بيروت - لبنان اليوم
يرعى "حزب الله" اللبناني الدولة وأحزابها وحراكها ومؤسساتها ويحل الخلافات ويرعى المصالحات ويفاوض الأطراف. في الاسابيع الأخيرة، وبعكس السنوات الثلاثين الماضية، باتت الحركة السياسية اللبنانية الداخلية تدور حول "حزب الله".عندما بدأت أزمة كورونا خرج الأمين العام لـ"حزب الله" ليؤكد ان الحزب جاهز لمكافحة الوباء بالتعاون مع الدولة وهو جاهز لتقديم الدعم اللوجستي التي تحتاجه الوزارة، وهذا ما حصل، آلاف المتطوعين عملوا مع الوزارة في المطار والطائرات والفنادق التي نزل فيها الوافدون، هذا اضافة الى العمل الصحي المحلي المرتبط بمكافحة الوباء.
قبل أيام ايضاً أعلن نصرالله استعداده لتقديم ٢٠ الف متطوع لمساعدة وزارة الإقتصاد في نشاطها لمكافحة الاحتكار ورفع الأسعار. هذا فعلاً ما قاله: "ألف، ألفين، ١٠ الاف او ٢٠ ألفا، نحن جاهزين"، في مكان ما تحتاج وزارة الاقتصاد الى هذا العدد من المتطوعين فهي غير قادرة على القيام بالمهام المطلوبة منها، وكذلك الأمر بالنسبة الى وزارة الصحة التي لولا المتطوعين لما استطاعت القيام بكل ما تقوم به، لكن ان يكون "حزب الله" جاهزاً دائما ليكون رديفاً للدولة في الأزمات فهذا يطرح اسئلة عن التوقيت والرسائل والأهداف، إن احسنا النية او اسأناها.
في السياسة ايضاً ظهر "حزب الله" بشكل "المرشد" الراعي لحلفائه وخصومه وبشكل لافت وجلي خلال الأسابيع الماضية. منذ الإنسحاب السوري من لبنان لم يرغب "حزب الله" ملء مكان رستم غزالي او غازي كنعان. كان ينأى بنفسه الى حد بعيد عن الدخول في التفاصيل، او عن التأثير على هذا الحليف او ذاك، كان الحزب هو الذي يتأثر بآراء حلفائه، لم يلعب دور الراعي حتى في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، اخذ موقفه ووقف ضده بعض حلفائه. استطاع الحزب يومها تعطيل الانتخابات بقوته كحزب وازن، لكنه لم يستطع فرض اسم حليف على باقي الحلفاء. المشهد اليوم تغيّر.
خلال الحراك الشعبي في الوقت الذي كانت فيه شخصيات ومجموعات تنتقد الحزب وتشتمه في الساحات، كانوا ذاتهم يأتون الى الضاحية، يجتمعون لساعات مع قيادة "حزب الله" يتبادلون الحديث ويرحلون ليعودوا مجدداً. كانت هذه تجربة نشطة قام بها الحزب لإستيعاب الحراك، لينتقل بعدها راغباً او مفروضاً عليه الى مستوى آخر من الحضور السياسي.
اليوم يخرج نصرالله ليتحدث عن المصارف، يقول ان اصحاب الودائع الصغيرة يجب ان تحل قضيتهم، بعدها يبدأ المدير العام للامن العام مفاوضاته مع اصحاب المصارف لتخرج التعاميم الى العلن. يتحدث نصرالله عن اجراءات كورونا، تخرج الحكومة لإقرار التوصيات. يتحدث عن الأمن الغذائي، وعن مكافحة الغلاء، تبدأ الحكومة الإجراءات العملية في اجتماعها الأول بعد الخطاب.
الأمر أكبر من ذلك، في الاسابيع الأخيرة يرعى "حزب الله" جولة هائلة من المفاوضات والمصالحات السياسية في لبنان. يتواصل بشكل حثيث مع الرئيس سعد الحريري ويحاول ايجاد مخارج له. يتلقى اتصالات من الوزير السابق غازي العريضي مكلفاً من جنبلاط، يهدف العريضي الى تنظيم الـ"الشبه انعطافة الجنبلاطية"، يشجعه الحزب على مصالحة العهد والتجاوب مع مبادرة الوزير المُبادر، وهذا ما يحصل. العريضي اليوم في تواصل مستمر مع قيادة الحزب. يدرسون خطوات جنبلاط المقبلة تجاه العهد وتجاه الحكومة.
في مكان آخر، جهد هائل لعبه الحزب لتحسين العلاقة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب ظهرت نتائجه في لقاء عين التينة الاخير. وجهد اقل لتطوير العلاقة بين باسيل وبري وتحسينها وانهاء اي خلاف ممكن. محاولات الحزب بين عين التينة والرابية طالت التفاصيل، تنازل باسيل عن بعض التعيينات فيما اعطى بري دعما سياسياً، وزيارة باسيل المطولة الى بري كانت خاتمة هذه المفاوضات والوساطات.
ووفق مصادر مطلعة فإن الحزب يطمح الى حل الخلاف بين باسيل والوزير السابق سليمان فرنجية، وهو يعمل على هذا المسار وإن بحذر، لأن الأمور في هذا المضمار اكثر تعقيداً ودخل فيها الشخصي بالسياسي وبالرئاسي، وتقول المصادر انه لا يستغربن احد حدوث تهدئة سياسية على خط بيت الوسط - ميرنا الشالوحي، واذا حصل فإن للحزب دورا ما في كواليس هذا الامر. أضف الى كل ذلك ما بدأ يحكى عن قنوات اتصال واضحة مع القوات اللبنانية.
يضع الحزب حدود العمل السياسي في لبنان منذ عدة اسابيع، هو بات القابض الحقيقي على السلطة في لبنان، بإنتظار معاركه الشرسة البعيدة عن الاعين مع الاميركيين داخل الدولة العميقة والتي تظهر للعيان بين فترة واخرى.قد لا يستمر هذا الأمر لأن الحزب لا يرغب بزيادة اعبائه لكن الأكيد ان الحزب سيستفيد من موقعه المستجد في اي مفاوضات مقبلة يكون فيها بموقع القوة والنفوذ في لبنان.
قد يهمك ايضا:"حزب الله" ينجح في إضعاف خصومه ويدخل مناورة لكسب الوقت حتى تشرين