الرئيس اللبناني ميشال عون

تتأزم الأوضاع السياسية في لبنان يوماً بعد يوم، ما بدأ ينذر بسقوط جميع الاستحقاقات المقبلة، ومنها الانتخابات النيابية التي أصبحت في خطر محدق، نتيجة الاشتباك السياسيّ حولها.
وفي خضمّ الأزمة الحكومية والاقتصادية والقضائية وما يواكبها من انهيار المؤسّسات الواحدة تلو الأخرى، برز كلام رئيس الجمهورية ميشال عون أنّه لن يسلّم الفراغ موقع الرئاسة، ما فتح الباب أمام التحليلات، والاجتهادات حول مقصد الرئيس، وخصوصاً أنّه تمّ تسريب منذ أشهر، معلومات عن عمل قانوني - دستوري يجري الإعداد له في قصر بعبدا لإنتاج فتوى دستورية، تسمح للرئيس بالبقاء في موقعه في حال لم يتمّ انتخاب خلف له.
وفيما لم توضح بعبدا تصريحات الرئيس، وتركت الأمر قيد النقاش والتداول، وكأنّ المطلوب "جسّ نبض" عليه، وزير العدل السابق الخبير الدستوري ابراهيم نجّار أنّ الدستور واضح وحاسم في هذه القضية ولا يقبل الاجتهادات، "أمّا إذا كان الطرح سياسياً فهذا يؤدّي الى أماكن أخرى، يمكن أن يكون مدار نقاشات سياسية، ولكن لا علاقة لها بالدستور والقوانين".
وقال نجار في حديث له: "من المفترض أن تحصل انتخابات نيابية، بغضّ النظر عن التاريخ، إذا كان في أيار أو في حزيران، وسينتج عنها مجلس نواب جديد، وفور تسلّم المجلس مهامه تصبح الحكومة مستقيلة وتصرّف الأعمال بالمعنى الضيّق للكلمة".
وأضاف: "تنتهي فترة رئاسة الجمهورية في 31 تشرين الأول 2022، رئيس الجمهورية يقول إذا حلّ هذا الموعد ولم تتألّف حكومة جديدة بعد، نكون في وضع فراغ، وأنا لن أسلّم الفراغ، ويستند على دراسات وفتاوى يقدّمها له البعض".
وأوضح نجار أنّ المفارقة في الحالة هي بالسوابق التي حدثت، فبحالة الرئيس ميشال سليمان، عندما ترك الرئاسة كان هناك حكومة كاملة الأوصاف برئاسة الرئيس تمّام سلام، مؤلفة من 24 وزيراً تصرّف كلّ وزير منهم على أساس انّه جزء من هذه الرئاسة والموقع".
وأضاف: "أمّا الحالة الأخرى فكانت خلال انتهاء مدة رئاسة أميل لحود، وايضاً في هذه الحالة كانت حكومة الرئيس السنيورة قائمة، وانسحاب وزراء الثنائي منها في ذلك الحين لم يسقطها، وبقيت حكومة دستورية قائمة، واستلمت صلاحيات الرئاسة".
وبرأي نجار أنّ ما يشير اليه عون حصل في حالة واحدة مشابهة، وهي اثناء تولّيه هو حكومة عسكرية عام 1989 غير معترف بها، وهو بعدها قام بحلّ مجلس النواب، وهذه الحالة التي يمكن ان نصل اليها لاحقاً"، وفي هذا الأطار شدّد نجار على أن الحلّ والاجابة واضحة وهو في المادة، 74 من الدستور، التي تنصّ على ما حرفيته: "اذا خلت سدّة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس او استقالته او أيّ سبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، وإذا اتّفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلّاً، تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء، ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الاعمال الانتخابية".
فالموضوع يرتكز على مبدأين بحسب نجار، الأول هو الصلاحية الشاملة لمجلس النواب، "فهو يستطيع عمل أيّ شيء، وكلّ شيء في لبنان، أمام الجمهورية الثالثة الى اتّفاق الطائف، وربما أمر وحيد لا يستطيع فعله هو تغيير جنس المرأة الى رجل او بالعكس"، وبالتالي عليه ان يجتمع ويبقى يحاول ان ينتخب رئيس حتى ينجح"، أمّا المبدأ الثاني فهو مبدأ استمرارية المرفق العام، فالطبيعة تكره الفراغ، ولا يمكن أن يكون هناك فراغ في المؤسّسة التشريعية الأم.
وخلص نجار: أمّا إذا أراد الرئيس عون البقاء في القصر أو تجيير الرئاسة الى أحد، فهنا يصبح الموضوع في السياسة ولا دخل له بالدستور، مشيراً الى أنّه بحسب علمه أنّ المجتمع الدولي مهتمّ جدّاً بالانتخابات، ولن يسمح بأيّ شكل من الأشكال وقوع مجلس النواب في الفراغ".
ولكنّه استدرك أنّه في أسوأ الاحتمالات، ما لم تجر الانتخابات في موعدها، وانقضت مهلة الرئاسة، فستستلم الحكومة الحاليّة صلاحيّات الرئيس".
وختم أنّه من مفارقات اللعبة السياسية في لبنان أنّ من مصلحة الطبقة السياسيّة إسقاط الحكومة الحالية حتّى لا تتوصّل الى الحكم، وهذا ما سيلزمها بالدفع لإجراء الانتخابات.

قد يهمك ايضا: 

 الأجهزة القضائية اللبنانية تتقصّى ملايين الدولارات جاءت جواً من تركيا  

وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي يتخوّف من إنفلات أمني