الرئيس اللبناني ميشال عون

إلتقى الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة، ضمن زيارة في العام الأخير من عهده، تلبية لدعوة من أميرها للمشاركة في افتتاح فعاليات كأس العرب لكرة القدم- فيفا 2021. وتأتي هذه الزيارة في أصعب الظروف الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية التي تمرّ على لبنان، وسط قطع بعض الدول العربية علاقتها مع لبنان على خلفية تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، فيما إنطلقت تحركات احتجاجية في مختلف المناطق اللبنانية تحت شعار "الغضب الشعبي" رفضاً لتردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية والارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار.
وقطع المحتجون الطرقات في العاصمة بيروت وصيدا وطرابلس وعكار وبعض المناطق البقاعية ونفذوا وقفات احتجاجية، فيما عمد الجيش اللبناني على إعادة فتح بعضها.
أعلن "ثوار 17 تشرين" في بيان أنه "رفضاً للأوضاع المعيشية التي حذروا منها منذ انطلاقتهم في العام 2019، حيث أدت السياسات الاقتصادية والهندسات المالية التي كانت ولا تزال المنظومة تنتهجها، ولم تفلح معهم كل السبل لإعادة مسار الوطن إلى خطه السليم، فأن تحركاتهم اليوم هي بداية غضب شعبي جماهيري للحؤول دون تفاقم الأزمة التي لم يعد المواطن يقدر عليها في كل سبله المتاحة، وهذا ما نادى به الثوار منذ انطلاقة الثورة من رفض لما تخطط له المنظومة التي تفرض نفسها على الشعب اللبناني".
وختم البيان"نعدكم بإستمرارية التحركات السلمية حتى تحقيق مطالب الشعب".
وكانت المناطق اللبنانية قد شهدت سلسلة احتجاجات واسعة، شملت مناطق في الشمال وبيروت وصيدا والبقاع، حيث قام المحتجون بقطع الطرق وإشعال الإطارات، احتجاجاً على الواقع المعيشي وارتفاع سعر الدولار الجنوني.
واستهل الرئيس اللبناني ميشال عون زيارته إلى الدوحة بلقاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في الديوان الملكي، حيث جرت محادثات موسعة بينهما بمشاركة الوفدين اللبناني والقطري تناولت العلاقات الثنائية وسبل تطويرها والدعم القطري للبنان في مجالات عدة. ثم عقدا خلوة لاستكمال المواضيع التي أثيرت في المحادثات الموسعة.
وخلال اللقاء، شكر عون الأمير تميم، على وقوف بلاده الدائم إلى جانب لبنان، ورحب بأي استثمار تقوم به الدوحة في ظل الفرص الكثيرة والمتنوعة.
واتفق معه على أن المرحلة تتطلب وقوف الدول العربية إلى جانب لبنان، ولضرورة تجاوز أي خلل يصيب هذه العلاقات.
وأكّد أمير قطر وقوف بلاده إلى جانب لبنان، واستعدادها لمساعدته في كل المجالات، وإيفاده وزير الخارجية القطري قريباً لتقديم الدعم والمساعدة.
كما اتفق الرئيس عون والأمير تميم على عقد اجتماعات للوزراء المعنيين لبحث المواضيع وفق الاتفاقات المعقودة بين البلدين.
وكان لعون فور وصوله، حديث مع صحيفة "الراية" القطرية، أكد من خلاله، أن زيارته إلى قطر هي "تلبية لدعوة أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لحضور افتتاح بطولة كأس العرب فيفا 2021 وتدشين الملاعب الرياضية، وهي تعبير عن مدى عمق ومتانة هذه العلاقات بين البلدين المنزّهة عن المصالح". وأشاد "بالمبادرات القطرية لمساعدة لبنان، خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت".
واعتبر أن "الدبلوماسية القطرية رائدة وحاضرة دائماً في المحافل الإقليمية والدولية، والعالم اليوم بحاجة أكثر من أيّ وقت مضى لتغليب لغة العقل والحوار بدلاً من لغة التقاتل والتباعد والقوة".
