مجلس النواب اللبناني

صادق مجلس النواب اللبناني، الخميس، على قرار إجراء الانتخابات البرلمانية في 27 مارس المقبل، مؤكداً قراره السابق الذي اتخذه الأسبوع الماضي، واعترض عليه الرئيس ميشال عون.وكان البرلمان صوّت في 19 أكتوبر لإجراء الانتخابات في هذا التوقيت، لكن عون أعاد القانون إلى مجلس النواب يوم الجمعة لإعادة النظر فيه. وكان من المتوقع في بادئ الأمر إجراء الانتخابات في مايو.

ووافق المجلس، الخميس، على موعد 27 مارس خلال تصويت أجراه بغالبية 77 نائباً، مع معارضة "تكتل لبنان القوي" التابع لـ"التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، صهر الرئيس عون.

وبعد جدل، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري (رئيس حركة أمل)، إن "تحديد تاريخ الانتخاب بـ27 مارس لن يتغير قيد شعرة، لأنها توصية اللجان (النيابية)، وصوّت عليها المجلس النيابي".

ويعطي إجراء الانتخابات في هذا التوقيت المبكر، حكومةَ رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أشهراً قليلة فقط لمحاولة تأمين خطة إنقاذ، وضعها صندوق النقد الدولي وسط الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد.

وينص قانون الانتخابات اللبناني على أن يكون يوم الاقتراع خلال الـ60 يوماً التي تسبق انتهاء ولاية مجلس النواب، باستثناء الحالة التي يُحل فيها المجلس، حيث تجرى الانتخابات خلال الثلاثة أشهر التي تلي نشر مرسوم الحل. وجرت آخر انتخابات نيابية في 6 مايو 2018.

بالتوازي، شهدت جلسة البرلمان نقاشاً قانونياً ودستورياً، حول بند اقتراع المغتربين لـ128 نائباً أم لـ6 نواب، وذلك بعدما صوّت 61 نائباً لمصلحة انتخاب المغتربين لـ128 نائباً.

ودار النقاش حول كيفية احتساب الأكثرية المطلقة، وما إذا كان يجب احتساب النواب المستقيلين والمتوفين ضمن عدد النواب الإجمالي (128)، فيكون بذلك عدد الأكثرية 65 (نصف زائد واحد)، أوما إذا كان يجب فقط احتساب أكثرية الأحياء من بين النواب، فيكون عدد الأكثرية 59.

وحسم رئيس المجلس نبيه بري الأمر، باعتبار أن النصاب هو 59 نائباً نتيجة وفاة بعض النواب واستقالة البعض الآخر وعدم انتخاب غيرهم.

عند ذلك، انسحبت كتلة "لبنان القوي" من الجلسة احتجاجاً، ليتحدث النائب باسيل عن "مخالفة دستورية". وقال إن "التصويت أسقط اقتراح اللجان بالنسبة إلى تصويت المغتربين لـ128 نائباً، لأنه حصل على 61 صوتاً فقط وبالتالي لم ينل الأكثرية المطلقة".

وكان القانون الانتخابي الجديد الذي أُقر في عام 2017 حدد عدد المقاعد المخصصة في مجلس النواب لغير المقيمين بـ6 مقاعد.

ومثل انتخابات 2018، ستتم الانتخابات المرتقبة بموجب هذا القانون، الذي أدرج تغييرات لطالما طالبت بها الفئات اللبنانية، من بينها اقتراع الجالية الكبيرة المنتشرة في العالم بعدما كان الأمر حكراً على المقيمين في لبنان، إضافة إلى تغيير نظام الاقتراع ليعتمد "النسبية" مع اختيار صوت تفضيلي.
قانون الانتخاب اللبناني الجديد

منذ الاستقلال في عام 1943، اعتمد لبنان الاقتراع وفق "النظام الأكثري"، وهو قانون يسمح بفوز المرشح الذي ينال أكثرية الأصوات في الدائرة الانتخابية. لكن مع مرور 8 عقود من تطبيقه وسط خلافات سياسية وطائفية، علت الأصوات الداعية إلى تعديله باعتباره لا يعطي تمثيلاً صحيحاً للطوائف في بعض الدوائر الانتخابية المختلطة، ما يشكل حجر عثرة في أساس الحكم في هذا البلد المتعدد الطوائف.

