البنك المركزي العراقي

تتواصل موجة الانتقادات الشعبية ضد محافظ البنك المركزي العراقي، على خلفية إعلانه أمام مجلس النواب، الاثنين الماضي، عن إتلاف 7 مليارات دينار عراقي (6  ملايين دولار أميركي) نتيجة غرق مبنى "مصرف الرافدين" في مياه الأمطار. وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "غرّق فلوسك" قاموا خلاله بوضع فئات من العملة العراقية في كأس ممتلئة بالماء للدلالة على أن المياه لا تتلف النقود. كما أظهر فيديو انتشر على نطاق واسع، مواطناً عراقياً، وهو يقوم بغسل وفرك ورقة نقدية من فئة 250 ديناراً، دون أن تتعرَّض للتلف هي الأخرى.

والتحق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أمس الأربعاء، بموجة الانتقادات الموجَّهة لـ"البنك المركزي" ومحافظه علي العلاق. وطالب القضاء بمحاسبة المقصرين. وقال الصدر في تغريدة على "تويتر": "ما 7 مليارات إلا نقطة صغيرة في بحر الفساد والمفسدين، وما أعذارهم إلا فند، وما بقاؤهم إلا عدد، إذا ما الشعب فضحهم".

وأضاف: "أهيب بالقضاء (النزيه)، محاسبتهم بإصدار أمر باعتقالهم فوراً، والتحقيق معهم ومع أمثالهم من العوائل المشهورة في الفساد، والرذيلة والتعدي على قوت الشعب بغير حق".

وبدا أن حملة الانتقادات الواسعة ضد المركزي العراقي حرَّكت بعض الأوساط النيابية ودعتها إلى الإعلان عن عزم البرلمان تحديد قناعته بأجوبة محافظ البنك المركزي حول تَلَف العملة في الجلسة المقبلة.

وقال عضو اللجنة المالية أحمد حمه رشيد في تصريحات، إن مجلس النواب طالب محافظ البنك المركزي علي العلاق بجلب جميع البيانات والمستمسَكات التي تؤيد كلامه بتلف الأوراق النقدية، معبراً عن قناعته بأن العملات النقدية لا تُتلَف عند وضعها في المياه أو غسلها، وإنما تكون أفضل من السابق.

من جهتها، أصدرت مديرة "مصرف الرافدين" خولة الأسدي، توضيحاً قالت فيه: إن "ما حصل عام 2013 من تخسُّفات في شارع الرشيد، نتيجة الأمطار الغزيرة أدى إلى تشقق بعض جدران الخزائن، وعجز شبكة تصريف مياه الأمطار أدى إلى دخول المياه من أبواب الخزائن والجدران ومن خلال شبكات تصريف المياه"، مشيرة إلى أن "الأوراق النقدية التي تعرضت للمياه في حينه هي أوراق نقدية تالفة كانت معدَّة للاستبدال لدى المصرف المركزي".

وسط ذلك، بدا أن "شهر العسل" وفترة الهدوء النسبي التي تمتع بها البرلمان العراقي ورئيسه محمد الحلبوسي، انتهت بالنسبة للنشطاء والمواطنين العاديين الناقمين والمنتقدين لعمل مجلس النواب منذ سنوات كثيرة. ويظهر أن التصريحات التي أطلقها رئيس البرلمان الحلبوسي، أثناء زيارته إلى محافظة كربلاء، الثلاثاء الماضي، بشأن امتياز بدل الإيجار الذي يتمتع به أعضاء مجلس النواب، خصوصاً القادمين من محافظات العراق المختلفة، أعاد موضوع عدم الرضا الشعبي بشكل عام على مجلس النواب إلى الواجهة من جديد.

وكان الحلبوسي أجاب عن سؤال حول امتيازات أعضاء البرلمان والمبلغ المخصص لبدل سكن كل نائب بالقول: "أي استهداف للمؤسسة التشريعية أمر مرفوض وينطلق من عدم معرفة واقع الحال".

وأضاف متسائلاً: "إذا جاء نائب من البصرة إلى بغداد لأداء مهامه التشريعية فأين يسكن؟". غير أن إجابة الحلبوسي أثارت موجة انتقادات شديدة، حيث ترى كثير من الفعاليات الاجتماعية العراقية أن الدولة غير ملزَمة بتوفير بدل إيجار للنائب بقيمة 3 ملايين دينار عراقي (الدولار يساوي 1191 ديناراً)، هذا غير الامتيازات الأخرى التي يحصل عليها النواب والمرتبات الضخمة التي تتجاوز الـ10 ملايين دينار عراقي، فيما لا تحصل قطاعات واسعة من العراقيين إلا على الحد الأدنى من مرتب الرعاية الاجتماعية البالغ نحو 300 ألف دينار فقط.

وناشد مدرِّس مادة الفلسفة في الجامعة المستنصرية ستار عواد تحالف "سائرون" الذي يدعمه مقتدى الصدر، والذي رفع شعار الإصلاح في حملته الانتخابية الماضية، إلى الوقوف بقوة ضد امتياز بدل الإيجار وبقية الامتيازات التي يتمتع بها النواب والمسؤولون في الدولة بشكل عام.

ويقول عواد لـ"الشرق الأوسط": "تحالف (سائرون) اليوم أمام تحدي إثبات شعارات الإصلاح التي رفعها سابقاً، وعليه أن يثبت جدية في التصدي لهذا النوع من التصرفات في البرلمان وغيره".

ورأى عواد أن "اعتياد الجماعة السياسية على الامتيازات غير المحقة، جعلها تفكر وكأن تلك الامتيازات طبيعية وحكر على أصحاب السلطة فقط، فيما آلاف العوائل العراقية لا تجد قوت يومها".