بيروت- لبنان اليوم
لم يتأخّر رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية في الردّ على العقوبات الأميركيّة التي طالت قياديَّيْن شديدي القرب منهما، هما الوزيران السابقان علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، واللذين اتفقا على اعتبارها "سياسية بالدرجة الأول".
صحيحٌ أنّ بري "استنفر" كلّ طاقته في الردّ على العقوبات، فعقد اجتماعاً "طارئاً" لهيئة الرئاسة في حركة "أمل"، أصدر من بعده بياناً موسّعاً توقف فيه مطوّلاً عند "التوقيت الملتبس" للخطوة الأميركية، في حين اكتفى تيار "المردة" ببيانٍ مقتضبٍ لرئيسه سليمان فرنجية وصف فيه العقوبات بـ "قرار الاقتصاص".
لكن، بين بياني "أمل" المطوّل و"المردة" المقتضب، خلاصةٌ واحدة حرص الجانبان على تظهيرها، تختصرها عبارة "الرسالة وصلت"، التي كرّرتها أوساطهما، وهي تجزم بأنّ الهدف منها لن يتحقّق، بل إنّ مفعولها سيكون "عكسيّاً" في الواقع.
لماذا خليل وفنيانوس؟!
ثمّة أسئلة كثيرة طرحتها أوساط "أمل" و"المردة" خلال الساعات الماضية عن سبب شمول العقوبات الوزيرين حسن خليل وفنيانوس على وجه التحديد، دون سائر الأفرقاء الذين تسرّبت أسماؤهم مطوّلاً في الآونة الأخيرة، علماً أنّ اسم حسن خليل شكّل "مفاجأة" لكثيرين، هو الذي خلت كلّ التسريبات السابقة من أيّ أثرٍ لاسمه.
ومع أنّ الكثير من العارفين، وبينهم خبراء متخصّصون في الشأن الأميركي، أكّدوا أنّ الخطوة ليست سوى "مقدّمة"، باعتبار أنّ عقوباتٍ "تصاعديّة" ستصدر في القادم من الأيام، وستشمل سياسيّين ورجال أعمال لبنانيّين بالجملة، فإنّ ذلك لم يُشفِ غليل "المستغربين"، تماماً كما أنّهم لم يقتنعوا بمقولة أنّ اختيارهما أولاً جاء لـ "حساسيّة" المواقع التي شغلوها، أو لاكتمال ملفّات "الفساد" بحقّهما.
وتقلّل أوساط الحزبيْن المعنيَّيْن من هذا "الاعتبار"، المتناغم مع "الإيحاء" بأنّ مجموعة محامين عملت على الملفّات بحقّ الرجلين، مؤكدة أنّ العكس هو الصحيح، وأنّ التهَم "ألصِقت" بهما بعد اتخاذ القرار "السياسيّ" بفرض العقوبات عليهما، بعكس ما يُحكى عن أنّ اختيارهما تمّ على أساس "المزاعم" التي وردت في بيان الخزانة الأميركية، وإلا لكان "الأوْلى" بالأميركيّين البدء بـ "أصدقائهم" ممّن بات يصنّفهم القاصي والداني في خانة "رموز الفساد"، على حدّ قول الأوساط نفسها.
علامات استفهام
لكن، أبعد من تحليل أسباب شمول العقوبات الوزيرين السابقين على وجه التحديد، ثمّة من اختار التوقف عند "توقيت" العقوبات، ولو تمّ التمهيد لها مراراً وتكراراً، للحديث عن "مغازٍ ودلالاتٍ" لها، قد تكون أبعد ما يكون عن "الظاهر".
وتظهر هذه "الأبعاد" في بيان هيئة الرئاسة في حركة "أمل"، والتي ربطت بوضوح بين العقوبات من جهة، وأكثر من استحقاقٍ من جهة ثانية، أولها ملف تشكيل الحكومة والمبادرة الفرنسية التي لم يُعرَف بعد مدى "تأثّرها" سلباً أو إيجاباً بالعقوبات، وثانيها، وربما الأهمّ، ملفّ ترسيم الحدود الذي كشف بيان "أمل" أنه مكتمل منذ فترة، ولكنّ الأميركيّين يرفضون إعلانه دون مبرّر.
في مُطلَق الأحوال، فإنّ "استنفار" كلّ من "أمل" و"المردة" دلّ على اتجاه "عكسيّ" للردّ على العقوبات، إذ تؤكد أوساطهما أنّ "جرّهما" إلى تغيير تموضعهما، أو الابتعاد عن "حزب الله" ليس محلّ نقاش، وهو ما كان واضحاً في الردود التي صدرت، وإن كان البعض رسم علامات استفهام في المقابل عمّن تمّ "استثناؤه" من العقوبات، فاكتفى بالصمت، ربما لأنه "تحسّس الخطر" على نفسه، بل ترك المجال أمام جمهوره ليمارس أسوأ أنواع "الشماتة"، من دون حفظٍ لخطّ الرجعة.
لم يكن متوقَّعاً أن يخرج أحدٌ في "أمل" أو "المردة" ليعلن "التوبة" بعد العقوبات، اللذين اتفقا على وصفها بـ "الرسالة السياسية"، ويقرّر "الانقلاب" على نفسه وعلى تحالفه مع "حزب الله". لكن ثمّة من يقول إنّ هدف العقوبات لم يكن من هذا القبيل أصلاً، بقدر ما كان توجيه "إنذار" لغيرهما من المتعاونين مع "الحزب"، وهنا بيت القصيد...
قد يهمك أيضا :
نبيه بري يقاتل وحيداً لإخراج الحكومة اللبنانية من التأزم السياسي