وأوضح عون أن قوله "لن أسلّم الفراغ استثمر بشكل خاطىء في إطار الحملات المركزة والمبرمجة للإساءة، وإن ما قصده كان من باب التأكيد على عدم حصول فراغ بعد انتهاء الولاية الرئاسية، علماً أن الدستور اللبناني لحظ إمكانية حصول الفراغ لأي سبب كان ونص على أن مجلس الوزراء يمارس مجتمعاً صلاحيات الرئيس إلى حين انتخاب رئيس جديد من قبل مجلس النواب"، مشيراً إلى أنه "لا يوجد سبب منطقي لتقريب موعد إجراء الانتخابات النيابية".
وشدد على أن "التمديد غير وارد، وعلى ضرورة أن يتمتع الرئيس المقبل بتمثيل صحيح ولديه من المؤهلات التي تمكنه من تولي هذه المسؤولية الكبيرة ويكون ملماً بالتركيبة اللبنانية المميزة ويكون عنصر تلاق وليس تفرقة".
وأضاف "أنا منتخب من مجلس النواب، لولاية محددة تنتهي في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، وسأبقى أتحمل مسؤولياتي كاملة حتى ذلك التاريخ . ثمّ لم أفهم بعد ما هو الموجب الذي يحتّم استقالتي؟! إن الدعوات التي تصدر من حين إلى آخر لا مبرر لها بل تندرج في إطار المزايدات والشعارات الشعبوية التي لو يدرك مطلقوها مدى خطورتها لكانوا احجموا عن تردادها".
ولفت إلى أن "الأحداث التي شهدها لبنان خلال السنتين الماضيتين طغت بسلبيتها على كل الإيجابيات التي تحققت في العهد لعل أبرزها إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز الذي يحتلّ صدارة الإيجابيات"، مضيفاً أن "لبنان طالب بتعديلات على خطوط التفاوض غير المباشر مع اسرائيل حول الحدود البحرية، وفي التفاوض على كلّ فريق أن يقدّم تنازلاً للوصول إلى حلّ"، معتبراً أن "هناك اعتبارات "جيوبوليتيكية" في هذا الإطار، والدولة صاحبة القرار في هذا السياق قد تكون قريبة منّا جغرافياً وقد تكون بعيدة عنّا، ولكن الأكيد هو أنّ تأثيرها كبير جداً على شركات النفط".
وأكد عون "حرصه على مبدأ فصل السلطات، وعلى عدم التدخل في عمل القضاء"، مشيراً إلى أن "ليس من صلاحية مجلس الوزراء البتّ في موضوع القاضي طارق البيطار، وهذا الأمر متروك للقضاء حصراً"، موضحاً أنّه "لم يطلع على الصور التي وفرتها روسيا عبر أقمارها الاصطناعية لمرفأ بيروت قبل وبعد الانفجار، وأنه طلب تسليم الصور إلى القضاء لمعرفة الملابسات".
وعن الحضور القطري في لبنان والمساعدات للجيش، قال: "يمرّ لبنان بأزمة اقتصادية خانقة والجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى ليسوا بمنأى عنها. أسباب الأزمة متعدّدة وتبدأ بالتبعات الكارثية للحرب السورية التي سدّت المنافذ البرية إلى دول الخليج العربي وعطلت حركة التصدير وأضرت بالاقتصاد اللبناني ، وأغرقت لبنان بمليون و850 ألف نازح سوري لم يعد منهم سوى مجموعات قليلة لأنّ العودة طوعية، الأمر الذي شكّل عبئاً مالياً كبيراً علينا، سيّما وأنّ الأمم المتحدة حصرت مساعداتها المالية بالنازحين أنفسهم. وبحسب صندوق النقد الدولي ينفق لبنان على النازحين ما بين 3 و4 مليار دولار سنوياً. وفي العام 2019 حصلت مظاهرات ساهمت في تعميق المشكلة الاقتصادية، ومن ثمّ أتت جائحة كورونا لتضيق الخناق أكثر على اقتصادنا، وبعد الكورونا وقع انفجار المرفأ، وهو بمثابة كارثة كبرى أصابت شريان الاقتصاد الرئيسي بانسداد".
