الانتخابات النيابية اللبنانية

يتطلّع المغتربون اللبنانيون المهتمون منهم في الاستحقاق الانتخابي النيابي المرتقب على مسافة أشهر قليلة، إلى تشكيل "طائر فينيق" بأجنحتهم المنتشرة على امتداد دول العالم للمساهمة في تغيير منشود ينتشل بلدهم من أزماته الثقيلة. وتمثّلت الخطوة الإيجابية الأولى في الطريق نحو تحقيق تطلّعاتهم بعدد المسجّلين للمشاركة في العملية الانتخابية، والذي بلغ 244442 مواطناً.
ويحظى هذا الرقم برضى المنصّات الاغترابيّة التي عملت على تحفيز المنتشرين، بما يشكّل تحرّكاً اغترابيّاً تجاوز التوقّعات، وشعور بالمسؤولية حيال استحقاق وطني وأخذه جديّاً بالاعتبار. ويشمل الارتفاع الملحوظ بعدد المسجّلين في البلاد العربيّة والغربيّة على وجه الخصوص. ولا تمنع هذه الصورة الاغترابيّة الإيجابية مجموعة من التحديات الصعبة المسيطرة من مرحلة ما بعد التسجيل إلى مرحلة الاقتراع. ويرفع المواكبون الاغترابيّون الصوت لجهة التأكيد على تطلّعهم إلى التصويت لمصلحة 128 نائباً، كمواطنين لبنانيين يتمتّعون بكامل الحقوق. ولا يبدون حماسة لخصّهم بمشروع 6 نواب فحسب حول القارّات. ويطلقون "صرخة" ضرورة السماح بالمشاركة في عملية الاقتراع عبر الأوراق الشخصية (جوازات السفر) التي في متناولهم، من دون إلزامهم بتجديدها، بما يتطلب وقتاً كبيراً وكلفة إضافية. وتفيد المعطيات بأنّ المنصّات الاغترابيّة باشرت مهمّة جديدة بعد انتهاء فترة التسجيل، لناحية إطلاق حملات توعية تحضّ على أهمية الاقتراع من جهة، وبحث سبل مواجهة أيّ صعوبات لوجستية مرتقبة من جهة ثانية.
أيّ مقاربات تعبّر عن كواليس التحضيرات الاغترابية للانتخابات، كما الانطباعات التي تكوّنت لدى المتابعين حول أهمية المشاركة في الاستحقاق؟ ترى الناشطة الاغترابية في الولايات المتحدة الاميركية فيفيان الهبر، وهي مؤسسة في مجموعة Lebanese DNA، أنّ "المغتربين اللبنانيين استيقظوا من الغيبوبة. وأدركوا أن مصير لبنان متعلّق بهم، خصوصاً إذا صوّتوا لمصلحة 128 نائباً وليس 6 نواب فحسب. نعيش في بلاد ديموقراطية - حضارية تدرك قيمة الإنسان وحقوقه، وهذا ما نريده للبنان. فعّلنا جهودنا لحثّ الاغتراب على التسجيل من أجل المساهمة في التغيير الجذري على صعيد لبنان، ليصبح بلداً ديموقراطياً حقيقياً يتمتع بحقوق إنسان فعلية ويتعامل مع شعبه باحترام. ونتطلّع إلى شخصيات جديدة ودم جديد في الحياة السياسية".
وتشير الهبر لـ"النهار" إلى "صعوبات واجهناها في عملية التسجيل بسبب التعقيدات التي يتضمنها برنامج التسجيل الإلكتروني. وقمنا بحملات هادفة إلى مساعدة كبار السنّ في كيفية التسجيل على نحو خاص، بما ساهم في تسهيل عمليّة تعبئة المعلومات المطلوبة بالنسبة إليهم. وقمنا بحملات وبرامج هادفة إلى تشجيع المغتربين، بما ساهم في تحفيز كثير من الناس على المشاركة في تسجيل أسمائهم"، مضيفةً أنه "في المقابل، ثمّة من يعتبر أنّ لبنان أصبح من الماضي، خصوصاً بالنسبة إلى بعض من لم يزره منذ 40 سنة مثلاً. وتستمرّ حملة تحفيز المغتربين في المرحلة المقبلة للتأكيد على ضرورة أن يتحوّل لبنان إلى وطن بمقوّمات. ويتمثل هدفنا المقبل في متابعة المسجلين وتوعيتهم على ضرورة المشاركة في عملية الاقتراع كمسؤولية وواجب وفرض، في سبيل انتخاب الشخص المناسب الذي لا بدّ أن يتولّى المنصب المناسب".
