الرئيس اللبناني ميشال عون

حثّ مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط باتريك دوريل المسؤولين اللبنانيين على “ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة كفاءات ومقبولة من جميع الأطراف كي تباشر بالإصلاحات المطلوبة واستعادة ثقة المجتمع الدولي”، ووصل دوريل إلى بيروت، مساء أول من أمس، لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين تتناول ملف تشكيل الحكومة التي دخلت بتعقيدات إضافية منذ الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس كتلة “حزب الله” النيابية النائب محمد رعد في مقر الكتلة.

وحمل الموفد الفرنسي رسالة واضحة جدًا للحث على الإسراع في تشكيل الحكومة من أجل البدء بالإصلاحات كشرط للدخول في برامج المساعدات من صندوق النقد والبنك الدولي ومجموعة الدعم الدولية والدول والصناديق المانحة. وقالت مصادر مواكبة إن هذه الرسالة “أكد عليها الموفد باختصار مشددًا على أن الفرنسيين رغم تحديات المرحلة يولون لبنان شأنًا خاصًا” في ظل تأكيد على أن مؤتمر الدعم لا يزال قائمًا نهاية الشهر الجاري، وبالتالي فإن زيارة ماكرون إلى لبنان “لا تزال قائمة في موعدها”.

واستهل دوريل محادثاته في بيروت، أمس، بلقاء الرئيس عون الذي أكد أنه “متمسك بالمبادرة الفرنسية لما فيه مصلحة لبنان، وهذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال حكومة موثوق بها وقادرة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة التي وردت في الورقة التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس ماكرون والقيادات السياسية اللبنانية، والتنسيق بشكل فاعل مع الشركاء الدوليين الذين تعهدوا مساعدة لبنان لإخراجه من الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها”.

واعتبر عون أن “عملية التدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان والتي تعتبر من أسس هذه الإصلاحات، تواجه بعراقيل عديدة نقابلها بإصرار على تحقيقها، وقد تم التمديد ثلاثة أشهر لشركة الفاريز ومارسال تأمينًا لهذه الغاية”.ولفت إلى أن “الهم الأساسي حاليًا هو استمرار الاستقرار في البلاد وسط العواصف الإقليمية والأزمات غير المسبوقة التي يواجهها لبنان، فضلًا عن تداعيات وجود النازحين السوريين والضائقة الاقتصادية وانتشار وباء كورونا، إضافة إلى الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت”، لافتًا إلى أن “العقوبات الأميركية التي استهدفت سياسيين لبنانيين زادت الأمور تعقيدًا”.

ورأى الرئيس اللبناني أن “كل هذه الأوضاع تتطلب توافقًا وطنيًا واسعًا لتشكيل حكومة تتمكن من تحقيق المهام المطلوبة منها بالتعاون مع مجلس النواب لإقرار قوانين إصلاحية ضرورية”، مشيرًا إلى “أهمية التشاور الوطني العريض في هذه المرحلة الدقيقة”. وحمل عون المبعوث الفرنسي رسالة تقدير إلى ماكرون “لوقوفه إلى جانب لبنان في هذه الظروف الصعبة، وهذا غير مسبوق لأن الرئيس ماكرون صديق كبير للبنان”. وجدد “التضامن مع الشعب الفرنسي الصديق في إدانة الاعتداءات الإرهابية والإجرامية التي حصلت مؤخرًا ومنها الاعتداء في مدينة نيس”. وكان دوريل نقل إلى عون تأكيد ماكرون اهتمامه بالأوضاع في لبنان، مؤكدًا “متانة العلاقات بين البلدين”. ولفت إلى “دقة الأزمة الاقتصادية وخطورتها وضرورة الإسراع في تشكيل حكومة كفاءات ومقبولة من جميع الأطراف كي تباشر بالإصلاحات المطلوبة واستعادة ثقة المجتمع الدولي”. وأشار دوريل إلى أن “فرنسا ستواصل تقديم مساعدات عاجلة في مجالات عدة، لا سيما منها المجال التربوي”، مذكرًا بأن “وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه لبنان مرتبط بتحقيق الإصلاحات”.

بعدها، اجتمع دوريل مع رئيس مجلس النواب الذي وصف اللقاء مع بـ”الجيد”. وشكر بري الرئيس الفرنسي “الذي يحمل هم لبنان”، مؤكدًا على “الموقف لجهة المبادرة الفرنسية وضرورة تطبيق الإصلاحات لا سيما في مجال الكهرباء ومحاربة الفساد”، معتبرًا أن “المدخل والمخرج الوحيد لخلاص لبنان هو إنجاز حكومة اليوم قبل الغد، يكون وزراؤها اختصاصيين يحظون على الثقة التي ينتظرها المجلس النيابي بفارغ الصبر من أجل العبور بلبنان إلى بر الأمان أمام الموجات العاتية داخليًا وخارجيًا”.

ومساء، استقبل جنبلاط الموفد الفرنسي ترافقه السفيرة الفرنسية لدى بيروت آن غريو، بحضور رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور والوزير الأسبق غازي العريضي، وجرى عرض مختلف التطورات والمستجدات الراهنة. ويأتي الحراك الفرنسي في ظل مراوحة في ملف تشكيل الحكومة الذي ازداد تعقيدًا إثر التشدد الذي أبداه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عقب فرض عقوبات أميركية عليه.

قد يهمك أيضا :

حسم التشكيلة الحكومية اللبنانية الجديدة بقيادة باسيل في غضون أيام

لبنان يُقرِّر الإغلاق العام لكبح فيروس "كورونا" والرئيس عون يدعو إلى التجاوب