الخرطوم - جمال إمام
أدانت جهات دولية الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين في ولاية الجزيرة وسط السودان، والتي أودت بحياة عشرات المدنيين، ودعت إلى حماية المدنيين ومحاسبة الجناة. وعبّرت مسؤولة رفيعة في الأمم المتحدة في السودان عن "انزعاجها الشديد" من تقارير تحدثت عن "جرائم فظيعة" في ولاية الجزيرة وسط البلاد، شملت قتلاً جماعياً للمدنيين على يد قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وجاءت تعليقات المسؤولة الأممية، كليمنتين نكويتا سلامي، بعد أن قالت مجموعة حقوقية إن قوات الدعم السريع قتلت 124 شخصاً على الأقل في هجمات على عدة قرى خلال الأسبوع الماضي.
وأضافت أن تلك التقارير تشير إلى أن مقاتلي قوات الدعم السريع "أطلقوا النار على المدنيين دون تمييز، وارتكبوا أعمال عنف جنسي ضد النساء والفتيات، ونهبوا الأسواق والمنازل على نطاق واسع وأحرقوا المزارع".
وذكرت أن تلك التقارير أشارت إلى أن "سكان عديد من القرى تعرضوا لاعتداءات جسدية وإذلال وتهديدات، مما أدى إلى فرار عشرات المدنيين من منازلهم بحثا عن الأمان، في حين يواجه الذين بقوا تهديدات شديدة".
وقالت سلامي "صدمت وذهلت بشدة من تكرار انتهاكات حقوق الإنسان من النوع الذي شهدناه في دارفور غربي السودان العام الماضي، مثل الاغتصاب، والهجمات المستهدفة، والعنف الجنسي، والقتل الجماعي، في ولاية الجزيرة.. هذه جرائم فظيعة".
وأكدت أن "النساء والأطفال والفئات الأكثر ضعفا يتحملون وطأة الصراع الذي أودى بالفعل بحياة كثيرين".
وأوضحت سلامي أن "مهاجمة المدنيين والأهداف المدنية والبنية التحتية العامة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي، وهو أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف على الفور، وتجب حماية المدنيين أينما كانوا".
ونفت قوات الدعم السريع استهداف المدنيين، قائلة إن مقاتليها "يشتبكون مع جماعات مسلحة من الجيش".
وأسفر الصراع المستمر منذ أكثر من 18 شهراً في السودان عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.
واتهم ناشطون وأطباء سودانيون قوات الدعم السريع بقتل 124 مدنيا، جراء هجمات على قرية السريحة بولاية الجزيرة، جاءت "انتقاما" لانشقاق قيادات منتمية لتلك الولاية عن الدعم السريع وانضمامها إلى الجيش.
بدوره، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عبر حسابه على منصة إكس، إن "الصور المروعة القادمة من ولاية الجزيرة في السودان مثيرة للقلق".
وأضاف "وردت تقارير أن قوات الدعم السريع ارتكبت مزيدا من عمليات القتل الجماعي والاغتصاب، يجب أن تتوقف المجازر ضد المدنيين وتجب محاسبة الجناة"، وأكد أن "الاتحاد الأوربي يواصل العمل من أجل تحقيق العدالة".
وبهذا الخصوص، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، "وردتنا تقارير مأساوية من السودان تفيد بمقتل 124 شخصًا على الأقل في ولاية الجزيرة".
وشدد غيبريسوس على أن "الأحداث الأخيرة تؤكد الأزمة الإنسانية المروعة المستمرة بالسودان، والحاجة إلى حماية المدنيين بشكل عاجل، وهو الأمر الذي لا يزال المجتمع الدولي ووسائل الإعلام يتجاهله".
الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان أكد أن انتهاكات قوات الدعم السريع للقانون الدولي وجرائمها ضد الإنسانية "لن تمر دون عقاب، وتجعل من غير الممكن التسامح معها".
كما اتهمت وزارة الخارجية السودانية قوات الدعم بشن "هجمات انتقامية على قرى وبلدات شرقي الجزيرة المتاخمة للخرطوم من الناحية الجنوبية، بعد انشقاق قيادات منها منتمية لتلك الولاية وانضمامها إلى الجيش". ووصفت الوزارة الهجمات بأنها "ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".
وبعد انشقاق قائد قوات الدعم السريع بالجزيرة أبو عاقلة محمد أحمد كيكل، يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تجددت الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع في الولاية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، سيطرت قوات الدعم السريع بقيادة كيكل على عدة مدن بالجزيرة، بينها ود مدني مركز الولاية.
وحاليا، تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من الولاية، باستثناء مدينة المناقل، والمناطق المحيطة بها حتى حدود ولاية سنار جنوبها، وغربا حتى حدود ولاية النيل الأبيض.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 11 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
قد يهمك أيضــــاً:
الجيش السوداني يشنّ قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة الخرطوم خلال أكبر عملية له لاستعادة أراضيه