بيروت - لبنان اليوم
برزت تساؤلات بشأن حقيقة تموضع رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع وما إذا كان في صدد التماهي مع إيقاع سعد الحريري ووليد جنبلاط، أم يفضّل أن يحتفظ لنفسه بهامش مناورة أوسع، بحيث يبقى على مسافة منهما من دون أن يفترق عنهما، وذلك مع تصاعد حدّة الهجوم السياسي على حكومة الرئيس حسان دياب من جهات عدة.
يبدو أنّ جعجع قرّر اعتماد الخيار الثاني في هذه المرحلة، ساعياً الى التوفيق بين حدّي البراغماتية والمعارضة، مع ترك الباب مفتوحاً على احتمالات أخرى في المستقبل، تبعاً للمنحى الذي ستسلكه الحكومة مستقبلا، ويؤكّد جعجع في حوار مع «الجمهورية»، انّ «القوات اللبنانية» هي من أصحاب نظرية التعامل مع الحكومة على القطعة، «بحيث نعارضها حين تُخطئ ونؤيّدها حين تصيب» ، لافتاً الى انّ الوضع الراهن استثنائي «ويجب أن تتمّ مقاربته بمسؤولية عالية».
وبناءً على هذه القاعدة التي لا تزال تحكم سلوك «القوات» حيال الحكومة حتى إشعار آخر، يوضح جعجع، ان ليس هناك من نيّة بعد لتشكيل جبهة معارضة متكاملة تجمعه مع رئيس تيار «المستقبل» ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»، موضحاً «انّ هناك في الوقت الحاضر تشاوراً بالحدّ الادنى مع «المستقبل»، وبالحدّ المقبول مع «الاشتراكي». وفي كل الحالات، المودة القصوى موجودة على المستوى الشخصي بيني وبين سعد الحريري ووليد جنبلاط».
ويشير جعجع الى وجود فارق في الدرجات بين المعارضة التي تنتهجها «القوات» ومعارضة «الاشتراكي»، الذي ذهب في اتجاه الحدّ الأقصى، ومعارضة «المستقبل» التي تقع في خانة «بين بين».
وفي معرض شرح المعايير التي يستند اليها موقف «القوات»، يضيف جعجع: «الظرف الحالي ليس عادياً، ولذلك نحن قرّرنا ان نعارض بشكل مدروس، يرمي الى تحقيق نتائج عملية وايجابية، وبالتالي ليس مطروحاً لدينا، اقلّه الآن، الدفع نحو إسقاط الحكومة او شخص محدّد، على قاعدة قم لأجلس مكانك، بل همّنا يتركّز اكثر على جوهر الملفات وضرورة تصويب نمط معالجتها، إنما من دون أن ينفي ذلك في الوقت نفسه انّ لدينا مشكلة اساسية مع القوى السياسية التي تقف خلف ستارة الحكومة، وتحديداً الثلاثي غير المرح الذي يبدو أنّه لا يُرجى منه خير».
بري والاستقالة
وعندما يُقال له إنّ بعض القوى التي يلمّح اليها هي غير راضية بدورها عن سلوك الحكومة ورئيسها، كما أوحى موقف الرئيس نبيه بري الاخير خلال وعقب الجلسة التشريعية، يجيب جعجع: «لو كان الرئيس بري غير راضٍ حقاً لكان طلب من وزيريه الاستقالة من الحكومة».
العلاقة مع الحريري
ويوضح جعجع أنّه تلقّى اتصال معايدة بعيد الفصح من الحريري، لكنه يوحي بأنّ شروط «إعادة تأهيل» علاقتهما السياسية لم تختمر بعد، قائلاً: «هناك كلام كثير يجب أن يُقال قبل أن يستعيد التحالف السياسي بيننا كل نضارته. إذ هناك فروقات وتباينات في وجهات النظر حيال المسائل الداخلية وطريقة إدارة الدولة. اما الأمور الاستراتيجية فيوجد تفاهم شبه كامل عليها..».
ويتابع: «لا يكفي ان نكون «أصحاب» على الصعيد الشخصي، وبكل صراحة لا مجال للصحبة والصداقة والمسايرة عندما يتعلّق الأمر بالشأن العام ومصالح الدولة والمواطن. ومن هنا، يحتاج تفعيل العلاقة مع الحريري إلى الانطلاق من خطوات ثابتة والاتفاق على خطة كاملة، استناداً الى مكاشفة ومصارحة لم تكتملا لغاية الآن».
السفيرة الأميركية
ورداً على سؤال حول حقيقة دور السفيرة الأميركية دورثي شيا التي زارته وجنبلاط، وما اذا كانت تدفع نحو تنظيم صفوف المعارضة ضد الحكومة والعهد، يردّ جعجع: «هذا ليس صحيحاً، وزيارة السفيرة الأميركية إليّ كانت استطلاعية بقصد الاستفسار عن الوضع العام والاطلاع على حيثياته، وهي طرحت أسئلة في هذا الصدد، وبالتالي لا تؤدي اي دور تحريضي، ثم إنّ كل الدول، ومن بينها الولايات المتحدة، منشغلة هذه الأيام بهمومها الصحية والاقتصادية التي ترتبت على انتشار فيروس كورونا».
دوافع جنبلاط
وعن تفسيره لهجوم جنبلاط الحاد على الحكومة، وهل اسبابه محلية فقط، يلفت جعجع الى انّه مقتنع بأنّ دوافع جنبلاط هي محلية حصراً، «وهو لديه مقاربته الخاصة التي قادته الى رفع «دوز» معارضته، وهذا ليس رأينا في الوقت الحاضر، علماً انّه ينبغي الاخذ بالاعتبار انّ هناك حالة شعبية ضاغطة نتيجة الازمة الاقتصادية والمالية، وفي مكان ما تعكس جريمة بعقلين هذه الحالة».
قد يهمك أيضًا
هكذا هنأ سمير جعجع اللبنانيين بحلول رمضان
سمير جعجع يؤكد أنه مستعد لتكوين أي حلف معارض