غزة – محمد حبيب
نظّمت وزارة الصّحة في قطاع غزّة، في إطار برنامج "غزّة للصّحة النفسيّة"، الاثنين، محاضرة بعنوان "الاستشفاء والعافية"، في حضور مدير مركز "غزّة المجتمعي"، وأعضاء الفريق الطبي، وطلبة الدبلوم العالي في الصّحة النفسيّة المجتمعيّة، وذلك في مقرِّ مركز "غزة المجتمعي".
وتناولت طالبة الدبلوم العالي في الصحة النفسية المجتمعية ريم الحلو موضوع "خطّة الاستشفاء والعافية"، التي تعتبر خطّة علاجية مكمّلة، وليست بديلة للعلاجات التقليديّة المستخدمة في علاج الأمراض النفسية، موضحةً أنَّ "هذه الخطة تهدف إلى زيادة الأمل لدى المرضى وعائلاتهم، والعمل على إزالة الوصّمة المرتبطة بالأمراض النفسية، وكذلك دعم وزيادة السّيطرة الذاتيّة لدى المريض النفسيّ على الأعراض التي يعاني منها".
وعرضت الحلو المفاتيح الخمسة للخطّة، والمتمثلة في الأمل، والمسؤولية الشخصية، والمناصرة الذاتية، والتعلّم، والدّعم، مبيّنة أساسيات الخطة، ومنها أدوات العافية، وخطّة الحفاظ على جودة الحياة اليوميّة، والتعرف على إشعارات الإنذار للأعراض المبكرة للمرض، وكيفية التصرّف عندما تبدأ الأعراض في التزايد، فضلاً عن إعداد خطّة الطوارئ والمتابعة.
ونظّمت دائرة التدريب، ومركز "غزة المجتمعي"، التابعين للبرنامج، لقاءً توعوياً بعنوان "مدخل إلى الصحة النفسية"، في حضور عدد من المهنيّين من البرنامج، وموظفين من مؤسّسة "أركان" الخيرية، وعدد من طلبة الدبلوم والعديد من الشباب، وذلك في قاعة مؤسسة "أركان".
وتناول اللّقاء موضوع "الصحة النفسية والتوافق النفسي"، ومفهوم "السواء واللاسواء"، و"مظاهر الصحة النفسية"، و"أهداف الصحة النفسية"، و"لمرض النفسي وأهم محدّداته".
وعبّر الحضور عن اهتمامهم وإعجابهم بالموضوع الذي تمّ طرحه أثناء اللّقاء، الذي شهد جلسة حواريّة معهم، بغية الردِّ على استفساراتهم، كما وطالب الحضور بضرورة عقد مزيد من هذه اللقاءات، بشأن مواضيع ذات صلة بإدارة الضغوط النفسية، وطرق التأقلم، وكذلك الإدمان على وسائل التكنولوجيا الحديثة، والإدمان على تعاطي الأدوية.
وتأتي ورشة العمل في ضوء استمرار الحصار، الذي مسّت آثاره السلبيّة مناحي حياة سكّان القطاع كافة، بما فيها حقّهم في الصحة.
وركّزت الورشة على أهم التّحديات التي تحول دون إعمال الحق في الصحّة النفسيّة، وأهم البرامج والمشاريع التي تسهم في تقديم خدمات صحة نفسية مناسبة في القطاع.
واستعرض المشاركون مكوّنات الحق في الصحة، من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان، والحماية التي كفلها القانون الدولي الإنساني لهذا الحق، حيث أشاروا إلى وجود العديد من المواثيق والمعاهدات الدّولية والإقليميّة، التي تكفل حماية الحق في الصحّة، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاق حقوق الطفل، واتفاق القضاء على جميع صور التميّيز ضد المرأة، وإعلان حقوق المتخلّفين عقلياً، وإعلان حقوق المعوّقين، وغيرها مواثيق القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومن جهته، أشار مدير برنامج "غزة للصحة النفسية" الدكتور أحمد أبو طواحينة إلى أنَّ "هناك قضايا عدّة تؤثر على واقع خدمة الصّحة النفسيّة المقدّمة في قطاع غزة، منها الواقع الفلسطيني المعاش، والذي هو نتاج لمجموعة من الظروف والمنعطفات التاريخيّة التي مر بها الشعب، بدءاً من النّكبة عام 1948، مرورا بنكسة عام 1967، وكل المحطّات الأخرى، وصولاً إلى الواقع الذي نعيشه اليوم، وما رافق هذه المراحل من تغيرات اجتماعيّة ومعاشيّة، الأمر الذي كان له انعكاس على الحالة العقلية للإنسان الفلسطيني، وكيف يعرف نفسه، وإلى ماذا ينتمي".
وأبرز أنَّ "هناك قضيّة هامّة، وهي ثقافة المجتمع، التي ترى في العلاج النفسي وصّمة وعارًا، والحساسية تجاه تلقي المرأة الفلسطينية للعلاج النفسي".
وتناول أبو طواحينة مستوى الخدمات المقدّمة، التي يرى أنّها "لا ترتقِ إلى المأمول من حيث النوع والكم، ومستوى التنسيق والتعاون بين مقدمي الخدمة"، مطالبًا بـ"ضرورة وجود برامج تعليم مجتمعي، بغية إشراك المجتمع ككل في عملية العلاج النفسي".
وتحدّث مدير عام الصحة النفسية والمجتمعية في وزارة الصحة الدكتور عايش سمور عن أهم الإشكاليات التي تواجه الوزارة، وغيرها من مقدمي خدمات الصّحة النفسيّة، المتمثلة في عملية دمج المرضى النفسيّين مع غيرهم من المرضى في المستشفيات، وضعف التنسيق بين مقدمي خدمات الصحة النفسية، وفي السياسات العامة للصحة النفسية.
ونوّه سمور إلى "وجود تقدّم ملحوظ على مستوى تقديم خدمات الصحة النفسية في قطاع غزة، وهو تطوّر ساهم فيه نشاط وعمل المؤسسات غير الحكومية المختصة في هذا المجال"، لافتًا إلى أنَّ "دمج الصحة النفسية مع المستشفيات يمثّل تقدمًا كبيرًا في التعامل مع المرضى النفسيين".