من جهتها، تشير العضو في "شبكة الاغتراب اللبناني" في أوروبا نانسي أسطفان إلى "أكثر من تحدٍّ يواجه المغتربين لجهة الطعن الذي سيحدّد عدد النواب بستة مقاعد. هذا ما لا نريده. نترقّب قرار المجلس الدستوريّ. وندرس كيفية التحرّك والضغط الذي يمكن القيام به لاجتياز هذا الإجحاف غير الجائز. وتشمل العوائق القائمة في وجه المغتربين بطلب الدولة اللبنانية جواز سفر صالح المدّة أو هوية للمشاركة في العملية الانتخابية. ويواجه المنتشرون صعوبات في الوصول إلى أوراق جديدة تتطلب وقتاً كثيراً. ولا إمكانية سريعة لإصدار جوازات السفر التي تطلب من الخارج. كما أنّ أسعار تجديد جوازات السفر ارتفعت في الفترة الأخيرة. ونعمل على وضع خطط في سبيل تفادي هذه العرقلة في وجه المواطن اللبناني المغترب".
وتتمثّل العراقيل الأخرى، بحسب ما تقول أسطفان لـ"النهار"، في "الصعوبات التي سيواجهها البعض بالوصول إلى أقلام الاقتراع (حدّد القانون أنه يتوجّب على كلّ قلم اقتراع أن يضمّ 200 ناخب). ونطالب بوضع أقلام اقتراع في البلاد التي لا تضمّ سفارات لبنانية، رغم فعالية الجالية الاغترابية فيها كالبرتغال مثلاً. ونعتبر أنّ قانون الانتخابات مجحف بحقّ المغتربين. ونستمرّ في الإضاءة على العراقيل والصعوبات للوصول إلى حلول تساهم في تشجيع المغتربين على المشاركة في عملية الاقتراع بعد انجاز مرحلة التشجيع على تسجيل الأسماء".
في الخلاصة التي تؤكّدها الناشطة الاغترابية في الكويت ليما سلّوم، يتظهّر أنّ "الخطوة الأولى التي انطلق من خلالها الحراك الاغترابي المهتم بالانتخابات، تمثّلت في تشجيع المغتربين على تسجيل أسمائهم. وثمة صعوبات واجهناها في مرحلة حضّ المغتربين على التسجيل، باعتبار أن هناك من يعتبر أن المشاركة في الاقتراع تعني الدخول في السياسة. وهذا ما لا يحبّذه البعض، خصوصاً أولئك الذين خرجوا من الانتماء الحزبي نتيجة الإحباط الذي تعرّضوا له. ومن الأمثلة على ذلك، أنّ هناك من بين الذين تركوا أحزابهم مَن لا يريدون أحداً، ولا ثقة لديهم في إعطاء فرصة لشخصيات جديدة كتلك المحسوبة على المجتمع المدني.
وهناك من يعتبر أنه يقوم بدوره من خلال إرسال المساعدات إلى لبنان، وأنه غير ملزم المشاركة بالانتخابات". وتلفت سلّوم لـ"النهار" إلى "أننا واجهنا تحديات على أنواعها ووصلنا خلال فترة قصيرة إلى أكبر عدد ممكن من المغتربين، من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وابتكرنا فكرة (زوم لينك) وفعّلنا (ماراثون) كلّ نهاية أسبوع، للتشجيع على استقطاب المزيد من المغتربين. وأطلقنا حملة تحفيزية عبر تطبيق "إنستغرام". ووزّعنا المنشورات في المحال التابعة للبنانيين، حيث الهدف كان استقطاب الفئات غير المهتمة بالانتخابات وحثّها على المشاركة"، مؤكّدة أنّ "الخطوة المقبلة متمثلة بانتظار صدور اللوائح الانتخابية لتشجيع المغتربين على المشاركة في الإجراء نفسه المتعلّق بعملية الاقتراع. ونتواصل مع القوى الهادفة إلى التغيير في الداخل اللبنانيّ بهدف الحثّ على توحيد الصفوف وتنظيم المرشحين، مع التأكيد على الوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم في الحملات الداعمة من بلاد الاغتراب".

قد يهمك أيضًا:

رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤكد أن لبنان مهدد بالانهيار إذا بقي بلا حكومة

بري يؤكد أن لبنان يكاد أن يضيّعه البعض بإبقائه غارقاً في أتون التعطيل والفراغ