رئيس الحكومة حسّان دياب

تكاد تكون "كورونا" النافعة الوحيدة لبقاء حكومة الرئيس حسان دياب على قيد الحياة، فأفق التفاهم بين قوى الأكثرية يكاد يصل إلى أفق مسدود؛ ولولا جائحة covid 19 لكانت كرة النار انفجرت بالمعنيين الأقربين.

يمكن الاستفادة من مجموعة عبر مستخلصة هذا الأسبوع لمحاولة رسم المشهد السياسي للمرحلة المقبلة، فما جرى في جلسة التعيينات المالية الظاهر منها والمكتوم والذي أدى إلى تطيير هذا البند وما رافقه من اشتباك سياسي، أضاء وبقوة على المشهد المستتر وراء كورونا واولوياتها الحاكمة.

ووفر "كورونا" للحكومة الأوكسجين لتستطيع أن تستفيد منه بأداء جيد قد يؤمن لها الحد الادنى من ثقة شريحة واسعة من الشعب اللبناني؛ لكن جلسة التعيينات المالية وقبلها التشكيلات القضائية وقبلها الكابيتال كونترول، فضلا عن الاشتباك الذي حصل حول عودة المغتربين قبل العودة الى التفاهم على عودة هؤلاء، يعيد التذكير بأن أولوية ما بعد كورونا تبقى دائما المشروع الانقاذي الذي يفترض أن هذه الحكومة ولدت وترعرعت من اجله كمهمة وحيدة ؛ وبالتالي، فإن التشرذم الذي عصف بواقع الحكومة في جلسة التعيينات، عطفا على كلام الرئيس دياب خلال تلك الجلسة عندما حاول القفز من سفينة المحاصصة التي كان الجميع فيها يتشارك تقاسم "قطعة الجبنة" والسجال حول التدخل الأميركي بالتعيينات المالية في ظل اتهام "حزب الله" سفيرة واشنطن في لبنان دوروثي شيا بالسعي الى فرض استمرارية اسم محدد ضمن نواب حاكم مصرف لبنان في موقعه مهما كان الثمن، والغياب المتعمد لوزيري تيار "المردة" ميشال نجار ولميا يمين دويهي بالتوازي مع الهمس عن تنسيق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري  ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية؛ كل هذه العناوين تنذر بشر ما هو قادم.

يوصل الإنذار السابق الذكر إلى خلاصة سريعة مفادها بأن هذه الحكومة لا يمكن أن تتصدى للمهمة الاساس التي أتت من أجلها وبصددها ولا يمكن لها أن تكون بمستوى مخاطر المرحلة المقبلة وبمستوى آمال الناس إلا بتفاهم سياسي بين قوى الاكثرية التي انتجت هذه الحكومة، يرتب الاولويات ويرسم خارطة الطريق ويؤمن الحصانة السياسية المطلوبة لتحديات النجاح.

الأكيد في التعيينات المالية أن رئيس تكتل "لبنان القوي" جبران باسيل لم ينسق مع "حزب الله" وقرر التعاطي مع هذا الملف وفق "الخصوصية المسيحية" من دون  التفاته إلى دقة المرحلة التي تتطلب منه أن يضع جانبا  التجاذبات مع الاحزاب المسيحية الاخرى والتفرغ والقوى السياسية لمعالجة الأزمات والتكاتف من أجل تفادي الأعظم ولملمة الأوضاع الصحية بأقل الخسائر الممكنة، لا سيما أن كل الاحصاءات الجارية ترجح حدوث انفجار اجتماعي ما بعد كورونا.

وعليه، فإن مكوكية "حزب الله" بين ضفتي الحكومة (رئيس الجمهورية العماد ميشال عون  ورئيس الحكومة والتيار الوطني الحرمن جهة) (وبري وفرنجية من جهة اخرى) لم تعد قادرة على لملمة حالة التشظي والتمزق الحاصلين، وهذا يعني أن المشهد سوف يكون أمام احتمالين: الاحتمال الأول أن تكون الحكومة في الفترة المقبلة أمام تعقيدات أصعب. والاحتمال الثاني أن تلجأ مكوناتها إلى اعادة قراءة وتشخيص للداء السياسي الذي تعانيه وبالتالي تركيب دواء أكثر نجاعة ليؤهلها مواجهة من تسميهم الاعداء في الخارج والخصوم في الداخل خاصة وانها لم تكلف من خرج منها وينتظرها على مفترق الطريق عناء بذل اي جهد للهجوم والتصويب على ادائها في ملفات الاقتصاد والمال والتعيينات، فهي وفرت لهؤلاء المادة المطلوبة لينالوا منها، وتثبيت نقولتهم أن الاكثرية  الحاكمة  ليست مؤهلة لإدارة البلد وإنقاذه بفعل سياساتها التحاصصية وأولوياتها القائمة على بسط النفوذ وتحقيق المكاسب.

وبانتظار المسار الذي ستسلكة حكومة دياب، الثابت، بحسب المعنيين، أن حزب الله لن يقبل بالدخول الاميركي على خط التعيينات المالية، وتيار "المستقبل" الذي يعتبر بالشكل خارج الحكومة سيضغط من جهته حماية لنفوذه في الحاكمية، وباسيل بدوره سيواصل الضغط من اجل السيطرة على معظم التعيينات المالية والمصرفية، رغم الرسائل التي تلقاها بالمباشر وغير المباشر من حليفه "حزب الله" وتدعوه للتهدئة، وبالتالي فإن ما تقدم، يشي بأن الحكومة الراهنة سقطت في فخ المحاصصة والمحسوبيات ولن تكون افضل من سابقاتها؛ فالحبل على الجرار في ما يتصل بالكثير من الملفات العالقة بسبب الخلافات على المصالح.


قد يهمك أيضًا

اجتماع للجنة الطوارىء الوزارية للمساعدات الاجتماعية

3 ملفات معيشية ملحّة في انتظار حكومة حسان دياب