بيروت- لبنان اليوم
لم تمضِ ساعات على مغادرة العميل عامر الفاخوري لبنان، معزّزاً بحماية أميركيّة بكل ما تحمل رسائل سياسيّة وأمنيّة، حتى جاء الردّ سريعاً عبر تصفية مساعده السابق في معتقل الخيام أنطوان الحايك، الذي عُثر عليه جثة هامدة، مصاباً بأكثر من عشر طلقات ناريّة من مسدس كاتم للصوت داخل محلّ السمانة الذي يملكه في منطقة الميّة وميّة في صيدا.
لا يمكن الفصل بين تصفية الحايك بظروف غامضة، وبين الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد حسين عبد الله، وأفضى إلى كفّ التعقبات عن الفاخوري وإطلاق سراحه، وما استتبع من حملة شعبيّة وحزبيّة وسياسيّة على المحكمة العسكرية ورئيسها، دفعت الأخير إلى الاستقالة، وتُوّج بالخطاب العالي النبرة للأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي فتح فيه النار في كلّ الاتجاهات ولم يوفّر الحكومة وخصوصاً حلفاءه الأقربين بداخلها، بعدما اتهمهم ضمناً بالخضوع للضغوط الأميركية، وتقديم مصلحة واشنطن على مصلحة المقاومة وتضحياتها وعلى مشاعر المعتقلين وعذاباتهم.
مقتل الحايك طرح الكثير من علامات الاستفهام حول توقيت هذا الاغتيال، وما إذا كان مدخلاً لمرحلة جديدة من تصفية الحسابات مع عملاء إسرائيل، وكلّ الذين انضووا في صفوف مليشيات العميل أنطوان لحد، لاسيما وأن بعض المقرّبين من الحلقة الضيقة في قيادة "حزب الله"، تحدّثوا عن ندم ومراجعة ذاتية للتساهل الذي أبدته المقاومة مع العملاء، عندما تركت للدولة والقضاء ولحكم القانون أن يفصل في قضاياهم، فجاءت الأحكام مخفّفة، وفتحت الباب أمام كثيرين منهم لـ"العودة إلى العمالة"، وإعادة فتح قنوات تواصل مع الإستخبارات الإسرائيلية وإن بطريقةٍ غير مباشرة.
هل من رابط بين تبرئة فاخوري واغتيال الحايك؟
ليس ثمة دليل حسّي على هذا الترابط، لكن التوقيت الزمني، والاستنتاج المنطقي يقود إلى علاقة سببيّة بين الحدثين، إذ توقفت مصادر متابعة لملف الفاخوري أمام حيثيات حكم المحكمة العسكرية، وأكدت لـ "لبنان 24" أن "مضامين حكم الفاخوري سلّط الضوء على دور الحايك في عمليات التعذيب والقمع التي كان يتعرّض لها المعتقلون في سجن الخيام". وأوضحت أن قرار كفّ التعقبات عن الفاخوري "استند بقوّة إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية برئاسة العميد ماهر صفي الدين في العام 2001، حول الجريمة المتهم فيها الفاخوري وهي قتل الأسيرين إبراهيم أبو عزّة وبلال السلمان عمداً، حيث تبيّن للمحكمة بهيئتها الحالية، أن الهيئة التي كان يرأسها العميد صفي الدين آنذاك، أدانت العميل أنطوان الحايك بقتلهما بعد رميه قنبلة دخانية سامّة داخل زنزانتهما وهي الواقعة الجرمية نفسها التي لوحِق على أساسها الفاخوري في الملفّ الحالي، والتي لم يلاحق فيها مع العميل أنطوان الحايك في حينه، لكنّ الحكم أسقط دعوى الحق العام عن الحايك بمرور الزمن العشري، وأن محكمة التمييز العسكرية صدّقت هذا الحكم وبناء عليه أطلق سراح الحايك يومها.
فهل من علاقة سببية وقانونية بين ملفي الحايك والفاخوري إذاً؟، المصادر المتابعة تؤكّد وجود علاقة قوية بين القضيتين، رغم الفارق الزمني البعيد، وتشير إلى أن "محاكمة الفاخوري بهذا الجرم في العام 2019، أي بعد انقضاء 19 عاماً على تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي في العام 2000 ، وبعد مرور ثلاثين عاماً على القتل وأكثر من عشرين عاماً على محاولة القتل، ليست إلّا استكمالاً لقضية الحايك، وبالتالي تكون دعوى الحق العام سقطت عن الفاخوري بما خصّ هذين الجرمين عملاً بأحكام المادة10 من قانون أصول المحاكمات الجزائية".
ومع استناد "العسكرية" في تبرئة الفاخوري على الحكم الذي صدر منذ 19 عاماً بحق معاونه أنطوان الحايك، يكون الأخير قد برّأ رئيسه الذي بات خارج لبنان ودفع حياته ثمناً لهذا الحكم، لأنّ المؤشرات تفيد بأن الحايك قتل بدافع الانتقام الى أن يثبت العكس.
قد يهمك أيضًا