بيروت - لبنان اليوم
قبل أن يستقيل الرئيس سعد الحريري كان سبقه إلى هذه الخطوة وزراء "القوات اللبنانية"، فيما كان رئيس تيار "المستقبل" لا يزال رئيسًا للحكومة، التي تعثرّت خطواتها بفعل عاملين اساسيين أدّيا إلى إتخاذ معراب هذا الموقف، وكررته بعد ذلك عندما رفضت الدخول في أي حكومة، لأنها كانت تطالب بواحدة لا تضم سوى وزراء تكنوقراط ومستقلين عن الأحزاب.
فالعامل الأول الذي أضعف حكومة "إلى العمل" تمثّل في الهوة التي كانت تفصلها عن الشارع المنتفض، الذي عبّر عن رفضه لها وتحرّك تحت شعار "كلن يعني كلن"، من دون أن يستثني المنتفضون أي فريق، حتى "القوات اللبنانية"، التي حاولت التقرّب منهم عندما إستقال وزراؤها، ومن خلال سلسلة مواقف أتت متماهية مع المطالب الشعبية، وعلى رأسها تشكيل حكومة إختصاصيين لا تكون الأحزاب السياسية ممثلة فيها، بحيث تنبع قراراتها من رحم الثورة، التي يعتقد كثيرون أنها لم تنزوِ، بل هي في طور التحضير لما بعد جائحة الـ"كورونا".
أما العامل الثاني الذي أدّى إلى ترنح الحكومة السابقة فهو كان بتمّسك الحريري حتى آخر لحظة، وقبل أن يقدّم إستقالته، بالتسوية الرئاسية، التي شهدت على مدى ثلاث سنوات تقريبًا عدم ثبات، وكان ينتابها طلعات ونزلات أدّت إلى زعزعة الثقة التي على اساسها قامت هذه التسوية، وأدّت أيضًا إلى إتخاذ الحريري خطوة الإستقالة من دون أن يشاور الرئيس ميشال عون، بعد محاولات أخيرة للملمة أجزاء ما أنكسر بينهما من خلال الورقتين الإصلاحيتين الإقتصاديتين، اللتين إقترحاها، واللتين لم تبصرا النور لأن الأحداث على الأرض تجاوزتهما، وتم حرقهما في الشارع.
وبعد إستقالته كان ينتظر الحريري أن تعاد تسميته كخيار وحيد لتشكيل حكومة تكنوقراط، بعدما إحترقت أوراق كل من محمد الصفدي وبهيج طباره وسمير الخطيب، إلاّ أن موقف كل من "القوات" التي رفضت تسمية أحد، مما إنعكس توترًا في العلاقة بين معراب و"بيت الوسط"، وكذلك الحزب التقدمي الإشتراكي الذي أعلن أنه سيسمي السفير نواف سلام، الأمر الذي إنعكس سلبًا على حظوظ الحريري وإتجاه أحزاب 8 آذار على تسمية الدكتورحسّان دياب، بعدما كان الثنائي الشيعي (الرئيس نبيه بري "حزب الله") قد أبديا إستعدادهما لتسمية الحريري، الذي بقي متمسكًا بموقفه الظاهري برفضه قبول العودة إلى السراي الحكومي، على رغم "لبن العصفور" الذي قدمّاه له.
وإستنادًا إلى تاريخ العلاقات "المعوكرة" بين "بيت الوسط" ومعراب وكلمنصو، فإن ما يجمع بين هذه الأقطاب الثلاثة هو معارضة السياسة التي تتبعها حكومة دياب، أقّله بالنسبة إلى العناوين العريضة، حيث لا خلاف بينها عليها، على عكس التفاصيل، التي لا تزال تحتاج إلى أكثر من قاسم مشترك بينها لكي تصبح المعارضات المشتتة معارضة واحدة تحت سقف واحد، تمامًا كما كانت عليه الحال قبل التسوية الرئاسية، التي أخرجت كلًا من "القوات" والإشتراكي" من معادلة الشراكة الحقيقية في الحكم.
فهل تفرض التطورات على الأقطاب الثلاثة التجمّع من جديد تحت راية معارضة واحدة تكون بخلفياتها وأهدافها أقوى من المعارضات المشتتة، وهل سيكون الوزير السابق وليد جنبلاط المبادر لإعادة لمّ الشمل؟
المؤشرات توحي بأن لا جديد تحت شمس معراب و"بيت الوسط" وكليمنصو، إلاّ إذا حصل ما ليس في الحسبان، وفعلت الوساطات الخارجية فعلها.
قد يهمك ايضا:كتلة المستقبل تؤكد أن الحكومة تعيش في واد والشعب في واد آخر