أنقرة - لبنان اليوم
اختتم وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، زيارته إلى لبنان في 8 أب/ أغسطس الماضي، عقب انفجار مرفأ بيروت، بالتأكيد على أن "تركيا لن تترك أبناء جلدتها التركمان سواء في لبنان أو أي مكان آخر في العالم"، ليعود الحديث عن سعي أنقرة إلى "الاستثمار السياسي" في الحاضنة السنية". ومع تراجع الاهتمام السعودي بالتطورات السياسية اللبنانية، يقول متابعون إن "تركيا وجدت أن الساحة أصبحت خالية لتمددها انطلاقا من الشمال اللبناني ومدينة طرابلس تحديداً، وكذلك مدينة صيدا الجنوبية"، ولكن كيف يحصل ذلك؟
وتقول مصادر، إن الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) هي "الذراع التمددي لأنقرة في طرابلس وصيدا"، وخصوصاً أن المحافظتين تضمان أكبر تجمع سني شمالي البلاد وجنوبها، حيث يتم تمويل مشاريع عدّة أبرزها في مجال البناء وإنشاء شبكات مياه.
وأكّد رئيس جمعية في صيدا، رفض التصريح عن إسمه، بأنّ زميله في جمعية أخرى طلب التقدم بطلب تمويل لتيكا، لأنها "جاهزة لتقديم المال". وفي صيدا مستشفى تركي، انتهى تشييده عام 2010، إلا أنّه لم يفتح أبوابه للمرضى لخلافات محلية، وقد أمر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالعمل على فتحه سريعاً، وذلك بعد زيارة ميدانية لمدينة صيدا، قام بها رئيس مجلس الصحة في الرئاسة التركية، سركان طوبال أوغلو، في آب الماضي.
وقال رئيس مجلس الصحة حينها إنّ "الرئيس تركي مستاء من بقاء المستشفى مغلقاً", أمّا في محافظة الشمال، فيوجد قرية الكواشرة في قضاء عكّار، وهي تعتبر أكبر تجمع للتركمان في لبنان، وعن طريقها تخرج المساعدات المالية، وفقاً للمصادر. وأكّد مسؤول العلاقات في بلدية قرية الكواشرة، محمد العلي، أنّ "تركيا تساعد كل لبنان، من جنوبه إلى شماله، لاسيما أنّها مهتمة بالتركمان ومستعدة لإعطائهم الجنسية"، موضحاً أنّ "التقدم إلى طلب مساعدة يتم عبر الجمعيات التركمانية حصراً أبرزها الجمعية اللبنانية التركية، أو رابطة التركمان في لبنان".
ولفت إلى أنّ "المساعدات التركية تتمثل بدعم مدارس، إنشاء شبكات ري، حفر آبار مياه، إعادة ترميم أبنية ومواقع تراثية في طرابلس، يعود تاريخ بنائها إلى الحقبة العثمانية"، كاشفاً أنّه "هناك توجهاً لتنظيم التواجد التركماني في لبنان ضمن غطاء سياسي جامع، نستطيع فيه الحصول على مقاعد تمثلنا في السياسة العامة". وفي سياق متصل، كشف وزير الداخلية محمد فهمي، في وقت سابق، عن ضبط الأجهزة الأمنية لتسعة ملايين دولار أميركي بحوزة أشخاص أتراك وسوريين قادمين إلى لبنان، في وقت تعاني فيه البلاد من شح في الدولار، ما استدعى فتح تحقيق قضائي لم تخلص نتائجه بعده.
وعن هذا الاهتمام التركي بلبنان، اعتبرت الباحثة السياسية المتخصصة في الشؤون الإقليمية والتركية، هدى رزق، أنّ "تركيا تريد التوسع وفرض نفوذها في المنطقة، وهي تتدخل في بؤر الصراعات لتلاقي موطئ قدمها، خاصة في المناطق السنية". وأوضحت رزق أنّ "تركيا تبحث عن الفراغ السياسي عند السنة، لتتواجد فيه، وهذا ما حصل فعلاً في سوريا، وتحاول القيام به في العراق، وفي لبنان بعدما شعرت أنّ السعودية سحبت يدها من لبنان منذ حوالى الثلاث سنوات".
وأضافت أنّ "التمدد التركي ليس بالجديد، إذ بدأ عام 2004 مع الحركات والتجمعات الإسلامية في صيدا وطرابلس، ولكنه يتخذ اليوم شكلاً مختلفاً وهو المساعدات الإنسانية"، لافتةً إلى أنّ "وجود التركمان في قرية الكواشرة ساعد أنقرة التي في محاولة دخولها إلى الميدان اللبناني". ووفقاً للباحثة السياسية، فأنّ "مرفأ طرابلس يشكّل عاملا جاذبا مهما لتركيا بسبب قربه من قبرص". وعن "تيكا"، شددت رزق على أنّ "الوكالة هي الطريق التمهيدي للتواجد التركي العسكري والسياسي، وهذا ما حصل في سوريا وغيرها، واليوم تنتشر هذه المؤسسة في الصومال، السودان، مالي، ولبنان وذلك بغطاء تنموي يخفي وراءه أهدافاً سياسية".
قد يهمك ايضأ:
أنقرة ترسل وفدًا عسكريًا إلى روسيا الإثنين لمواصلة المباحثات حول إدلب