الرئيس سعد الحريري والوزير السابق محمد الصفدي

من دون أي سابق إنذار، اشتعلت "حرب البيانات" بين الرئيس سعد الحريري من جهة، والوزير السابق محمد الصفدي، فيما اشتعلت جبهة أخرى بين الحريري والتيار "الوطني الحر". في مضمون البيانات الثلاثة الأخيرة، اتهامات متبادلة بشأن تسمية الصفدي لرئاسة الحكومة المقبلة، وكأنّ كل جهة تتنصّل عن مسؤوليتها في البحث عن إسم الرئيس العتيد. وفي الواقع، فإنّ ما برز على المشهد السياسي، خلال اليومين الماضيين، وتحديداً أمس الأحد، إنّما دليل على تخبّط كبير تعيشه القوى السياسيّة في الملف الحكومي وسط غضب الشارع. وبحسب المصادر السياسية المتابعة، فإنّ "الأزمة مستمرّة إلى ما شاء الله". وما يمكن التأكيد عليه أنّ حيثيات المشهد السياسي تدل إلى أن الأفرقاء السياسيين بدأوا يهابون صوت الشارع بشأن أي اسم قد يطرحونه لتولي رئاسة الحكومة.

فعلياً، فإنّ الجبهة التي فُتحت بين الحريري و"الوطني الحر"، تبرز خلافاً كبيراً بين الطرفين. وبحسب المعلومات، فإنّ "الإتصالات توقفت بين الحريري والوزير جبران باسيل خلال الساعات الـ24 الماضية، كما أنه لا تواصل مباشر بين بعبدا وبيت الوسط". تقول مصادر سياسية متابعة أنّ "بيان "التيار الوطني الحر" جاء في ظل تنسيق بين أركان قوى الثامن من آذار، وهدفه تطويق مناورة سعد الحريري التي قام بها بشأن اسم محمد الصفدي".

وتضيف: "لقد تكثفت الإتصالات بين يومي السبت والأحد بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" من جهة، وبين "حزب الله" وحركة "أمل" من جهة أخرى للوقوف عند ما آلت إليه الأمور على الصعيد الحكومي، وقد لمست الأطراف أنّ ما حصل كان ضرباً للوقت وإلتفافاً على المعطيات، وكان بيان الحريري بطاقة العبور لإطلاق الردّ المنتظر وإيصال الرسالة".

في غضون ذلك، اعتبرت مصادر  قيادية في التيار "الوطني الحر" أنّ "سعد الحريري يتعاطى مع الملف الحكومي وكأنه هو المتحكّم الأول، ولا يريد سوى فرض شروطه في شكل الحكومة ونوعيتها"، وتضيف: "بيان التيار ليس إلا مصارحة لجميع اللبنانيين التي كان البعض يحاول إخفاءها، والثقة كبيرة برئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإعادة الأمور إلى نصابها، والضرب بيده على الطاولة والوصول نحو حكومة فاعلة ومنتجة لمكافحة فساد طبقة قبعت في السلطة لأكثر من 30 عاماً". بدوره، يقول أحد النواب الحاليين من فريق الحريري لـ"لبنان24" أنّ "الأخير لم يوفر جهداً للبحث في إسم لرئاسة الحكومة، ولن يستطيع أحد تحريف الحقائق"، معتبرة أنّ "ما قام به "التيار الوطني الحر" ليس إلا ضرباً من ضروب الحقد على الحريري وفريقه السياسي، وإمعاناً بإفشال كل المساعي لتشكيل الحكومة".

نحو حكومة عسكرية إنتقالية؟

وأمام هذه المشهدية، ما زال الحزب "التقدمي الإشتراكي" يتريث في إطلاق مواقفه مما حصل، باستثناء بعض المواقف بـ"المفرق" لعدد من نواب كتلة "اللقاء الديمقراطي". وكان منتظراً أن يطلق "الإشتراكي" سهامه المباشرة بإتجاه "التيار الوطني الحر" والحريري على حدّ سواء، لكن انسحاب الصفدي ساهم في تنفيس الأجواء على جبهة جنبلاط، وإفساح المجال أمام الوقت لمتابعة ما ستؤول إليه الأمور.

ومع المراقبة الجنبلاطية، فإنّ ما حصل مؤخراً اعتبرته أوساط قيادية في تيار "المردة" بمثابة "مناورة بين الحريري و"التيار الوطني الحر"، وحرب البيانات متفق عليها بشكل كبير".  وتضيف: "حتى الآن لا شيء واضحا، وما يُحاك خطير، كما أن التعدي على الدستور أصبح كبيراً، والبلاد لا تتحمل فراغاً حكومياً، والوضع الإقتصادي على حافة الإنهيار الكبير". وألمحت المصادر إلى أنه "في حال استمرّت الأوضاع على ما هي عليه، فإن خيار تشكيل حكومة عسكرية إنتقالية قد يكون من بين سلة الحلول الحالية مثلما حصل في العام 1988 مع العماد ميشال عون، واستقالة سعد الحريري قد تكون أوّل خطوة لها، وهي تحتاج أيضاً إلى تنحي رئيس الجمهورية الذي تعارضه فئة كبيرة من الشعب، إلا أن هذا الأمر مستعبدٌ جداً، لأن عون لا يفكر بالإستقالة تحت ضغط الشارع، ما يجعل الأزمة تطول أكثر، والثورة ستزداد اشتعالاً أكثر في وجه الجميع

قد يهمك ايضا:

برلمانيون يقاطعون جلسة مجلس النواب الثلاثاء والمحتجون يدعون إلى اعتصام عام​

توقعات بعودة الحريري على رأس حكومة الإنقاذ وفق شروطه وليس شروط باسيل