بيروت - لبنان اليوم
يبدو أن حكومة الرئيس حسان دياب تمر بأحد أكبر الامتحانات التي واجهتها، إذ أن الخلافات بالجملة قد تسللت إلى مكوناتها السياسية؛ وفي مواجهة مع "ارباب"الواقع السياسي اللبناني من الصعب على حكومة" اللايت" التي شكّلها بعض هؤلاء، أن تكون قادرة على الصمود، ويبدو أن الخيار الأكثر مدعاة للسلامة لا سيما في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها لبنان على كل المستويات، أن تبحث الحكومة عن مخارج لما هو مختلف عليه وان لا تبقى رهينة بيد بعض التيارات السياسية.
قبل ايام وجه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط نقدا لهذه الحكومة عندما اعتبر أنها لم تقدم شيئا على مستوى الخطة الاقتصادية والمالية لغاية الان، ثم توج رئيس مجلس النواب نبيه بري تململه من هذه الحكومة بتهديد بتعليق مشاركة وزرائه بها في حال لم تتبن خطة عملية لإعادة المغتربين ومن دون تلكؤ، وعلى خط الاختلاف مع هذه الحكومة دخل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ايضًا،عندما تبنى الموقف ذاته داعيا الحكومة إلى موقف عاجل تدرس اجراءاته بروية و حكمة من اجل عودة آمنة لهؤلاء، خاصة و أن احدا لم يطرح العودة العشوائية ويمكن بسهولة اتخاذ الإجراءات الطبية والصحية والدخول في الاطار التنفيذي والعمل ليعود هؤلاء إلى لبنان، وفي السياق نفسه، قرر رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل تبني عودة هؤلاء واضعا قدرات التيار الاغترابية في خدمة هؤلاء.
عند هذه القضية من المستبعد ان تمتلك "حكومة الانقاذ" القدرة على مواجهة السلطة الحاكمة والامعان في معارضتها، والتمسك بالموقف الأول الذي اعلنه الرئيس دياب وأقفل به الباب على عودة المغتربين قبل 12 نيسان المقبل، ولذلك برز موقف ثاني امس بعد جلسة مجلس الوزراء يفتح الباب امام تعديل ايجابي في وجهة المعالجة.
ولا شك أن بين هؤلاء المعترضين، الاكثر تشددا هو "الاستاذ" الذي يبدو أن خلافه مع حكومة دياب ليس مرتبطا برمانة المغتربين،انما بقلوب مليانة باشكالات مشروع الكابيتال كونترول وتعيينات نواب الحاكم. فالرئيس بري قبل اسابيع كان مندفعا إلى إقرار مشروع الكابيتال كونترول الذي راجعه مرارا وتكرارا وكان يظن ان ما ينقصه لا يتعدى بعض اللمسات العابرة وهو القانون الذي يتوسع في استرداد حقوق صغار المودعين ويضيق هامش المصارف تجاه حقوق المودعين كافة، الا انه فوجىء مع الوقت ان الحكومة التي اجرت مشاورات مكثفة مع البنك المركزي وجمعية المصارف أدخلت تعديلات جذرية على المشروع الاصلي الذي تقدم به وزير المال غازي وزني الامر الذي افضى به إلى طلب سحب المشروع كله بناء على طلب من الرئيس بري، مع الاشارة إلى ان موقف حزب الله من تعديلات دياب على مشروع وزني قريب جدا من موقف حركة امل، ومن هذا المنطلق جاء مشروع الكابيتال كنترول الذي تقدم به الوزيران عماد حب الله ورمزي مشرفية، ليطيح بمشروع وزير الإقتصاد راؤول نعمة الأقرب الى المصارف، مع العلم ان المشروعين غير جديين بسب عدم أحقية هؤلاء بتقديم هكذا مشروع للحكومة كون وزارة المال هي المعنية بتقديمه.
اما في ما يتعلق بالتعيينات، فثمة اتجاه لدى عدد لا يستهان به من الوزراء إلى عدم البصم والاقرار الميكانيكي لما يملى على البعض من خارج الحكومة، بل هناك مطالبة باعتماد الية التعيين التي تقوم على تقديم 3 اسماء عن كل موقع مرفقة بسيرة ذاتية تفصيلية الامر الذي يحمل فرضية أن تفلت لعبة التعيين من ايدي القوى السياسية وبالتالي قد تفضي إلى مفاجآت لا تحمد عقباها.
قد لا يكون في موقف الرئيس دياب، وضوح كاف يشكل مبعث طمأنينة ترضي المرجعيات السياسية حيال ملف التعيينات السابقة الذكر. والملفت في هذا السياق أن السيد نصر الله لم يأت امس على الموضوع خلال اطلالته، علما ان المنطق يقول ان وزراء الحزب يجب أن يكونوا مع آلية التعيين المطروحة لا سيما أن الوزير السابق محمد فنيش هو من وضعها عندما تولى حقيبة التنمية الادارية ، بمعزل عن أن تعيينات التي أقرت خلال الحكومة السابقة لم تستند الى تلك الالية، بسبب رفض التيار الوطني الحر بشخص رئيسه الذي يبدو وفق المعنيبن،أنه لا يحبذ ان تعتمد في هذا العهد.
وسط ما تقدم، فإن مكمن قوة حكومة دياب الاساسية ليس في تماسكها وانجازاتها وخطتها الاقتصادية، إنما هو حراجة الظرف الاقتصادي والصحي من جهة، و عدم نضوج البديل من جهة ثانية وما لم يكن الأمر على هذا النحو لكان من السهل التوقع ان عمر هذه الحكومة المتخبطة بات قصيرا
قد يهمك ايضا:الحوت يؤكد أنهم مستعدون لإجلاء المغتربين فور صدور قرار رسمي بذلك
نبيه بري ينتقد شروط الحكومة لإعادة اللبنانيين العالقين في بلدان موبوءة