وانكب المشرّعون لإيجاد النظام الانتخابي الأفضل للحالة اللبنانية المتشابكة، ورسوا على "النظام النسبي". وفي يونيو 2017، أقر البرلمان قانوناً انتخابياً جديداً جرت بموجبه انتخابات عام 2018.

وفي حين حافظ القانون الجديد على مرتكزات "اتفاق الطائف"، الذي وُقع عند انتهاء الحرب الأهلية، بما في ذلك المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في البرلمان المؤلف من 128 عضواً، إلا أنه أدخل تغييرات على آلية الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية، وعملية احتساب الأصوات واقتراع المغتربين.
اعتماد النظام النسبي

أبقى القانون الجديد مدة ولاية مجلس النواب اللبناني 4 سنوات، على أن يُنتخب أعضاؤه وفق النظام النسبي بدلاً من الأكثري.

ونصت المادة 2 من القانون على أن عدد المقاعد النيابية وتوزيعها على الطوائف يُحدد بحسب الدوائر الانتخابية، وهي 15 دائرة كبرى موزعة بدورها على دوائر صغرى تراعي التمثيل الطائفي، ويتم الترشيح لهذه المقاعد على أساسها. ويقترع جميع الناخبين في الدائرة الانتخابية على اختلاف طوائفهم للمرشحين عن تلك الدائرة.

وبالنسبة إلى كيفية احتساب الأصوات، نصّت المادة 99 من القانون الجديد على ما يلي:

- يتمّ تحديد عدد المقاعد العائدة لكل لائحة انطلاقاً من الحاصل الانتخابي. ولأجل تحديد الحاصل الانتخابي، يُصار إلى قسمة عدد المقترعين في كل دائرة انتخابية كبرى على عدد المقاعد فيها.

- يتم إخراج اللوائح التي لم تنل الحاصل الانتخابي من احتساب المقاعد، ويُعاد مجدداً تحديد الحاصل الانتخابي بعد حسم الأصوات التي نالتها هذه اللوائح.

-تمنح المقاعد المتبقية للوائح المؤهلة التي نالت الكسر الأكبر من الأصوات المتبقية من القسمة الأولى بالتراتبية، على أن تتكرر هذه العملية بالطريقة عينها حتى توزيع المقاعد المتبقية كلها.

- بعد تحديد عدد المقاعد الذي نالته كل لائحة مؤهلة، يتم ترتيب أسماء المرشحين في قائمة واحدة من الأعلى إلى الأدنى وفقاً لما ناله كل مرشح من النسبة المئوية للأصوات التفضيلية في دائرته الصغرى.

من أبرز ما استحدثه قانون الانتخاب الجديد عام 2017، أنه منح الناخب اللبناني حق الاقتراع بصوت تفضيلي واحد لمرشح من الدائرة الانتخابية الصغرى من ضمن اللائحة التي يكون قد اختارها، ما يجعل التصويت شبيهاً بمبدأ "رجل واحد صوت واحد" (One Man One Vote). ويمنح هذا الصوت أفضلية الفوز لمرشح على سواه من اللائحة نفسها.

وفي حال لم يقترع الناخب بصوت تفضيلي يبقى اقتراعه صحيحاً، وتُحتسب فقط اللائحة. أما إذا أدلى بأكثر من صوت تفضيلي واحد ضمن اللائحة، فلا يُحتسب أي صوت تفضيلي وتُحتسب اللائحة وحدها. وفي حال اقترع الناخب للائحة وأدلى بصوت تفضيلي ضمن لائحة أخرى عن دائرة صغرى غير التي ينتمي إليها، فلا يُحسب أي صوت تفضيلي وتحتسب اللائحة وحدها.

أما في حال لم يقترع الناخب لأي لائحة وأدلى بصوت تفضيلي ضمن لائحة واحدة، فتُحتسب اللائحة والصوت التفضيلي؛ وكل ذلك بحسب المادة 98 من القانون.
لبناني يدلي بصوته في مركز اقتراع في بلدة عاليه بجبل لبنان خلال الانتخابات النيابية، 6 مايو 2018 - REUTERS

منحت المادة 111 من القانون الجديد كل مواطن لبناني غير مقيم على الأراضي اللبنانية، الحق في الاقتراع في الخارج، وهي كانت المرة الأولى التي يُسمح فيها لملايين اللبنانيين المنتشرين في العالم بممارسة هذا الحق الذي يؤثر في السياسة الداخلية للبلاد.

