بيروت - لبنان اليوم
لم يكن يكفي الشعب اللبناني علقم الذل الذي يتجرّعه منذ سنوات طويلة وحتى العام 2020 الذي فضح تراكم الازمات الاقتصادية والمالية، حتى يظهر وباء "كورونا" ليفرض أمرًا واقعا لم يكن يوما في الحسبان، ويجبر المواطن على التزام بيته ويمنعه مُرغمًا من متابعة أعماله والسعي لتأمين لقمة عيشه ومصاريف عائلته.
ولعلّ حالة التعبئة العامة التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية ساهمت بشكل كبير في درء خطر تفشّي الوباء في لبنان على خلاف ما حصل في سائر دول العالم، الا أن ما تغافلت عنه هذه الحكومة، أن قرار العزل المنزلي، الصائب، لم تقابله خطّة اجتماعية عادلة تساهم في تخفيف عبء المسؤوليات عن المواطن وترفع عنه همّ الرغيف وتكاليف الحياة اليومية، فوقعت في ورطة ازدواجية المعايير في توزيع المعونات الاجتماعية وأوكلت الجيش اللبناني مهمّة "سواد الوج" لتنفيذ قرار منح مبلغ 400 الف ل.ل. للأسر الاكثر حاجة، حيث تقرر بدء التوزيع للعائلات بالتعاون مع المدارس الرسمية من خلال سجلّات الطلاب، على أن يقوم ما تبقّى من الشعب بملء الاستمارات لدى مخاتير الحي.
هذا القرار، وإن بدا ظالما، حيث أن البعض الكثير من العائلات اللبنانية انهى اولادهم مراحل التعليم وما زالوا يصارعون الحياة لإيجاد فرصة عمل، في حين ان البعض الآخر اصبح طاعنا في السن ولم يقدّر له ربما ان ينجب اولادا، ويكاد يكون الاكثر حاجة لمعونة تسدّ رمقه وتحفظ كرامته في هذا العمر، الا أن الأشد ظلما وقهرًا ما جرى تداوله حول أن الجيش اللبناني يمنع المساعدة عن عوائل الموقوفين المصنّفين "إرهابيين" في احداث طرابلس والمنية وعبرا، إذ تسرّبت العديد من شكاوى المواطنين الذين أكدوا أنهم مُنعوا من الاستفادة من دعم الحكومة للأسباب نفسها.
وقال المحامي محمد صبلوح، المطّلع على ملفّ الموقوفين، أنه تمّ التواصل معه من قبل أهلهم وإعلامه بحرمانهم من أي دعم، متسائلًا عن مدى صحّة القرار ومطالبًا بتوضيح من قيادة الجيش المكلفة بشكل مباشر من الحكومة اللبنانية بتوزيع المساعدات بين الناس. وإذ اعتبر صبلوح أن هذا الإجراء، ان صح حصوله، غير عادل على الاطلاق، ناشد من هم في موقع المسؤولية إعادة النظر فيه لأن من شأنه ان يؤدي الى مزيد من الحقد على مؤسسات الدولة، معلنًا تضامنه مع أهالي الموقوفين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما حدث، مستغربًا كيف من الممكن أن تتجاهل الحكومة اللبنانية معاناة هؤلاء وصبرهم على الظلم وتذهب بعيدا في مقاضاتهم معيشيا وكأنّ لا حقّ لهم ولا كرامة؟!
الغريب في الامر، بل المخجل حقًا، انّ قانون "العفو العام" كان مطروحا على طاولة مجلس النواب، فهل ممثلو الشعب في وادٍ والحكومة في وادٍ آخر؟ وهل يشمل الحرمان سائر الموقوفين في مختلف الجرائم كالمخدرات او العمالة بالتساوي؟ ام أننا سنكون امام قضية استهداف من نوع جديد لطائفة واحدة على وجه التحديد؟
وإن كنّا لا نحمّل الجيش اي مسؤولية على الاطلاق، اذ أننا نعلم بأنه معنيّ بتنفيذ قرارات الحكومة ضمن مهمّة محددة أوكلت اليه، مشكورا، الا اننا نعتبر ان هذه المقالة بمثابة استيضاح من الجهات المختصة التي من شأنها ان تؤكد او تنفي ما نقله الينا بعض اهالي الموقوفين والمثبت بتسجيل صوتي جرى بين احد هؤلاء وإحدى إدارات المدارس الرسمية في صيدا، آملين أن نلقى تفسيرا للسياسة المعتمدة في توزيع المعونات الاجتماعية، التي من غير الوارد أن يصبح الحرمان منها قصاصا غير عادل لمن لا قدرة لديهم على تحمّل المزيد من الأسى وتسديد فواتير لم يستهلكوا منها شيئا!
قد يهمك ايضا:عدد إصابات فيروس "كورونا" في لبنان يحدّد مسار التعبئة العامة
إقامة حواجز ظرفية في قضاء مرجعيون لمتابعة مقررات التعبئة العامة