بيروت - لبنان اليوم
حالة من الضبابية يعيشها الشارع اللبناني، خاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الذي يبدو أنه بانتظار توافقات لم تحدث بعد، وبحسب الخبراء هناك بعض العراقيل بشأن تشكيل الحكومة لم تحل بعد، وأن بعضها يتمثل في تصفية الحسابات بين الأطراف الداخلية، وبعضها يتمثل في الخلاف الدولي بشأن طبيعة تشكيلة الحكومة والشروط التي فرضت من بعض الدول.
وفي وقت سابق أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، أن العديد من المعوقات ستأخر تشكيل الحكومة الجديدة، لافتًا إلى أن "لبنان ينهار"، وقال في كلمة متلفزة، أمس الأربعاء، "ربما نتأخر في تشكيل الحكومة وهذا الأمر للأسف يشكل ضغطاً على البلد"، مضيفًا "أتمنى أن يكون هناك حكومة، ولكن لا يزال هناك تعقيدات واضحة والأكيد أن هناك وضوحا في المشاكل السياسية الموجودة".
من ناحيته قال الخبير اللبناني أيمن عمر، إنه للوهلة الأولى عند تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، بدا بعض التوافق السياسي الداخلي المدعوم بغطاء خارجي، وانعكست الأجواء الإيجابية لهذا التكليف، الذي بات جزءا من التقليد اللبناني عشية أي تكليف، وأضاف أن التكليف جاء في ظل ظروف معقدة، وتردد الجانب الفرنسي في هذا الاختيار، حيث كانوا يفضلون شخصية أخرى، فيما كان الموقف الأمريكي أيضاً يتصف بالضبابية من هذا التكليف، إضافة إلى المقاطعة الخليجية.
وبحسب الخبير، منذ اليوم الأول لم تكن الأمور ميسرة لتذليل كل عقبات تأليف الحكومة، وبذلك قد يكون المشهد أمام مرحلة طويلة بشأن عملية التأليف، وخاصة أن هناك سوابق تاريخية في هذا الإطار.المشهد الحالي الذي وصفه عمر بـ"الاستعصاء السياسي"، يتطلب عملية إعادة بناء الثقة المحلية بعيداً عن كل الانقسامات الداخلية والاصطفافات الخارجية.يرى عمر أن الرئيس سعد الحريري يراهن على مجيء الرئيس الأمريكي جون بايدن، لتجنب العقوبات الهستيرية التي يمارسها دونالد ترامب، والتي يخشى الرئيس الحريري أن تطاله في حال قدم تشكيلة حكومية لا ترضي رغبات ترامب.
وبحسب عمر ينتظر الحريري استلام بايدن سدّة الرئاسة في 20 يناير/ كانون الأول المقبل، وأن كل الأطراف السياسية تنتظر أيضاً هذا الاستحقاق لتوقعهم نشوء مناخات إيجابية وزيادة قدرة الرئيس الفرنسي ماكرون على التعاطي مع الملف اللبناني في ظل إدارة بايدن، وخاصة مع ما يتردد عن عودة الاتصالات الأمريكية الإيرانية وإحياء اتفاق نووي معدّل.
المخرج من الأزمة
المخرج من الأزمة يكمن في المرحلة الأولى في معاودة الاتصالات بين كل القوى السياسية وإجراء نوع من المصالحة الداخلية، لكن لبنان يحتاج إلى مؤتمر وطني جديد أكبر من اتفاق الدوحة، وأقل من اتفاق الطائف، لأن الانقسامات الداخلية تجعل المشهد أكثر تعقيداً تجلّى ذلك في موجة التصفيات والتصفيات المضادة بين بعض القوى السياسية، بحسب عمر.
هل يتنحى الحريري؟
وأشار الخبير إلى أن فكرة تنحّي الرئيس الحريري غير واردة، لاعتقاد أغلب الأطراف السياسية أنه هو الحل الوحيد للأزمة بالإضافة أنه - وبسبب التركيبة اللبنانية الطائفية- يمثل الغطاء السني المطلوب والميثاقية لأي قرارات ستتخذها الحكومة عند تشكيلها.
ما أسباب الإخفاق؟
فيما قال الخبير السياسي اللبناني حسن حردان، إن سبب الإخفاق الرئيسي في تشكيل الحكومة يعود لتمسك الحريري في تسمية الوزراء من قبله، والحصول على حصة في الوزارة بأكبر ما يمثله.وأضاف في حديثه أن طرحه بعض الشروط على رئيس الجمهورية يشكل عقدة أساسية ومخالفة لتوازن القوى في البرلمان.وأوضح أن المحور الثاني يعود إلى العامل الخارجي الذي يحول دون تفكيك العقد الأساسية من خلال تشكيل حكومة كما هو معمول بعه في لبنان طبقا للتمثيل الطائفي، خاصة أن الولايات المتحدة وضعت بعض شروطها التي عقدت المشهد.
اشتباك بين الشرق والغرب
في ذات الإطار قال الأكاديمي اللبناني الفرنسي، مسؤول لجنة الحزب الفرنسي الحاكم في شمال لبنان، إن الأمر يوضح الاشتباك بين الشرق والغرب على المسرح اللبناني، خاصة في ظل غياب الحضور الدولي بشكل كبير في الفترة الأخيرة، فيما يعيش الداخل تصفيات حسابات بين الأطراف اللبنانية دون الانتباه للوضع العام في لبنان، وأضاف أن المخرج من الأزمة يتمثل في ضرورة الضغط من أجل تشكيل الحكومة، والضغط الشعبي أيضا، خاصة أن الحريري لن يتنحى عن تشكيل الحكومة مرة أخرى، خاصة أن تنحيه هذه المرة ينهي به مكانته السياسية في لبنان.
وكان الحريري قد تعهد لدى اختياره رئيسا للحكومة للمرة الرابعة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بتشكيل حكومة سريعا، تكون قادرة على إحياء خارطة الطريق الفرنسية. لكن الخلافات السياسية القديمة عرقلت محادثات تشكيل الحكومة في وقت تتجه فيه البلاد نحو ما تحذر وكالات الأمم المتحدة من أنه سيكون "كارثة اجتماعية".
قد يهمك أيضاّ :
تباين بين الرئيس عون وسعد الحريري بشأن التشكيلة الحكومية
سعد الحريري يتحدث عن "تعقيدات وثقة مفقودة" والحكومة اللبنانية إلى العام المقبل