بيروت ـ لبنان اليوم
بدأت تتطوّر أرضية البناء الانتخابي على صعيد قوى المعارضة الشيعية المتبنية شعارات التغيير، والانطلاقة من "على دراج بعلبك" مع ترقّب الإعلان عن أساسات لائحة انتخابية في "دائرة البقاع الثالثة" خلال الساعات المقبلة. وتشير معلومات إلى أن اتفاق حصل بين الوجوه الشيعية المعارضة في بعلبك - الهرمل، وعلى رأسها الشيخ عباس الجوهري، وبين "القوات اللبنانية". وانطلق التفاهم من معطى قائم على أن تعمد المعارضة الشيعية إلى تشكيل اللائحة باعتباره "عُرفاً" في المنطقة. وقد عمل المعارضون الشيعة في بعلبك على مراكمة خطاب اعتراضي في مواجهة أداء "حزب الله" على صعيد الشأن العام.
وستضمّ اللائحة شخصيات شيعية معارضة للطبقة السياسية التي تستقرئ أنها أوصلت البلاد إلى الحالة الانهيارية. واعتبرت المعارضة الشيعية أنه من الضروري التنسيق مع الصوتين المسيحي والسني في الدائرة، حيث يشكّل عدد الناخبين المسيحيين والسنة أساساً أيضاً. وتوقّفت الوجوه الشيعية المعارضة عند تجربة عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب أنطوان حبشي، ووجدت أنها بمثابة تجربة مشجّعة حتى مع خصومه السياسيين. وقرأت أن حبشي لم يرتكب أيّ "فاول سياسي" خلال ولايته النيابية. وبني التفاهم على أن ينضمّ ابن دير الأحمر إلى اللائحة، مع الإشارة إلى أن التحالف مع "القوات" لم يتحول إلى حلف سياسيّ مقبل حتى اللحظة. وتترك المسائل لأوقاتها.
ويندرج التفاهم في إطار التحالف الانتخابي المحسوم لجهة أن يمثّل حبشي المقعد الماروني. وعُلم أن المعارضة الشيعية في بعلبك أطلقت على لائحتها تسمية "بناء الدولة".
وتستمرّ المشاورات التي تعقدها الوجوه المعارضة شيعياً، والتي برزت بشكل أكبر بعد انتفاضة 17 تشرين، مع شخصيات سنية من المدرسة المعارضة نفسها المنبثقة من الانتفاضة، حيث التنسيق قائم مع أكثر من وجه سني للانضمام إلى اللائحة. وهناك من يعتبر أن إمكان تحقيق الخرق السني في بعلبك مسألة ممكنة وسهلة في ظلّ القانون الانتخابي الحالي، بعدما كان "حزب الله" يفوز بالمقعدين وسط القانون الأكثري. وتراهن المعارضة الشيعية على تحصيل لائحتها ثلاثة حواصل انتخابية مع القانون النسبي (شيعي وماروني وسني). وعُلم أن الشيخ عباس الجوهري يتواصل مع شخصيات سنية تمثّل مجموعة كفايات في المنطقة. وهناك مشاورات قائمة مع الدكتور سميح عزّ الدين من عرسال وسط حرص على أن تتمثل المنطقة برلمانياً. وثمة تشاور مع الدكتور صالح الشلّ الذي يعتبر المؤسّس للمستشفى الأول في بعلبك ويتمتع بحضور مناطقي. وستضمّ اللائحة شخصيات شيعية ناشطة في انتفاضة 17 تشرين.
وبدأت محرّكات التواصل تتفعّل منذ أكثر من شهر في بعلبك بين المرشحين المحتملين، مع إدارة الماكينة الانتخابية في الوسط الشيعي. ويتمثّل الرّهان على صوت شيعي اعتراضيّ يرجّح أنه يشمل ما يقارب 10% من المواطنين على الأقل، بما يشكّل نموذجاً يمكن التعويل عليه للفوز بحاصل شيعي. ويشكّل الشيخ الجوهري والنائب حبشي بطبيعة الحال الركيزة الأساسية التي تُبنى اللائحة على أساسها.
أيّ أهداف تعوّل عليها معراب من تحالفها مع المعارضة الشيعية في بعلبك؟ تؤكّد مصادر بارزة في "القوات" على ضرورة التعامل مع الساحة اللبنانية كجماعات طامحة للتغيير الذي لا يمكن أن يتحقّق انطلاقاً من بيئة أو فريق واحد. ولا بدّ أن يتركّز الخطاب السياسي على مختلف البيئات، باعتبار أنّ المواطن الشيعي يشعر بالألم نفسه الذي يعانيه أي مواطن آخر. وتشير إلى أن مصطلح "المقاومة" المرتبط بوضعية "حزب الله" بات يشكّل صورة وهميّة سقطت في الممارسة. وأصبح المواطن الشيعي مفتقراً للقدرة على تأمين الخبز لأسرته، في وقت الحضور الحقيقي للطائفة الشيعية يكون على مستوى الدور الرائد لهذا المكوّن الذي يشكّل ضمانة وطنية. وتستعيد المصادر خطاب رئيس "القوات" سمير جعجع بمناسبة ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، والذي أشار فيه إلى أن ثمة مسؤولية ملقاة أيضاً على الطائفة الشيعية وضرورة إدراكها حجم المخاطر التي يشكّلها مشروع "حزب الله" عليها.
ويندرج التواصل "القواتي" مع المعارضة الشيعية في إطار المشروع الانتخابي الهادف إلى تحقيق التغيير المنشود الذي تنادي به. وتحرص "القوات" على التعاون مع شخصيات لها حيثيّتها وحضورها على الساحة الشيعية و"صوتها مسموع"، انطلاقاً من المأساة المشتركة التي يعيشها جميع اللبنانيين. وتتواصل من هذا المنطلق مع وجوه شيعية ناشطة في دوائر عدّة، مع إشارتها إلى أن احتمالية الخرق شيعيّاً قد لا تكون مسألة مرتبطة مباشرةً بالمساعي "القواتية"، بل إن كلّ بيئة مناطقية ستعمل على فرز نفسها، فيما تسعى معراب إلى تشكيل داعمة ومؤيدة للأصوات الشيعية المعارضة.
ولا تعمل ماكينة "القوات" الانتخابية انطلاقاً من مبدأ هادف إلى ضمّ نواب شيعة إلى كتلتها، علماً أن موضوعاً من هذا النوع يشكّل معطى طبيعياً ولا يدعو إلى الاستغراب، حيث أن الكتل النيابية غنيّة بالتنوع الذي يضم نواباً مسيحيين ومسلمين. لكنّها تؤكّد أن المطلوب ليس "تجميع النواب" بل تعميم الخطاب لبنانيّاً وأن تتلاقى الإرادات ضمن هدف واحد. وتطمح "القوات" إلى نجاح حلفائها في المعارضة الشيعية انتخابياً بتحقيق أكثر من خرق انتخابي، مع التركيز تحديداً على تأمين حاصلين في بعلبك وجبيل، في وقت يبدو للمواكبين أن إمكان تحقيق الخرق مسألة صعبة جداً في دائرة بعبدا.
قد يهمك أيضًا:
السنيورة ينعي ميشال كيلو "كان رمزًا راقيًا وصلبًا للمعارضة السلمية للشعب السوري
السنيورة يوضح أن الرئيس المكلف مستمر بمساعيه وزيارة الفاتيكان لتأكيد صيغة العيش المشترك