بيروت - لبنان اليوم
أما وقد قررت حكومة "اللون الواحد" تعليق دفع ديونها، قبل يومين من إستحقاقها، في مرحلتها الأولى، فإنها إختارت، وبعد جهد جهيد، السيىء وتركت الأسوأ إلى مرحلة لاحقة لن تكون مجرياتها سهلة، في ضوء ما أعلنه رئيس الحكومة، في كلمته إلى اللبنانيين، عن هيكلة ديونه الخارجية، بالتوازي مع خطة إصلاحية لا تزال حتى الساعة حبرًا على ورق، ومجرد تمنيات، قد لا تتلاءم ظروف تطبيقها مع الواقع المأزوم، الذي يعيشه لبنان، خصوصًا بعد إعتراف دياب بأن الفساد قد أصبح فاجرًا، وهو حتمًا سيأكل من الصحن نفسه، الذي تأكل منه الطبقة السياسية، التي تنتج نفسها منذ ما يقارب الثلاثين سنة، وقد أصبحت متعايشة مع هذا الفساد، وما ينتج عنه من هدر وغياب متعمد للرقابة والمحاسبة، بعدما أصبح شعار الحياة السياسية "فن الممكن"، الأمر الذي قاد لبنان إلى ما لا يمكنه تحمّله من أعباء رتبها إستسهال الإستدانة، مع تراكم فوائدها المرتفعة نسبيًا.
وعندما تحدّث دياب عن هيكلة للقطاع المصرفي يكون قد لاقى شركاءه الأساسيين في الحكومة، محاولًا الإيحاء بأن الحكومة وفريق 8 آذار قد حققا إنتصارًا على المصارف، وفق خطة هجومية وممنهجة ضد القطاع المصرفي، وتحميله مسؤولية ما آلت إليه المالية العامة من إنهيار كارثي.
وقد حاول دياب دغدغة شعور اللبنانيين الخائفين على ودائعهم، وهم يشكلون 90 في المئة من مجموع المودعين، وذلك تهيئة لما يمكن أن تقدم عليه الحكومة من إجراءت "موجعة"، يرى كثيرون ممن هم في السلطة أن لا بدّ منها في نهاية المطاف، وذلك تجاوبًا مع الشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي، والتي تطال شريحة واسعة من اللبنانيين الأكثر فقرًا، ومن بين هذه الإجراءات ثمة حديث عن رفع الضريبة على القيمة المضافة لتصل إلى حدود الخمسة عشر في المئة، ورفع الضريبة على صفيحة البنزين خمسة الآف ليرة لبنانية ورفع تعرفة فاتورة الكهرباء، فضلًا عن إجراءات أخرى سيتمّ الإعلان عنها لاحقًا ريثما يتمّ "تبليع" اللبنانيين الحزمة الأولى من الضرائب، وهي الأكثر إيلامًا بالنسبة إلى ذوي الدخل المحدود، وهي ضرائب مباشرة ستضاف إلى ما يعانيه اللبنانيون جرّاء فقدان الليرة اللبنانية نسبة عالية من قيمتها الشرائية والإرتفاع الجنوني في أسعار السلع الإستهلاكية، وسط عجز الحكومة في مراقبة تفلت هذه السعار من كل قيود، فضلًا عمّا يعيشونه من قلق مستجدّ نتيجة إعتراف الحكومة، بلسان وزير الصحة، بأن فايروس "كرونا" قد إنتقلت مخاطره من مرحلة الإحتواء إلى مرحلة الإنتشار، مع تزايد عدد الإصابات به، ومع عجز واضح من قبل مستشفى رفيق الحريري الحكومي على إستقبال أعداد إضافية من المصابين.
ويبقى الهاجس الأكبر بعد "سكرة" عدم السداد لتأتي "فكرة" ما ستكون عليه ردّات فعل الدائنين، الذين لم تدخل الحكومة معهم في مفاوضات مباشرة، وهي لا تملك حجّة سوى أن البلد مفلس ولا يستطيع الدفع، مع ما كشفه كلام رئيس الحكومة عن الإحتياط الوهمي لمصرف لبنان من مخاطر مالية محدقة، مما يزيد من هواجس اللبنانيين، الذين صدموا، مرّة جديدة، بكلام حسّان دياب، الذي إنضمّ بالأمس، في كلمته، إلى صفوف الشاكين من الحال التي وصلت إليه البلاد "نتيجة السياسات المالية الخاطئة، والتي ورثتها الحكومة ككرة نار تحرق الأخضر واليابس، وبذلك تحّول من يُفترض به أن يطمئن المواطن إلى غده إلى شاكٍ حتى البكاء
قد يهمك ايضا:لبنان يعلن التخلف عن سداد ديونه بالعملة الأجنبية ويدعو إلى إعادة هيكلتها
التفاصيل الكاملة لأزمات الحكومة اللبنانية ورفض سعد الحريري ترأس محور 14 آذار المُعارض