بيروت - لبنان اليوم
بالأمس قلنا وقالوا إن حكومة الهروب إلى الأمام تخاف من جيشها، لأنها لم تعلن حالة الطوارئ في البلاد، ولأنها تخشى أن تنكشف أمام الرأي العام، الذي سيقارن بين فشلها ونجاح الجيش في ضبط الوضع الأمني أولًا، وثانيًا بفرضه نظام "خليك بالبيت" بقوة الثقة القائمة بينه وبين شعبه، الذي يرتاح لأي إجراء تتخذه المؤسسة العسكرية، لأنه يعتبر أن كل ما تقوم به من خطوات إنما تقوم بها من أجل الصالح العام وليس إنطلاقًا من مصالح ضيقة فئوية أو مناطقية على غرار ما تتصف به إجراءات الحكومة، التي يسودها التخبط في عشوائية القرارات التي تتخذها على أكثر من صعيد.
ولأن هذه الحكومة ومن وراءها يعرفون هذه الحقيقة، ولكي لا تنكشف أو ينفضح أمرها لجأت إلى المؤسسة العسكرية ليتمّ عبرها توزيع المساعدات التي أقرّتها في جلسة يوم الثلثاء في السراي الحكومي، وهي بمثابة 400 ألف ليرة، على الفئات الأكثر حاجة إلى المساعدة أو أولئك الذين يعيشون "يومك يومك"، بمعنى أنهم إن لم يعملوا يوميًا لن يستطيعوا تأمين مستلزمات معيشة عيالهم، ولهؤلاء أولوية كالأسر الفقيرة، وهي كثيرة، وفي مختلف المناطق اللبنانية.
ولأن الجيش يتعاطى مع الجميع على مسافة واحدة من دون تمييز أو تفرقة ويقوم بواجباته على أكمل وجه، بإعتبار أن تركيبته المؤسساتية تسمح له بذلك أسندت الحكومة هذه المهمة إلى المؤسسة التي توحي بالثقة أكثر من غيرها من المؤسسات المدنية، وذلك من أجل ستر عورتها بالبذة العسكرية المرقطة، ولعدم إنكشاف التقصير الحاصل بالنسبة إلى قاعدة البيانات المفروض أن تكون جاهزة لدى وزارة الشؤون الإجتماعية، إذ لا تنحصر المسؤولية بالحكومة الحالية، بل تطال جميع الحكومات الأخيرة، التي كان يُفترض أن تُسائل القيمين عليها عن سبب هذا التقصير، إضافة إلى عدم جهوزية قاعدة البيانات لدى وزارة العمل حول الأعداد الصحيحة للمياومين وللذين يقومون بأعمال يومية، وقد تأثرّوا تأثيرًا مباشرًا بإجراءات "خليك بالبيت"، فتعطّلت أعمالهم وتعطّلت معها دورة الحياة الطبيعية.
ويرى كثيرون أن قيادة الجيش، التي قبلت بأن توكل إليها مهمة توزيع المساعدات، تحرص وتشدّد على أن تكون هذه المهمة محصورة المسؤولية، بمعنى أنها تلتزم بعملية التوزيع وفق قائمة البيانات التي تزودّها بها الحكومة، وهي مسؤولة أمام المواطنين بعملية التوزيع فقط لا غير. أما أي تقصير في غير مجال فإن القيادة لا تتحمّل اي مسؤولية، وهي ملزمة بالتوزيع السريع وفق آليات تضعها قيادة العمليات اللوجستية، من دون أن تدخل في بازار الأسماء، لأن هذا الأمر يخرج من دائرة إختصاصها ومهامها، وهي لا تسمح لنفسها بالدخول في هذه اللعبة، وبالتالي يفترض أن تعرف تمام المعرفة أن الحكومة تحاول أن تختبىء وراء الجيش في حال تبين أن ثمة تقصيرًا معينًا في عملية الأسماء، التي ستدخل فيها عوامل كثيرة، ومن بينها الحسابات السياسية الفئوية والمناطقية.
في المقابل فإن الجميع يعرفون أن قائمة عملية وعلمية غير متوافرة، وبالتالي ليس مفيدًا أن يتحمّل الجيش الخلل الحتمي في القائمة تلك، مما يعني تعريضه لخطأ غير مسؤول عنه.
فمن هي الجهة المخّولة لتحديد من هي العائلات الأكثر فقرًا، وكيف تعتمد المعايير وكيف تحترم.
هذه الأسئلة وغيرها الكثير ستنكشف فور البدء بعملية التوزيع، حيث سيتبين للقاصي والداني مدى الفوضى التي ستسود، وذلك نتيجة لعدم وجود قاعة بيانات واضحة وموضوعية، إذ ُيخشى أن يستفيد المحاسيب وأزلام السلطة على حساب الفئات الأكثر حاجة إلى المساعدة
قد يهمك ايضا:بري يكشف أن دياب وعده بإعلان حالة الطوارئ ولم ينفذ القرار
نبيه بري يكشف أن رئيس الحكومة اللبناني وعده بإعلان حالة الطوارئ لكنّه لم ينفذ القرار