دعا المتظاهرون في لبنان إلى إضراب عام، اليوم، رفضاً لعقد الجلسة التشريعية التي كان قد دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري، قبل أن يلغيها «لأسباب أمنية»، على وقع غضب الحراك الذي يرى أن المرحلة الحالية تتطلب العمل على تأليف الحكومة، وليس التشريع.

أتى ذلك في وقت استمرت فيه الاحتجاجات أمام عدد من المؤسسات الرسمية، وكان أبرزها أمس شركة الكهرباء ومصرف لبنان. وأكد المتظاهرون أنهم سيعمدون إلى تصعيد تحركاتهم، وصولاً إلى تحقيق مطالبهم.
ورغم إلغاء الجلسة، فإن الناشطين أعلنوا استمرارهم بالإضراب، واضعين التراجع عن عقدها في خانة الانتصار لتحركاتهم. وقالت مجموعة «لحقي»، في بيان، إن «السلطة تتراجع أمام ضغط الناس وإصرارهم، إنما تستمر بمناوراتها ومماطلتها بتأجيل الجلسة وبجدول الأعمال نفسه... وسنكون، نحن الناس، بالمرصاد مجدداً منعاً لانعقادها».
ولفتت المجموعة إلى أن التصعيد مستمر، داعية جميع القطاعات إلى الإضراب اليوم «احتجاجاً على مناورات السلطة ومماطلتها»، مؤكدة الاستمرار «حتى تتحقق بقية أهداف الثورة، وأولها تشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين من خارج المنظومة».
وقال الناشط في المجموعة أدهم الحسنية لـ«الشرق الأوسط» إن «المجموعات تتحضر لتصعيد تحركاتها، وصولاً إلى تحقيق المطالب التي انطلقت من أجلها»، ولفت إلى أن «هناك تنسيقاً مستمراً فيما بينها في مختلف المناطق، لكن من دون وجود قيادات أو هيئة تنسيقية واحدة تنطق باسمها، وهذا التنظيم سيبقى غير معلن إلى أن يحين الوقت المناسب، وذلك لضرورات حماية الثورة».
وكانت الدعوات إلى الإضراب قد توالت، بدءاً من مساء الأحد، إذ دعا ناشطون إلى إقفال الطريق إلى البرلمان، فيما أمضى متظاهرون ليلتهم في خيم نصبوها أمام شركة كهرباء لبنان في بيروت، احتجاجاً على عدم وضع خطة للكهرباء.
وأعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال أكرم شهيب أنّه «نظراً لاستمرار الانتفاضة الشعبية التي دعت إلى الإضراب العام، وحفاظاً على سلامة الطلاب، واحتراماً لحقهم في التعبير الديمقراطي، تعطل الدروس الثلاثاء في كل المدارس والثانويات والمعاهد والجامعات».
وظهر أمس، نفذ المتظاهرون وقفة احتجاجية أمام مصرف لبنان، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده حاكم المصرف رياض سلامة، وسط دعوات إلى رحيله، ومحاولات للدخول إلى باحة المصرف.
ودعا الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، في بيان أمس، إلى «الإضراب العام والتظاهر أمام مجلس النواب، والمشاركة بكل التحركات في مختلف المناطق وكل الساحات»، وقال في بيان له: «رفضاً لسياسة المماطلة وسياسة التقاسم والتحاصص، وبعد مرور 25 يوماً على الانتفاضة الشعبية، نتفاجأ بعدم تكليف رئيس للحكومة، وبأن المجلس النيابي يعمل لإقرار قانون العفو العام، هذا القانون الذي يحمل في طياته صفقة للعفو عن ناهبي المال العام والفاسدين والمعتدين على الأملاك العامة البحرية والنهرية، وناهبي أموال الضمان الاجتماعي، والأخطر أنه سيمرر العفو عن العملاء الذين خدموا العدو الصهيوني، وارتكبوا بحق الأسرى والمعتقلين أبشع أنواع التعذيب».
ومن جهتها، أعلنت «هيئة تنسيق الثورة» الدعوة إلى الإضراب العام اليوم، وقالت في بيان لها: «تستمر السلطة بتجاهلها صوت الناس في الساحات، وأمام الأزمة الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تهدد الوطن والمواطن على حد سواء، لا تجد هيئة تنسيق الثورة مبرِّراً لسَن قوانين لا تعالج بشكل مباشر أسباب هذه الأزمة، فمطلب الشعب الوحيد اليوم هو البدء بالاستشارات النيابية الملزمة، وتشكيل حكومة تنسجم مع الثورة، وتحقّق أهدافها، وأوّل هذه الأهداف وقف الانهيار الاقتصادي والمالي».
ورأت أن السلطة اندفعت «لتمرير قوانين اللحظة الأخيرة لإعاقة مطالب الثورة بمحاسبة الفاسدين، وأبرزها قانون إنشاء المحكمة الخاصة بمكافحة الفساد غير المستقَّلة الخاضعة لاستبداد المجلس النيابي»، معتبرة أن «هذا الأمر هو اعتراف سافر منها بارتكاباتها».
ودعا «تجمع المهنيات والمهنيين» و«المفكرة القانونية» إلى التجمع والإضراب العام اليوم، احتجاجاً على جلسة مجلس النواب. وأكدا في بيان لهما أن «العفو العام قد يتسبب بانهيار على صعيد النظام القانوني مشابه للانهيار المالي الذي نشهده، ونحن ضدّه، ونعتبره خطراً، ليس لأنه يتعلق ببعض الفئات، بل لأنه جاء بشكل عام. ما من شفافية بالنسبة إلى الأبعاد الأمنية لقانون العفو العام، وما من آلية لمتابعة الأشخاص الذين سيخرجون من السجون، ويجب إعادة النظر به ودراسته في لجان».

قد يهمك ايضا:

محتجون يدعون إلى التجمع عند مداخل ساحة النجمة في العاصمة بيروت

الحكومة تحاول طمأنة اللبنانين بشأن الأموال اللازمة لاستيراد السلع