رئيس تيار المردة سليمان فرنجية

يقتصر تقاطع مكونات المعارضة و»التيار الوطني الحر» على رفض وصول رئيس «المرده» سليمان فرنجيّة إلى بعبدا، وذلك بعد عجز ما يزيد عن 65 نائباً من بينهم، عن التوافق حول مرشحٍ قادرٍ على خلق واقعٍ رئاسي يدفع الثنائي «أمل» – «حزب الله» إلى الإستعاضة عن ترئيس فرنجيّة، بملاقاتهم إلى صناعة رئيسٍ لا يشكل انتخابه تحدياً أو استمراراً للمواجهة السياسيّة داخل المؤسسات الدستورية.

فرضت نتائج الإنتخابات النيابيّة واقعاً أعطى «القوات اللبنانيّة» كما «التيار الوطني الحر» تفويضاً شعبياً لتمثيل غالبيّة المسيحيين في المجلس النيابي، ومن خلاله مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها كما المشاركة في إقرار التشريعات وصنع السياسات التي تصب في خدمة الناخبين واللبنانيين.

وإن كانت انتفاضة الإستقلال في 14 آذار 2005 أعادت العماد ميشال عون من المنفى والدكتور سمير جعجع من الإعتقال، فإنّ مشاركة «القوات» في السلطة التنفيذية بقيت خجولة رغم مشاركتها في صناعة عهد الرئيس ميشال عون في العام 2016، قبل أن تدفعها الفورة الشعبية في 17 تشرين 2019 إلى إشهار معارضتها للعهد ورئيس «الظل» النائب جبران باسيل. وذلك قبل أن يتحوّل باسيل إلى محطّ أنظار غالبيّة المكونات النيابيّة ومن بينهم تكتل «الجمهورية القويّة»، الباحث عن قواسم مشتركة مع تكتل «لبنان القوي» تفرض على «الثنائي الشيعي» ابعاد كأس ترئيس فرنجيّة المرّة. فهل ينقلب رهان «القوات» على «التيار» مجدداً عليها وتجد نفسها مع ما تمثّل خارج التأثير السياسي الفاعل داخل السلطة؟ وهل قدر «القوات اللبنانيّة» أن تكون إعادة ترتيب البيت الداخلي اللبناني على حسابها منذ اتفاق الطائف حتى اليوم؟

يتهيّب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قطع شعرة معاوية مع «حزب الله» والذهاب بعيداً في تقاطعه مع معارضي وصول فرنجيّة إلى بعبدا، ما دفع البعض إلى تصنيف حذر باسيل، الذي ذاق طعم ومكاسب السلطة منذ 2005 في خانة المناورة المدروسة لتعزيز مكاسبه السلطوية في العهد الرئاسي القادم، في حين وجد آخرون أن محاولة «المعارضة» استمالة باسيل إلى صفوفها تخولها المشاركة في صناعة الرئيس القادم، ومن خلاله حجز موقعها ومكاسبها في السلطة. وذلك مع تحوّل غالبيّة الأسماء الرئاسيّة الوسطيّة التي يتم التداول بها إلى «مستوزرين» بعيداً عن المواقف المبدئية.

مقابل هؤلاء، وأمام تسارع الأحداث تؤكّد أوساط «القوات اللبنانيّة» لـ»نداء الوطن»، أنها لن تكون جزءاً من تسوية تؤدي إلى انتخاب سليمان فرنجيّة رئيساً للجمهورية، ما يضعها في مواجهة سياسيّة مفتوحة مع هذا الفريق. وذلك خلافاً لموقفها من إمكانية إنتخاب رئيسٍ من الوسطيين، ما يفتح الباب أمام مقاربة مشاركتها في السلطة التنفيذيّة إنطلاقاً من طبيعة الحكومة وتركيبتها وميزان القوى المتحكمة بها والنهج الذي سيتم إعتماده كما شخصيّة رئيس الحكومة المكلّف.

وإذ تعتبر أوساط «القوات» أنه من المبكر مقاربة المرحلة المقبلة راهناً، تشدّد على أنّ التركيز مع مكونات المعارضة مسلّط على إسقاط مرشّح الممانعة والذهاب إلى انتخابات رئاسيّة وإيصال رئيس للجمهوريّة يضع لبنان على سكّة الإنقاذ بعيداً عن تأثّره بميزان قوى الأمر الواقع الذي يجسده «حزب الله».

   

ورغم أن انفتاح «القوات» على «التيار الوطني الحر» من شأنه أن يدفع «حزب الله» إلى التراجع عن دعم فرنجيّة في حال أثمر توافق المعترضين خياراً بديلاً، تشدد أوساط «القوات» على وجوب التمييز بين الإنتخابات الرئاسيّة ووضع الدولة في المسار الصحيح، وذلك إنطلاقاً من أنّ الأزمة المرتبطة بموضوع سلاح «حزب الله» ودوره لا تنتهي بانتخاب رئيس للجمهوريّة، ما يؤكّد وجود أزمتين في لبنان:

الأولى، أزمة سلاح «حزب الله» ودوره المعطّل للدولة، منذ العام 2005 إلى اليوم، على غرار الإحتلال السوري بين 1990 و 2005، كما السلاح الفلسطيني ما بين 1969 و1982.

الثانية، مرتبطة بطريقة إدارة الدولة التي تشكّل محور الصراع راهناً والتي تدور حول الإنتخابات النيابيّة ورئاستي الجمهورية والحكومة…

ومع تيقّن «القوات» أنّ اللحظة التي يتمكّن خلالها «حزب الله» من التحكّم بمفاصل الدولة من شأنها أن تعيد الممارسات التي سادت خلال حقبة الإحتلال السوري، من نفي واعتقال للمعارضة، ترى أن الشقّ الأول من معركتها يهدف إلى منع «الحزب» من التحكّم بمفاصل الدولة تجنباً لاستخدامها على غرار الإحتلال السوري، قبل الانتقال إلى الشقّ الثاني المرتبط بترسيخ الممارسات الكفيلة بإعادة الإنتظام إلى عمل المؤسسات بعيداً عن السلاح وهيمنته.

وإذ تستبعد «القوات» أن يفرض الجوّ الإقليمي المستجد في المنطقة واقعاً يحتّم إعادة ترتيب مؤسسات الدولة على حساب «القوات اللبنانيّة» وما تمثّل، تشدّد أوساطها على أن فريق الممانعة غير الجدير بإدارة الدولة في لبنان لا يمكنه استفرادها في ظلّ الوعي اللبناني الكبير الذي أثمر إنتفاضة 14 آذار 2005 كما 17 تشرين 2019، وبرز حديثاً من خلال توحّد تكتلات المعارضة في المجلس النيابي على العديد من الملفات المرتبطة بالقضاء والتحقيق في تفجير مرفأ بيروت وليس آخرها إعتبار المجلس النيابي هيئة ناخبة… وذلك وسط إعادة التأكيد على وجوب الإستفادة من التحولات الإقليميّة لاستكمال المواجهة وتطويق دور «حزب الله» المهيمن على الدولة كخطوة أوليّة للشروع في مشروع بناء الدولة إلى أن تدقّ اللحظة التي تخول اللبنانيين حلّ الإشكاليّة المرتبطة بإزدواجيّة سلاح «حزب الله» وقيام دولة فعليّة.

قد يهمك ايضاً

باريس تطالب فرنجية بضمانات والجواب عند «حزب الله»

رغبة فرنسية دفعت نصرالله للمجاهرة بدّعم فرنجية