بيروت - لبنان اليوم
على وقع الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد، ومع تفاقم الأوضاع نحو الأسوأ في ظلّ تفشّي فيروس "كورونا" المستجدّ (COVID-19)، وفي ظلّ الديون الخارجية التي لم يستطع لبنان سدادها مؤخرًا ما أدّى إلى خفض تصنيفه الائتماني مجددًا، يحاول لبنان جاهدًا الخروج من المأزق المالي، وإعادة جدولة ديونه مرة أخرى.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية، فقد أعلن لبنان أنّه يعتزم وضع اللمسات الأخيرة على خطّة لإعادة هيكلة الدين العام الهائل للبلاد بحلول نهاية العام 2020، وذلك بعد أسابيع على أول تخلّف عن الدفع في تاريخ البلاد، والخاصة بسندات "اليوروبوندز"، والتي كانت مستحقة في التاسع من آذار الماضي.
ووفقًا للتقرير، فإنّه ومع إعلان الحكومة عن تطبيق خطة إنقاذ اقتصادية واسعة، تساءل البعض بشأن إمكانية نجاح هذه الخطة في انتشال لبنان من أزمته الاقتصادية الطاحنة، والمطلوب لإنجاح هذه الفرصة.
وزني في تبيان لحاملي اليوروبوند: خطة الانقاذ تحتاج لاصلاح القطاع المصرفي
الخطّة الانقاذية ستكون محكمة
خطة إنقاذ
وتعهّد وزير المال، غازي وزني، بـ"إعادة هيكلة كاملة للدين العام المقوّم بكلّ من الليرة والدولار" في إطار خطة إنقاذ اقتصادية واسعة. وقال خلال تبيانٍ مباشر عبر الإنترنت مع حاملي سندات "اليورويوند": "هدفنا هو وضع اللمسات الأخيرة على جدول الأعمال الطموح هذا قبل نهاية العام 2020".
كذلك، تعهّد بـ"إصلاح معمق للقطاع المصرفي، إضافة إلى إصلاح مالي لتعزيز النمو، ولا سيما من خلال تنمية الاقتصاد المنتج"، واصفًا النموذج الاقتصادي اللبناني بأنّه "معطل".
ويشير التقرير إلى أنّ لبنان يرزح تحت عبء دين عام يعادل أكثر من 170% من ناتجه المحلي، وبذلك يعد من أكثر الدول مديونية في العالم.
خطوط عريضة
وينقل التقرير عن الخبير الإقتصادي، الدكتور عماد عكوش، قوله إنّ "وزير المال رسم خطوطًا عريضة للخطة التي ستعتمدها الحكومة اللبنانية لتطبيق خطة التعافي الاقتصادية والتي ركز عليها من خلال إطلالته على الإنترنت والتحدث خاصة مع الدائنين في سندات الأوروبوندز والبالغة قيمتها حوالي 31.3 مليار دولار".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أنّه "حتّى الساعة لم تتضح خطة وزير المال، لكنّه أعلن الخطوط العريضة لها في عدة مقابلات وهي تتحدث عن احترام توصيات صندوق النقد الدولي وخاصة المتعلقة بمعالجة الفساد والهدر، وتخفيض عبء خدمة الدين العام من خلال تخفيض الفوائد وقد بدأت بوادرها تظهر من خلال إصدار "مصرف لبنان" لعدة تعاميم تتناول هذا الموضوع".
وتابع: "وكذلك معالجة ملف الكهرباء والهدر الكبير فيه، ونحن ذاهبون إلى خطة جديدة في هذا الملف يعالج موضوع الهدر، بالإضافة إلى هيكلة الدين العام من خلال إعادة جدولة الديون وتخفيض الفوائد، وانعكاسها على كلفة خدمة الدين العام".
التوافق السياسي
وأشار الخبير الإقتصادي عكوش إلى أنّه "يمكن أيضًا إضافة الشفافية وخاصة في حسابات "مصرف لبنان" وآخرها تكليف وزير المال بالتعاون مع "مصرف لبنان" والجهات المختصة بالتدقيق في حسابات "مصرف لبنان" للوقوف عند الأرقام الحقيقية لهذا المصرف وخاصة لناحية نتائج أعماله، والاحتياطيات الحقيقية المتوفرة لديه".
وبشأن إمكانية نجاح هذه الخطة، قال: "وزير المال أكّد أيضًا على ضرورة التوافق السياسي لأيّ طلب بالمساعدة سواء من الصندوق أو البنك الدوليان، ونجاح الخطة يستند بشكل أساسي على التوافق السياسي وهذا ما يفتقده لبنان للأسف، فاللبنانيين لم يتفقوا يوما على مشروع والأسباب متعددة، منها مناكفات سياسية، ومنها مصالح اقتصادية لابتزاز القرار السياسي".
وختم عكوش بالقول: "تبقى العبرة في قدرة الحكومة على تجاوز هذه المطبات والصغوطات التي كان أولها سحب قانون الكابيتال كونترول تحت الضغط السياسي والذي كان سينظم العلاقة ما بين المودعين والمصارف، وإن كان لدينا ملاحظات على بعض بنوده".
أزمات اقتصادية
من جهة أخرى، ينقل التقرير عن الناشط المدني، رياض عيسى، قوله إنّ "هناك أزمات عدة تواجه لبنان يواجه من بينها الوضع الاقتصادي والمالي، والديون الخارجية والداخلية وأزمة المصارف، وكذلك مواجهة فيروس كورونا".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أنّ "الحكومة عليها التركيز للدخول في مفاوضات حول إعادة هيكلة الديون، ومحاولة تأخير تواريخ الاستحقاقات المالية، وتصغير حجم المبالغ المسددة، لأن الكبيرة منها لن تكون الدولة قادرة على دفعها".
وتابع: "وكذلك على الحكومة وضع خطط لتخفيض الهدر والنفقات ومعالجة الفساد، وتنشيط القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، من أجل استعادة الوضع الاقتصادي مرة أخرى".
موقف أخير
وكانت الحكومة أعلنت، يوم الإثنين، أنّها ستتوقف عن سداد كل مستحقات سندات "اليوروبوند" بالدولار الأميركي، وذلك بعد تعليق لبنان سداد سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار كانت تستحق في 9 آذار، للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
ونتيجة لذلك، وخفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" تصنيف الديون السيادية اللبنانية بالعملة الأجنبية إلى "تعثر انتقائي عن السداد" وحذرت من أن المحادثات بشأن إعادة هيكلة الدين قد تتعقد وتطول.
وقالت الوكالة إنّها خفضت تصنيف ديون لبنان السيادية بالعملة الأجنبية إلى "تعثر انتقائي". وقالت إنّها ستلغي على الأرجح هذا التصنيف بمجرد مبادلة أي دين أو تفعيل اتفاق إعادة هيكلة بين لبنان ودائنيه، وقالت إنّ مفاوضات إعادة الهيكلة قد تتعقد لأنها لا تتوقع تمويلًا من "صندوق النقد الدولي" يُحتمل أن يوفر ركيزة للسياسة أو يحث بقية المانحين الدوليين على تقديم دعم.
قد يهمك ايضا:
فنان لبناني يقطع الطرقات المؤدية إلى بلدته لمواجهة كورونا
تقرير يرصد أن العالم على أعتاب أزمة اقتصادية بسبب وباء "كورونا"