رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة

بانتظار أن تظهر أولى نتائج المفاوضات الثنائية بين وزارة المالية اللبنانية وصندوق النقد الدولي، والتي تنطلق اليوم الاثنين، وقد تحتاج إلى أشهر لترجمتها دعمًا ماليًا، تواجه الحكومة تحديًا أساسيًا يتصل بسعر صرف الدولار، لكي لا تكون المرحلة الفاصلة، بركانًا قد يهدد كل الاستقرار الاجتماعي. ولهذا تسعى رئاسة الحكومة إلى ايجاد آليات قانونية وقضائية تساعد على لجم سعر الدولار الآخذ في الارتفاع بشكل صاروخي.

هذه النقطة بالذات هي واحدة من المسائل العالقة بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ لقائهما الأخير، حيث طلب رئيس الحكومة من حاكم المركزي التدخل في سوق الصرف أسوة بما كان يفعله طوال ثلاثة عقود من الزمن، لمحاصرة الصعود الجنوني لسعر الدولار ولجمه بالحدّ الأدنى منعًا لحالة التفلت الحاصلة والتي تسبب فوضى اجتماعية واقتصادية تهدد الأمن الغذائي وتنذر بانفجار اجتماعي.

ولعل تركيز الأجهزة الأمنية في هذه الأثناء، على عمل الصرافين، الشرعيين وغير الشرعيين، ما هو إلا واحد من الآليات المتبعة في قبل السلطات المركزية، في محاولة لكسر الطوق المتحكم بسعر التداول في السوق حيث تبدو الحكومة الحلقة الأضعف فيه، طالما أن مصرف لبنان يقف مكتوف اليدين ويرفض التدخل بشكل فعلي وعملي لتنظيم حالة الفوضى المالية والنقدية.

كثيرة هي الحجج التي يقدمها سلامة لكي لا يفرج عن "صندوق الدولارات"، أهمها أنه يرفض المس بالاحتياطي الإلزامي لأنه المخزون الأخير المحفوظ للمواد الأساسية. كما يتردد في أوساط غير رسمية، أنّ سلامة يرفض التدخل في سوق الصرف خشية من سحب "حزب الله" للدولارات وهذا ما دفع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله إلى التطرق لهذه المسألة نفيًا لها وللتأكيد أن "حزب الله" يأتي بالدولارات وليس العكس.

ولذا اكتفى حاكم المركزي في مساعيه لمواجهة ارتفاع سعر الدولار، بتسطير تعاميم لم تؤد إلا إلى مزيد من البلبلة والارباك في الأسواق، مع أنّ المطلعين على موقف رئيس الحكومة نقلوا عنه أنّه أصر على سلامة القيام بخطوات مالية ومنها تأمين مبلغ مليار دولار لضخه على مراحل في سوق الصرف حتى نهاية العام للجم سعر الدولار على قاعدة أنّ وقف سداد سندات اليوروبوند خفف من الأعباء من أمام مصرف لبنان، كما أنّ الأخير يتكبد كلفة عالية لتغطية فارق أسعار المواد الأساسية من نفط وقمح وأدوية. وبالتالي إنّ مجرد انخفاض سعر الدولار ولو بنسبة محدودة قد يخفف التكاليف على مصرف لبنان، وبالتالي إنّ ضخ السيولة سيكون عاملًا مساعدًا لمصرف لبنان وليس العكس. ولكن حتى الآن، لا يزال "المركزي" في موقع المتفرج.

وقد اكتفى سلامة باصدار تعميم يحدد سعر الصرف بـ3200 على أن يتم توقيف الصرافين المخالفين، وبتعيمم آخر يقضي بجمع دولارات التحويلات التي تصل عبر الشركات الالكترونية (يبلغ حجم التحويلات الالكترونية الشهرية حوالى 65 مليون دولار). فيما كان يفترض أن يكون الاجراء الأخير بمثابة "احتياطي" جديد لمصرف لبنان للتدخل والتخفيف من وطأة السوق السوداء التي تلهب سعر الدولار، ذلك لأنّ حركة السوق الداخلية تبلغ في الوقت الراهن يوميًا حوالى 5 ملايين دولار ما يعني أن مصرف لبنان قادر بما تيسر له من دولارات محولة عبر الشركات على ضبط سعر الصرف ولو بحدود اذا ما تدخل بنحو مليون دولار يوميًا.

أكثر من ذلك، فقد أفادت المعلومات أنّ مصرف لبنان سحب خلال الأيام الأخيرة السيولة الموجودة في المصارف الخاصة من عملات أجنبية، الأمر الذي تزامن مع ارتفاع سعر الدولار خلال ساعات قليلة بنحو 25% بدلًا من انخفاضه. وهذا ما أدى إلى توتر خطوط التواصل بين رئاسة الحكومة ومصرف لبنان.

بناء عليه، يبدو أنّ تدخل مصرف لبنان بشكل جديّ في سوق الصرف بات أمرًا أكثر من ملح بالنسبة لرئاسة الحكومة، التي تعتبر أنّ الأسباب التي يقدمها الحاكم غير مقنعة ولا تعبر عن حقيقة الوضع. ولا بدّ من خطوات عملية لكي يستقيم الوضع بين السراي والمركزي.

في هذه الأثناء، يفترض أن تشارك جمعية المصارف في اجتماع سيعقد اليوم في السراي الحكومي لمعالجة مسألة التحويلات المالية للطلاب الذين يتابعون دراستهم في الخارج بعدما دفعت أوضاعهم المزرية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الى رفع الصوت عاليًا للدفع باتجاه تسهيل التحويلات للطلاب. اذ غرّد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش عبر حسابه على "تويتر" قائلًا: "أناشد البنوك أن تقوم بالإفراج الفوري وتحويل الأموال اللازمة للطلاب اللبنانيين الذين تقطعت بهم السبل في الخارج في ظروف عصيبة". ويُنتظر أن يتم التفاهم على آليات معينة تساعد هؤلاء على تيسير أمورهم.

قد يهمك ايضا:أجواء إيجابية بين "حزب الله" وواشنطن قد تؤسس لمرحلة جديدة 

 دياب عرض مع سفير المانيا خطة الحكومة المالية وملف الكهرباء