بيروت - لبنان اليوم
في زمن الـ"كورونا"، وفي زمن الحجر المنزلي، وفي زمن السباق مع الوقت، وفي زمن التدابير الوقائية، وفي زمن المصائب وتزايد عدد الإصابات بالوباء الكوروني، يُعاب علينا الحديث عن أمور أخرى تُعتبر تافهة قياسًا إلى خطورة ما نتعرّض له جرّاء هذا الإجتياح الخطير لهذا الفايروس، الذي شلّ مفاصل العالم وضرب أساسات كبريات الدول، التي تقف عاجزة أمام هول الكارثة، التي أحدثها الزلزال الكوروني، إذ لا صوت يعلو على صوت مواجهته ومحاربته بشتى الوسائل، أو بالأحرى عدم مواجهته والإختباء منه في المنازل وحماية النفس منه بالتي هي أحسن.
وعلى رغم ما نتلقاه من نصائح ودروس في الأدبيات نرى كيف أن الآخرين يستفيدون من إنشغال الناس في ما يعود بالنفع المباشر لهم من خلال تدابير الحجر المنزلي، وعدم الإكتراث بما يجري من حولهم، إذ لا همّ في هذه الأيام العصيبة سوى تأمين الحماية الضرورية من هذا الفايروس، الذي ينساب كاللص متسللًا من دون إستئذان.
فكيف يستفيد هؤلاء من إنشغال الناس بالأهمّ وتركهم المهمّ لآوانه؟
أمثلة كثيرة تُظهر لنا كيف أن الدويلات، أينما وجدت، وهي كثيرة وغير محصورة بفئة دون أخرى، تحاول "الدوبلة" على الدولة الأمّ، وتحاول إظهار عجزها في ظل الأزمات الإقتصادية والمالية التي تمر بها، وذلك من خلال "التمريك" عليها أحيانًا، أو من خلال إظهارها كأضعف الأقوياء، خصوصًا أن قسمًا من هؤلاء الأقوياء منخرط في حكومة هذه الدولة المستضعفة والمغلوب على أمرها.
ومن بين الأمثلة الظاهرة للعيان المحاولات، التي يقوم بها هذا الفريق أو ذاك للدلالة على مدى التخبّط الواقعة فيه الحكومة، إذ لا يكتفي هؤلاء، وبالأخصّ من يُعتبرون من أساسات تكوين الحكومة، التي سميت "حكومة اللون الواحد"، وهي كذلك بالفعل، بتسجيل النقاط وإثبات وجوده من خلال ما يفرضه من شروط لكي تسيرعجلة الدولة، وإن بالحدّ الأدنى المطلوب، وهي شروط يستفيد منها لتعزيز حضوره السياسي، الذي يبدو أنه آيل إلى الأفول، أقله في المرحلة الفاصلة بين الإستحقاقات الكثيرة، والتي تشكّل تحدّيًا للدولة.
كان حري بكل الأحزاب، ولاسيما تلك التي تتكون منها السلطة الحالية، أن تقدّم الدعم المعنوي والمادي للحكومة من أجل محاربة هذا الوباء العالمي، الذي تتخطّى تاثيراته إمكانات الخزينة اللبنانية الشبه خاوية، وليس العكس، بمعنى عرض العضلات وإظهار كم هي الإمكانات الفردية الحزبية أقوى من إمكانات الدولة المستنفرة على كل الجبهات.
فبدلًا من عرض العضلات والتباهي بالأعداد، التي يمكن تجييرها لمكافحة هذا الفايروس، كان الأجدى وضع هذه الإمكانات في تصرّف الدولة إذا كان هذا الفريق أو ذاك يريد حقيقة أن تكون الدولة المركزية قوية بما يؤهلها لكي تحمي شعبها وتؤّمن لمن هو في أكثر حاجة للمساعدة ما يكفيه حتى يبقى في منزله من دون أن يهدّده شبح الجوع الكافروينغّص عليه عيشته المتواضعة.
وبدلًا من التمادي في تظهير صورة الحكومة على حقيقتها كان على هذا المكّون الأساسي لصيرورة هذه الحكومة ألاّ يعقّد الأمور أكثر مما هي معقدّة، وكان يكفي أن يعطي إشارة ولو عن بعد لكانت التشكيلات القضائية قد سلكت مسلكها الطبيعي، ولكان لحاكم مصرف لبنان نواب أصيلون، ولكان تمّ تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، ولكان المجلس الجديد لشركة كهرباء لبنان قد ابصر النور، ولما تمّ تهريب العميل عامر الفاخوري بهذ الطريقة المهينة للدولة، وبذلك تبقى الدولة أضعف من أن تواجه التحديات وأضعف ممن يعتبرون أنفسهم أقوى منها.
قد يهمك ايضا:لبنان يكثّف إجراءات تطبيق حظر التجوّل مع ارتفاع إصابات "كورونا" إلى
تونس تعلن تسجيل 51 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا وإجمالي المصابين يصل إلى