الضفة الغربية - ناصر الأسعد
تنتشر ألواح الطاقة الشمسية في بعض القرى العربية الأشد فقراً في الضفة الغربية وإسرائيل، والتي غالباً ما تكون منحة من الحكومات الأوروبية. إلا أن الخبراء في هذا المجال يقولون إن المشروع الذي تبلغ تكلفته 100,000 دولار في العوجا Auja هو الحقيقي الأول الذي يتم تمويله من مجموعة تضم كلاً من اليهود و المسلمين في الولايات المتحدة ويعمل في الفريق التقني يهود وفلسطينيون مسلمون.
وتحدث المزارع الفلسطيني سامر عطية البالغ من العمر 28 عاماً والذي يعمل بالقرب من البحر الميت، عن ألواح الطاقة الشمسية بطول 125 قدم، وقال بأنه يجري إستخدامها ليستمد المياة من أعماق الأرض لري البستان.والى جانب المنافع البيئية له، فإن مشروع الطاقة الشمسية يعطي دفعة إقتصادية إلى المزارعين، الذين يعانون من ندرة الكهرباء التي لا يمكن الإعتماد عليها، فضلاً عن كونها باهظة الثمن. وفي مكانٍ يجمع بين القومية والصراع الديني والسياسي، إلتف المزارعون الفلسطينيون حول المشروع. بينما أصر سعيد بن غبلونسكي وهو اليهودي من نيويورك الذي قاد المبادرة، على أن مجموعة الجهات المانحة والمهندسين غير ملزمين بأي إتصال مع المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة عبر الضفة الغربية على الأرض التي يعتبرها الفلسطينيون ملكاً لهم.
وكان غابلونسكي البالغ من العمر 33 عاماً قد إستقال من مجلس إدارة صندوق التمويل القومي اليهودي بسبب إقحام الصندوق سياسياً في مستوطنات الضفة الغربية. وأشار أحمد إنجوم الذي تمتلك عائلته العقار حيث تم بناء مجموعة من ألواع الطاقة الشمسية، وتفاوض في الصفقة لصالح 45 من عائلات المزارعين في المنطقة، إلى أن المدينة التي تستوعب 5,000 فلسطيني محاطة بالمستوطنات من الشمال والجنوب والغرب.
وأضاف إنجوم والشهير بإسم "أبو بلال" البالغ من العمر 54 عاماً، بأنه لا توجد رغبة في بناء علاقات مع الجهات المانحة المشاركة مع المستوطنين. أما بيتر بينارت، وهو أستاذ في جامعة مدينة نيويورك، ومعارض يهودي أميركي بارز للإحتلال الإسرائيلي، فيري أن مبادرة غابلونسكي هي علامة على عدم شعور الشباب من اليهود الأميركيين بالراحة مع سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية ومعارضة بناء المستوطنات.
ووصف راسل روبنسون الرئيس التنفيذي لصندوق التمويل القومي اليهودي، غابلونسكي بالقائد الذي لا يصدق، متمنياً النجاح له وللمشروع الذي يعد الأكبر. كما أكد روبنسون على أن صندوق التمويل يعمل في إثنين من المشروعات حيث مستوطنات "غوش عتصيون" Gush Etzion جنوب القدس، ولكنه ميزها عن المنظمة الإسرائيلية "كيرين كاييمت ليسرائيل" Keren Kayemet Leyisrael التي تدعم الحدائق ومسارات الدراجات وبناء المدرجات وحتى المزارع التي تعمل بالطاقة الشمسية في مستوطنات الضفة الغربية.
كما أشار روبنسون إلى معهد "وادي عربة" Arava الشريك الإسرائيلي في مبادرة ألواح الطاقة الشمسية والمستفيد الأكبر من صندوق التمويل القومي اليهودي ( المنحة التي حصل عليها المعهد في عام 2013 كانت الأكبر ووصلت إلي 1,8 مليون دولار).وقال كلايف ليبشين مدير مركز إدارة المياه في وادي عربة إن تمويل الصندوق القومي اليهودي أدى إلي إحداث " توترات " داخل المعهد الذي يرجع تأسيسه إلى ما قبل 20 عاماً وتضم برامجه الإسرائيليين والفلسطينيين و الأردنيين. وفي ما يتعلق بمشروع العوجا، فقد شارك فيه بشكلٍ جزئي لأنه مقام على أراضي خاصة والتفاصيل مباشرة مع أبو بلال بدلاً من الحكومة المحلية أو الوطنية الفلسطينية.
