الحكومة اللبنانية

تراجعت الحكومة اللبنانية عن خطئها بعدما أعلن رئيس الحكومة حسان دياب الثلاثاء، بعد جلسة عقدتها الحكومة في السراي الكبير، أنّ الحكومة "استعجلت الإجراءات لتوزيع المساعدات المالية، لكن بعد تدقيق الجيش اللبناني بها تبين أنّ أخطاء كبيرة تشوب لوائح مقدمة من بعض القطاعات، لذلك سنؤجل توزيع المساعدات بانتظار الإنتهاء من تنقيح اللوائح".

كلام رئيس الحكومة كان سبقه إعلان الجيش اللبناني، مساء يوم الإثنين الفائت، تأجيله عملية توزيع المساعدات المالية، وهي 400 ألف ليرة لبنانية، على العائلات الفقيرة والمحتاجة، بعدما تبين له وجود هذه الأخطاء، وبعد حملة سياسية وشعبية واسعة على المساعدات المالية التي اعتبرت بنظر كثيرين غير عادلة واستنسابية، وتشوبها عيوب فاضحة، ما جعل التأجيل يلقى ترحاباً في مختلف الاوساط، وجنّب الجيش الذي أوكلت إليه هذه المهمّة بالإجماع نظراً للثقة الكبيرة التي يحوزها من قبل اللبنانيين، تحمّل تداعيات أخطاء إدارة لم يتسم عملها بالشفافية والدقّة المطلوبتين.

مآخذ كثيرة تلقتها الحكومة بسبب آلية واستنسابية توزيع المساعدات المالية، الأمر الذي جعل السير بها مخاطرة غير محمودة العواقب، لأنّ المساعدات كانت ستوزّع على عدد محدود من العائلات المحتاجة، ووفق لوائح قديمة لم يتم تجديدها، نظراً لوجود أسماء توفي أصحابها على سبيل المثال، إضافة لوجود أسماء أشخاص جرى إدخالهم إلى لوائح المستفيدين على شكل “تنفيعة” من هذا السياسي أو ذاك، وأنّ عدد المحرومين المستحقين هذه المساعدات يكاد يفوق عدد من سوف يحصل عليها بشكل غير مستحق.

هذه الأخطاء التي كان يفترض أن يعالجها أو يتحمّل مسؤوليتها من وضعها وليس الجيش اللبناني، الذي لا يفترض وضعه في مواجهة مع شرائح شعبية واسعة باتت تعاني مآسي الفقر والجوع والبطالة، لكن حذر وحكمة الجيش جعلته يؤجّل عملية التوزيع على قاعدة أن تتأخر قليلاً خيرٌ من أن تتعثر كثيراً.

تأجيل دفع المساعدات المالية فترة زمنية معينة يفترض أن يكون فرصة للحكومة ووزارة الشؤون الإجتماعية وبقية الجهات المعنية من أجل تصحيح الخلل القائم في اللوائح، بشكل يسمح بإضافة وتعديل أسماء العائلات المحتاجة لهذه المساعدات في هذه الأيام، بعد التداعيات الأخيرة لفيروس كورونا على مختلف القطاعات، والتي جعلت آلاف العائلات بلا مدخول يؤمّنون به قوت يومهم.

تعداد العائلات المحتاجة لهذه المساعدات المالية بات لزوم ما لا يلزم، بعدما أصبح معلوماً أنّ فيروس كورونا قد قلب تصنيف هذه العائلات رأساً على عقب، ووسّع دائرة هذه العائلات على نحو غير مسبوق، وجعل قاعدة الفقر والجوع والبطالة والحاجة تتسع بشكل لم يعرفه لبنان الحديث من قبل، وأضحى ينذر بمضاعفات خطيرة باتت معالمها تلوح في الأفق، الأمر الذي بات الوضع معه يستدعي إتخاذ إجراءات عاجلة وصحيحة في آن معا.

غير أن ما يخشى منه في هذا السياق أن ترتكب الحكومة خطأ آخر، وأن يأخذ تأجيل دفع المساعدات المالية للعائلات المستحقة زمناً طويلاً، لأن التأخير بات خطراً على أمن وسلامة المجتمع ككل، وبعدما حذر كثيرون من إنفجار إجتماعي كبير قادم ستطال شظاياه الجميع إنْ تأخرت المعالجات والمساعدات أكثر.

قد يهمك أيضًا

الحكومة اللبنانية تجري تعديلات على الخطة المالية

إرجاء المساعدات المالية في لبنان يثير الجدل بشأن تقديم الدعم الحكومي