وحددت المادة 112 من القانون الجديد عدد المقاعد المخصصة في مجلس النواب لغير المقيمين بـ6 مقاعد، تحدد بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين، موزعين على المذاهب والطوائف (ماروني- كاثوليكي- أرثوذكسي- سني- شيعي- درزي)، وبالتساوي بين القارات الست.

ويجري الاقتراع في الخارج على أساس النظام النسبي و"دائرة انتخابية واحدة"، قبل 15 يوماً على الأكثر من الموعد المعين للانتخابات في لبنان. ويتم وضع إشارة تحول دون إمكان المغترب من الاقتراع في مسقط رأسه في لبنان، إضافة إلى ذكر مكان التسجيل في الخارج، للحرص على عدم تصويته مرتين.

ويجري الاقتراع في مراكز انتخابية في السفارات أو القنصليات أو في أماكن أخرى تحددها وزارة الداخلية والبلديات بالتنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين، شرط أن يكون اسم المقترع مسجلاً في سجلات الأحوال الشخصية، وألا يكون ثمة مانع قانوني يحول دون حقه في الاقتراع، مثل حرمانه من الحقوق المدنية وسواه.

وعلى اللبنانيين المقيمين في الخارج تسجيل أسمائهم في السفارات والقنصليات للمشاركة في الانتخابات، وذلك عبر الحضور شخصياً أو بموجب كتاب موقّع أو بموجب التسجيل الإلكتروني؛ ويجب ألا تتجاوز المهلة المعطاة للتسجيل يوم 20 نوفمبر من السنة التي تسبق موعد الانتخابات النيابية، وإلا يسقط بعدها حق الاقتراع في الخارج.

 ترسل السفارات قوائم التسجيل تباعاً إلى المديرية العامة للأحوال الشخصية في لبنان بواسطة وزارة الخارجية والمغتربين، قبل 20 ديسمبر، حيث يجري التثبت من ورود اسم المغترب في السجل. وبعد انتهاء مهلة التسجيل، يجرى تنظيم قوائم انتخابية مستقلة لكل سفارة أو قنصلية بأسماء الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية، على ألا يقل عدد المسجلين في المركز الانتخابي الواحد عن 200 ناخباً.

وبعد ختام عملية الاقتراع في الخارج، تحصي هيئة القلم الانتخابي الأوراق الانتخابية وتضعها في مغلف كبير يُختم بالشمع الأحمر، وذلك بحضور السفير أو القنصل، والمندوبين والمراقبين، ووسائل الإعلام في حال وجودها.تُرسل المغلفات إلى لبنان لإيداعها في المصرف المركزي عبر وزارة الخارجية والمغتربين. وفي نهاية عملية الاقتراع يوم الأحد المحدد في لبنان، ترسل المغلفات المذكورة إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها وتوثيق نتائجها.

تمارس "هيئة الإشراف على الانتخابات" المهمة المنوطة بها، وتكون مؤلفة من 11 عضواً، هم 3 قضاة متقاعدين (عدلي وإداري ومالي)، ونقيبان سابقان للمحامين (عن نقابتَي بيروت وطرابلس)، وممثل عن نقابة الصحافة، وخبير في شؤون الإعلام والإعلان، ونقيب سابق لنقابة خبراء المحاسبة المُجازين، وعضوان من أصحاب الخبرة الواسعة في اختصاصات مرتبطة بالانتخابات (بما فيه إدارتها أو تمويلها أو الدعاية المرتبطة بها)، وممثل عن هيئات المجتمع المدني.

ولا يجوز لرئيس وأعضاء الهيئة القيام بأي عمل أو نشاط يتعارض مع مهام الهيئة خلال مدة ولايتهم، التي تبدأ منذ تاريخ صدور تعيينهم في مجلس الوزراء وتنتهي بعد 6 أشهر من تاريخ إتمام الانتخابات النيابية.

ويمكن للمرشحين الطعن في النتائج خلال 3 أيام من صدورها أمام المجلس الدستوري، وعليه البت بالطعن خلال 3 أيام.وتُحفظ لدى المصرف المركزي أوراق الاقتراع بصورة سرية، لمدة 3 أشهر من تاريخ إعلان النتائج، ثم تتلف من قبل وزارة الداخلية والبلديات، ما لم تكن موضع مراجعة أو طعن أمام المجلس الدستوري.

قد يهمك أيضًا:

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إسقاط لبنان بالتعطيل خيانة

نبيه بري يعطي حكومة ميقاتي 45 يوماً للنجاح أو الفشل