حسن نصرالله

تحت عنوان موعظة حسن نصرالله لحلفائه: باسيل أو لا أحد، كتب منير الربيع في "المدن": يضحك جبران باسيل في سرّه وعلنه. هو الفائز بهوى قلبين، يمنحانه كل ما يريده مهما أخطأ أو شذ. عند رئيس الجمهورية ميشال عون، يحتل باسيل موقع "لا أحدّ قبله ولا بعده". وعند أمين عام حزب الله خطى باسيل خفيفة، ولو أراد المشي على الرموش.

فرحة رئيس التيار الوطني الحرّ، وفريقه ومستشاريه ومناصريه، بمضمون كلام نصر الله حول قضية إطلاق سراح عامر الفاخوري لا تُعطى لأحد. ما كاد نصر الله ينهي كلامه، حتى بدأت الاحتفالات والتهاليل، في صفوف التيار الوطني الحرّ والمستشارين. لم يأت "السيد" على توجيه أي انتقاد لباسيل، على الرغم من معرفة القاصي والداني باهتمامه بإطلاق سراح فاخوري تجنّبًا للعقوبات عليه.

الحلفاء الذين انتقدوا الحزب، لم يتمكنوا من كتم غيظهم. وهم يعرفون أن الضغوط الأميركية التي مورست كانت تستهدف باسيل. غيظهم هذا سيزداد بعد موقف نصر الله، لكنهم سيتحولون إلى أقل جرأة في الاعتراض، خصوصًا أن الرجل لوّح إلى المناصرين بإخراج هؤلاء من صفوف الأصدقاء. لا، لن يكون أمامهم سوى البقاء خانعين، أو أن يتحولوا إلى لا شيء إذا أخرجهم حزب الله من دائرته. ربما أقصى ما كان يريده هؤلاء هو أن يخرج نصر الله هادئًا عليهم، متفهمًا لانتقاداتهم ومطمئنًا لهم بالثناء على مواقفهم مستخدمًا عبارة واحدة: "يا أصدقاء وحلفاء نتفهم كل مواقفكم الاعتراضية، ونحن لا يعنينا الأميركيين ولا ضغوطهم، ولكن ما حصل كان خدمة لحلفائنا أو غض نظر لتجنيب حلفائنا العقوبات". لم يطلق هذا الموقف، شنّ هجومًا على المنتقدين بدلًا من طمأنتهم، وهم الذين تعلموا المزايدة في صفوف حزب الله، لم يستطع الحزب تحمّل مزايدتهم عليه.

إذا كان لا بد من تصديق قول نصر الله أنه لم يكن على علم بما جرى، ولا علم له بوجود صفقة، فهذا يطرح تساؤلات أخطر وأسوأ، أي أن هناك من أراد تجنب العقوبات ونفذ ما طلبه الأميركيون من دون معرفة الحزب. والأفظع، أن هؤلاء لا يلقون أي عتب أو انتقاد من قبل الحزب. على عكس، من أشهر اعتراضه على ما جرى، وطالب الحزب بتوضيح الموقف، نالت منه كبائر الحد الذي رفعه نصر الله.

دفتر الحساب

حتمًا صُدم هؤلاء الحلفاء، وهم أكثر "المبدئيين" الذين والوا الحزب وناصروه في عزّ الأزمات. طبعًا هم يعرفون أن لا وجود لهم من دون الحزب، ولكنهم أيضًا كانوا إلى جانبه في عز محاولات عزله. أسامة سعد مثلًا، وبعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي ذروة الإنقسام السنّي الشيعي، لم يذهب وراء طائفته أو جماعته، وبقي على موقفه السياسي. فنال ما نال من الانتقاد في قضية الفاخوري، وقبلها في موقفه من الثورة الشعبية. حتى ماهر حمود والذي يعتبر من داخل الجسم التنظيمي لـ"المقاومة". هؤلاء صُدموا وربما ينظرون إلى مواقعهم في قلب الحزب مقارنة مع موقع جبران. الخدمة التي قدّمها الحزب المسيحي الأكبر بالنسبة إلى حزب الله لا تقارن بأي من الخدمات الأخرى. هو المظلة الوطنية في عز أزمة "محاولة عزل الحزب". كلّفت ثمنًا غاليًا، ودفتر الحساب سيبقى مفتوحًا، طالما حاجة الحزب مستمرة إلى هذا الغطاء المسيحي. قيادة التيار تعرف مكانتها ومدى الحاجة إليها، فلا تترك فرصة لا تستثمر فيها بهذه الوضعية.

طبعًا حزب الله يفضّل باسيل وتياره على غيرهم من الحلفاء. يتربع صهر رئيس الجمهورية على عرش قلبي نصر الله وعون. يحق له ما لا يحق لغيره، ولو اقتضى ذلك مواقفه المتعددة والمتناقضة مع مواقف الحزب. فله يُغضّ النظر على موقفه بانعدام وجود حالة عداء أيديولجي مع اسرائيل، وله الحق بالحديث عن عودة "المبعدين". حتى أن دخول فاخوري إلى لبنان كان تحت خانة هذا العنوان، الذي طرحه باسيل بوضوح أمام قيادات حزب الله في جولته الجنوبية قبل أشهر. ولباسيل الحق أن يتحدث عن حق إسرائيل العيش بسلام. هذه كلها لن تستدعي هجومًا عنيفًا يشنّه نصر الله على الحليف العارف لمكانته فلا يتوانى عن التدلل.

قد يهمك ايضا:"حزب الله" يتحضّر لسيناريو خروج فيروس "كورونا" عن السيطرة

  "حزب الله" يدخل جميع اللبنانيين إلى "بيت طاعة" صندوق النقد الدولي