بينما أوضح فخري إنجوم خلال زيارة هذا الشهر من قبل شركاء المبادرة الفلسطينيين والإسرائيليين، بأنهم حريصون على تطوير العوجا Auja، إلا أن المشروعات التي تقام بالتعاون مع الإسرائيليين غير مرحب بها حسب ما ذكر رئيس البلدية الذي وصف نفسه بأنه مستقل سياسياً ولكنه يميل إلى حركة "فتح" التي تسيطر على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.
وفي المرحلة الأولى من المشروع الذي بدأ العمل فيه الشهر الماضي، فإن ألواح الطاقة الشمسية الجديدة قامت بالإمداد بحوالي ثلث الكهرباء اللازمة لتشغيل المضخة الجوفية، بينما تأتي بقية الطاقة الكهربائية من شركة الكهرباء المحلية. وقد تضمن المشروع أيضاً التدريب الزراعي للمزارعين، فضلاً عن اجراء إستطلاعات لتقييم احتياجاتهم.
ويبدي الفلسطينيون وأنصارهم شكوتهم منذ فترةٍ طويلة من عدم التوزيع العادل للمياة في كافة أنحاء الضفة الغربية، كما أن المياة في وادي الأردن شحيحة. وفي تقريرٍ صادر عام 2009 من قبل منظمة العفو الدولية، أشار إلى أن المنطقة التي يستوطنها 450,000 إسرائيلي تستهلك كميات من المياة أكبر من تلك التي يستهلكها السكان الفلسطينيون البالغ عددهم 2,3 مليون.
ويتميز الوادي بوفرة في أشعة الشمس بحسب ما يقول منذر هند وهو مهندس بارز في جمعية مهندسي الصرف الصحي الفلسطينية حيث المؤسسة الخاصة الشريك في المبادرة، ومن هنا جاءت فكرة المهندسين بعمل مضخة تعمل بواسطة ألواح الطاقة الشمسية وعلى عمق يصل إلي حوالي 250 قدم تحت سطح الأرض.وقال أشرف يحيي وهو مهندس يعمل مع شركة المقاولات التي قامت ببناء ألواح الطاقة الشمسية بمساحة 3,000 قدم مربع أن بإمكانها إنتاج 25,000 وات عندما تكون الشمس في ذروتها. مع العلم بأن لمبة الضوء العادية تستهلك 100 وات.
وكان غابلونسكي الذي إنضم إلى مجلس ادارة الصندوق القومي اليهودي حينما كان يبلغ من العمر 27 عاماً، وقام بتأسيس فرع لتشجيع جيل الشباب من المانحين، قد شكل مبادرة بناء إسرائيل فلسطين Build Israel Palestine عام 2014 مع طارق الجوهري وهو المدير التنفيذي لمؤسسة التعايش أو Coexist غير الهادفة للربح.
وبعد فترةٍ وجيزة، حصلت مبادرتهما على 100,000 دولار من مايكل بلومبرغ رئيس بلدية نيويورك السابق. وقد جمعا منذ ذلك الحين 50,000 دولار أكثرهم من اليهود والمسلمين بحسب ما يقول المؤسسون. وقال غابلونسكي بأنه ترك صندوق التمويل القومي اليهودي بعدما نما إلى علمه إعتراضات من المزارعين في العوجا Auja، على الرغم من إحترامه الدائم لجانب كبير من عمل الفريق. وقد أعرب عن خيبة أمله من أن صندوق التمويل لم يستطع أن ينأي بنفسه عن العمل الذي تقوم به كيرين كاييمت ليسرائيل في بناء المستوطنات.ووصف ألون تال، أستاذ السياسة البيئية في جامعة بن غوريون Ben-Gurion الذي أسس معهد وادي عربة Arava ، وكان حتى وقت قريب ضمن مجلس كيرين كاييمت ليسرائيل المشروع " بالمتدني للغاية "، ولكنه قال بأنه لا يزال يعتبره " غير مناسب ".