وأضاف: "لا وجود لاستثمارات قطرية أساسية في لبنان علماً أنّ الأرض خصبة في الوقت الحاضر، وخلال زيارتي للدوحة سأدعو الأمير التوجيه للاستثمار في إعادة إعمار مرفأ بيروت، وفي الكهرباء والبنى التحتية، أضف إلى التوظيف المصرفي. إن المديونية الكبيرة هي أحد أبرز أسباب انهيار العملة الوطنية، وقد ساهمت العوامل الإضافية التي ذكرتها آنفاً في الوصول إلى الانهيار الشامل، ونعمل من خلال الحكومة على بلورة خطة اقتصادية متكاملة، تقوم على مبدأ التفاوض مع صندوق النقد الدولي وإجراء الإصلاحات الضرورية وإعادة تنظيم قطاعات عدة منها القطاع المصرفي وضبط الإنفاق وترشيده وغيرها من النقاط الإصلاحية التي سبق أن طالبت باقرارها ووضعنا في الحكومة ما قبل السابقة خظة متكاملة أشرفت عليها مجموعة " ماكينزي "، إلا أن التطورات السياسية التي تسارعت بعد ذلك حالت دون تنفيذها".
وحول وضع الكهرباء، أشار إلى أن الإهمال الحكومي "أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، ولو تمّ الالتزام بالخطة المثالية والمتكاملة التي وُضعت في العام 2010 لكنّا الآن في منأى عن هذه الأزمة، ومعلوم أنّه قد تمّت عرقلة الخطة بقرار سياسي يدفع اللبنانيون ثمنه غاليا اليوم . إنها المماحكة السياسية والاعتبارات الشخصية التي حالت دون تنفيذ الخطة والذين تولوا العرقلة باتوا معروفين من اللبنانيين كافة".
ورأى أن "الأزمة التي نعيشها هي التي ستبقى في أذهان اللبنانيين، لكن العامل الإيجابي في هذا الجو السلبي هو أني استطعت المحافظة على الاستقرار رغم الضغط الدولي الكبير لأسباب عدة أبرزها ما يتعلق بسلاح "حزب الله" الذي لا يتوحّد الشعب اللبناني بأكمله في النظرة إليه. رغم ذلك لقد خلقنا حالة سلمية بين اللبنانيين ولم تحصل ضربة كفّ واحدة".
وحول إدراج أستراليا لـ"حزب الله" على لائحة الإرهاب، قال: "حزب الله شبه محاصر، وهذا الحصار الخارجي له قد يولّد انفجاراً داخلياً إذا ما زاد عن هذا الحدّ، والانفجار الأمني في الداخل – إذا حصل لا سمح الله - هو إيذان بانطلاق حرب أهلية".
وأضاف: "نحن نتحمّل راهناً النتائج السيئة للحصار، ولكن هذا الوضع على سيئاته هو أفضل بكثير من الحرب الأهلية التي استبعد حصولها لأن لا أحد يمكن أن يدخل هذه المغامرة الخاسرة".
وكان عون قد غادر بيروت صباح اليوم، متوجهاً إلى قطر تلبية لدعوة من أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمشاركة في افتتاح فعاليات كأس العرب لكرة القدم- فيفا 2021.
وسيبحث عون مع الأمير الشيخ تميم سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقبن وتطويرها في المجالات كافة، إضافة إلى العمل على تفعيل اللجنة العليا المشتركة اللبنانية- القطرية.
ويضمّ الوفد الرسمي المرافق وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الوزير السابق بيار رفول والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وتنضم إلى الوفد في الدوحة السفيرة في العاصمة القطرية السيدة فرح بري.
وسيبحث فياض شؤوناً متعلقة بالطاقة مع المسؤولين القطريين، وإمكان الاستفادة من خبراتهم في مجال التنقيب واستخراج الغاز والنفط.
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الذي وضع رئيس المجلس في أجواء نتائج زيارته للفاتيكان ولقائه قداسة البابا، كما تم عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية وخاصة الأزمة الحكومية.
وغادر الرئيس ميقاتي من دون الادلاء بأي تصريح.

وقد يهمك أيضًا:

الرئيس اللبناني يبحث الأوضاع المصرفية والاقتصادية في البلاد

عون يرفض التوقيع على إجراء إنتخابات في آذار وميقاتي سيدعو لجلسة لمجلس الوزراء قريباً