ميشال عون


ما حصل أمس ليس بمشهد في أحد أفلام هوليوود، إنما عملية حقيقية لفرار 69 سجيناً من نظارة قصر العدل في بعبدا، جاءت لتؤكد حجم المصائب التي تضرب بنيان الدولة في كل مفاصلها ومؤسساتها وإداراتها، وشاءت الصدف أن تقع هذه الحادثة الفضيحة ليلة ذكرى الاستقلال الذي يبدو أن الطريق إليه فعلياً لا تزال بعيدة المنال.

عملية الفرار تلك، وما ترمز اليه من عمق الترهل في مؤسسات الدولة، أغفلها رئيس الجمهورية ميشال عون في كلمته إلى اللبنانيين، وهو ما طرح بشكل متكرر أكثر من علامة استفهام حول واقع السجون في لبنان والاكتظاظ الذي تشهده في ظل تأخير المحاكمات وفشل مجلس النواب بإقرار قانون العفو العام.

وتداولت المعلومات الصحافية أكثر من سيناريو حول تفاصيل عملية الفرار، بانتظار ان تخلص التحقيقات الى نتيجة يُصارَح بها الرأي العام على خلاف ما يحصل في كل الأحداث التي يشهدها هذا البلد، وما انفجار المرفأ سوى خير دليل على ذلك حيث لا إعلان عن اي نتيجة بعد في التحقيقات.

تزامناً، علّقت مصادر: "ان كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أكبر"، مستبعدة ألا يكون عون على دراية بكل ما أشار اليه "بعد مشاركته في الحكم من العام 2005 وحجزه للوزارات الدسمة في كل حكومة شارك فيها قبل وبعد الرئاسة هو وتياره السياسي، كالاتصالات والعدل والطاقة والخارجية والاقتصاد وغيرها من الوزارات، حتى وصلت حصته في إحدى الحكومات السابقة الى 10 حقائب، وهذا وحده يكفي لإظهار التناقض مع كل ما حملته كلمته من عناوين حاول عبرها التنصل من مسؤوليته وتياره السياسي عما بلغه واقع الدولة".

وسألت المصادر: "عن أي قضاء تحدث عون والتشكيلات القضائية خير دليل على نهج حكمه في التعاطي مع القضاء؟"، مذكرة كذلك "بحملة التوقيفات التي لا تتوقف وتطال أشخاص فقط لأنهم يعبّرون عن رأيهم". كما سألت: "عن أي اقتصاد ريعي يتحدث والسلع المدعومة يجري تهريبها عبر الحدود وقسم منها يُعرض في تركيا والكويت، فيما الحدود على فلتانها ومن دون أي ضوابط، وحتى الاختبارات المقدمة ضد التهريب بقيت رهينة الادراج؟"

وفي هذه الأثناء، لا يزال الحراك الحكومي مفرملاً، وقد اعتبرت مصادر أن "كلام عون حول التأليف كافٍ للتعبير عن حجم التباعد والاختلاف في وجهات النظر بينه وبين الرئيس سعد الحريري الذي اتهمه بالاستقواء والتستّر بالمبادرة الانقاذية والخروج عن المعايير الواحدة، ما يعني ان لا تشكيل حكومة في المدى المنظور".

إلا أن مصادر عين التينة حاولت في حديثها التلميح إلى ما قالت انها "جوانب ايجابية" في كلمة عون عبر دعوته لاطلاق حوار وطني لبحث ما يتطلبه البلد في كل القطاعات السياسية والأمنية والدفاعية، مؤكدة ان "رئيس مجلس النواب نبيه بري من أشد المتحمسين لهذا الحوار وكل ما يقرّب اللبنانيين من بعضهم البعض".

ورأت مصادر عين التينة أن "تشكيل الحكومة بات أولوية ملحة لأن هناك استحقاقات داهمة ويجب العمل عليها في وقت ليس ببعيد وليس بوضع العصي أمام التأليف وأن مجلس النواب جاهز للتشريع وليست لديه مشكلة في هذا الموضوع". وتوقفت المصادر عند فرار المساجين، قائلة: "لو تمكن المجلس النيابي من التصديق على العفو لما وصلت الأمور الى هذا المنحى الخطير".

من جهته، عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لفت إلى أن "ما كنا نسمعه في الإعلام عن وجود تباين في موضوع تشكيل الحكومة بين عون والحريري تأكد بالمباشر في كلمة رئيس الجمهورية"، مستذكرا "ما قاله المبعوث الفرنسي باتريك دوريل من أن فرنسا تريد حكومة اختصاصيين لا حزبيين ثم عادت الرئاسة الفرنسية وأكدت على هذا الموضوع، وهذا أفضل رد على ما جاء في كلمة عون، وهو لا يتناسب بالطبع مع ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون".

الحجار رأى أن "المبادرة الفرنسية هي طوق النجاة الوحيد المتوفر للبنان لوضعه على سكة الانقاذ، وتنقذه بعض الشيء وتمكنه من الذهاب نحو الإصلاح الحقيقي هيكلة حقيقية للدولة".

بدوره، عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله رأى في حديث أن "فرار المساجين بالمعنى الأمني والقانوني مرفوض ولا يجب ان يتكرر، ولكن بالمعنى الاجتماعي والانساني هو نتيجة تلكؤ السلطة السياسية والأمنية عن معالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون وعدم تسهيل المشاريع المتعددة لجهة تحديد المهل والنظر بأوضاع هؤلاء السجناء للأسف لاعتبارات لها علاقة بتركيبة لبنان الطائفية و لاعتبارات سياسية لم نتمكن كنواب من إقرار قانون العفو العام لازالة الظلامة عن العديد من الموقوفين".

وقال عبدالله: "بكل الصيغ التي طُرحت كنا دائما نستثني من العفو المحكومين بتهم الاعتداء على الجيش وعلى امن الدولة"، مطالبا بتسهيل العفو عن المظلومين.