنبلاط في حديث تلفزيوني مساء أول من أمس (الاثنين)، من أن «الكيان على مشارف الانتهاء»، وبعد أسبوعين على إعراب البابا فرنسيس عن أمنيته أن يشهد التزاماً سياسياً، وطنياً ودولياً، يسهم في تعزيز الاستقرار في بلد يواجه خطر فقدان هويته الوطنية والانغماس داخل التجاذبات والتوترات الإقليمية، وتأكيده أن «إضعاف المكوّن المسيحي في لبنان يهدد بالقضاء على التوازن الداخلي».
وفي متابعة لمضمون التحذير البابوي، زار وفد من «التيار الوطني الحر» ضمّ الوزيرين السابقين سيزار أبي خليل ومنصور بطيش، أمس، السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سپيتاري، ونقلا إليه مذكّرة من رئيس «التيار» جبران باسيل، وبحثا معه التطورات اللبنانية، وما تضمنته كلمة البابا عن لبنان أمام السلك الدبلوماسي. وأبدى الوفد ارتياح «التيار الوطني الحر» لكلام البابا وحرصه على وجود لبنان ووحدته ودوره في الشرق، وعلى أهمية دور ووجود المسيحيين ورسالتهم. وسلم أبي خليل وبطيش السفير البابوي المذكرة باسم التيار إلى البابا من غير الكشف عن مضمونها.بالموازاة، لم يتحقق أي خرق على صعيد تشكيل الحكومة وسط تراشق بين المكونات السياسية المعنية بالتأليف، وأكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أمام زواره أمس، أن «التفاؤل والتعاون لتأليف الحكومة واجب وطني ومَن يضع العراقيل والعقبات في وجه التأليف يريد للبنان مزيداً من الأزمات والتفتت والخراب والدمار، لمآرب داخلية وخارجية».ودعا «كل مَن يحرص على سيادة لبنان وحريته إلى مساعدته لإنقاذه من الأزمة الخانقة التي يمر بها لكي يعيش الشعب اللبناني في أمن وأمان وكرامة وطمأنينة في ظل حكومة مهمة تنقذ لبنان مما هو فيه من انهيار اجتماعي واقتصادي وفوضى غير مسبوقة في شتى المجالات».
وقد يهمك أيضا
النائب فريد البستاني مستعد لتقريب وجهات النظر بين عون وجنبلاط