بيروت - لبنان اليوم
صارت المسألة المالية في لبنان أمرًا وجوديًا، فلم تعد بندًا عاديًا على جدول أعمال مجلس الوزراء، حيث باتت من شأنها أن تغير المشهد السياسي برمته، وأن تنجح الحكومة في مهمتها أو أن تفشل فتلك قضية مفصلية. وفي الحالتين ستدفع القوى السياسية ومنظوماتها المالية، الثمن. ولهذا ستواكَب الخطة المالية المطروحة على طاولة مجلس الوزراء، بحرب شرسة سيشارك فيها كل المتضررين من أي اجراء ستقرّه الحكومة.
وكتبت كلير شكر في صحيفة "نداء الوطن" تحت عنوان،"حزب الله" و"صندوق النقد": نقبل به... à la carte"، "بهذا المعنى، شمّر "حزب الله" عن ساعديه وقرر الغوص في مستنقع الأزمة المالية. خلال حكومة سعد الحريري الأخيرة، كانت مشاركة "حزب الله" محصورة بما يقبل أو لا يقبل به. أي الاكتفاء بوضع خطوط حمراء لما لا يجوز تمريره، والقليل من الملاحظات على ما يمكن للحكومة اقراره. في هذه اللحظة التي تقوم بها الحكومة "بنفض" كامل المالية العامة وقواعدها الاقتصادية، باتت مشاركة "الحزب" أكثر عمقاً".
واستفاض نائب الأمين العام لـ"الحزب" الشيخ نعيم قاسم بالمسألة الاقتصادية، في اطلالته الأخيرة، وهو المسؤول عن المتابعة مع وزراء "الحزب" ونوابه، في شكل يثبت وجود خطة شبه منجزة باتت في جعبته، ويفترض أن يقدمها قريباً للرأي العام فور الانتهاء منها. عملياً هي المرة الأولى التي يجمع فيها "حزب الله" أفكاره الاقتصادية والمالية ضمن رؤية واضحة، بعدما كانت مواقفه تقتصر على ما يعرض أمامه من اقتراحات ومشاريع تتولى الحكومات صياغتها. وها هو ينتقل إلى خطوة جديدة في مسيرة انخراطه في العمل الحكومي والدولتي، بعدما لامست الأزمة الاقتصادية حدود الاطاحة بالاستقرار الداخلي.
ومع ذلك، يحاذر "حزب الله" التعاطي مع رؤيته الاقتصادية بشكل استباقي لعمل الحكومة. في الأساس، لم تنتظر القوى المعارضة أن يقول "الحزب" ما لديه من أفكار في هذا المجال، بل سارعت الى استخدام عنوان "حزب الله"، المثير للجدل بطبيعته، في حملتها ضد الحكومة تحت عنوان أنّ "الحزب" يستعد لوضع يده على القطاع المصرفي بسبب الانتقادات التي وجهت أحياناً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
ولهذا يتمهّل "حزب الله "في تقديم أفكاره ويفضل مناقشة الحكومة في خطتها بناء على رؤيته، خصوصاً وأنّ رئيس الحكومة يحرص على التأكيد على أنّ ورقة الحكومة ليست "منزلة" لا بل هي مسودة قابلة للنقاش والتعديل، بناء على اقتراحات مكوناتها وكل القطاعات المعنية بها، لا سيما المصارف، للوصول إلى صيغة مشتركة تكون بمثابة خطة تُحمل إلى الدائنين الأجانب لاقناعهم بإعادة هيكلة الدين الخارجي.
وانطلاقاً من القاعدة ذاتها، تدرّج "حزب الله" في موقفه من صندوق النقد الدولي الذي يحتاج لبنان الى سيولته، من الرفض التام إلى القبول المشروط. إذ يتضح من المعنيين بالملف الاقتصادي أنّ ممانعة "حزب الله" لا تتصل بولاءات صندوق النقد وبالخشية من وصاية سياسية، بقدر ما تتصل بشروطه التي قد تدفع بالبلد إلى القعر. يقول هؤلاء إنّه عادة ما يفرض الصندوق وصفة جاهزة لا تميّز بين دولة وأخرى، لأنّ كل ما يهمه هو كيفية استعادة أمواله بطريقة مضمونة، حتى لو كلف الأمر تجويع الناس وتدفيع الطبقات الفقيرة، الثمن الباهظ.
ولذا تترك للحكومة تحديد الخطة الملائمة للوضع اللبناني وعرضها على صندوق النقد الدولي لطلب المساعدة على أساسها، وليس وفق دفتر شروط الأخير. حتى الآن، تتصرف الحكومة على أساس أنّها لن تقصد مقر صندوق النقد "زحفاً"، لا بل ستتمكن من الوقوف على رجليها وطلب المساعدة النقدية وفق مقتضيات الخصوصية اللبنانية، كي تكون مقبولة شعبياً وعادلة وتصاعدية ولا تستهدف الطبقات الفقيرة، ولا تقوم على أساس الخصخصة خصوصاً بعدما أثبتت تجربة التعامل مع جائحة الكورونا أهمية القطاعات الرسمية. وهي قاعدة لا تزعج "حزب الله" ولا تثير اعتراضه.
قد يهمك أيضا:
"حزب الله" يُنظم جولة لللإطلاع على إجراءات لجنة إدارة أزمة "كورونا"
جولة لـ"حزب الله" يُنظم جولة للإطلاع على إجراءات لجنة إدارة أزمة "كورونا"