الهموم والضغوط تعرض الإصابة بأزمات قلبية
لندن ـ ماريا طبراني
كشفت دراسة طبية أميركية حديثة أن الأفراد الذين يعانون من القلق والهموم والضغوط هم أكثر عرضة للإصابة بأزمات قلبية، بنسبة 27%. و تشير الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين الأميركيين في المركز الطبي في جامعة "كولومبيا" إلى أن الاستسلام لمثل هذه الضغوط يزيد من فرص الموت المبكر. اعتمدت الدراسة
التي نشرت في الدورية الأميركية لأمراض القلب على ستة دراسات سابقة، تناولت مدى معاناة العينة المدروسة من الضغوط، من خلال الإجابة على أسئلة مثل "إلى أي مدى تشعر بالضغوط النفسية؟" و "كم عدد المرات التي تتعرض فيها لمثل هذا الشعور؟"، وقد قام فريق الدراسة بتقسيم مجموعات هؤلاء الأفراد إلى قسمين منفصلين، قسم يضم الأفراد الأكثر تعرضًا للضغوط، وقسم يضم الأفراد الأقل تعرضًا للضغوط، ثم قام فريق الدراسة بتتبع مسار التعرض للأزمات القلبية لهؤلاء على مدى 14 عامًا،
و توصل فريق الباحثين إلى أن الأفراد الأكثر تعرضًا للضغوط كانوا أكثر عرضة للإصابة بأزمة قلبية بنسبة 27%.
كما تشير نتائج الدراسة إلى أن تأثير الضغوط النفسية كان أكثر عمقًا، بالمقارنة مع تأثير تدخين خمسة سجائر زيادة يوميًا، كما تشابه ذلك في تأثيره أيضًا مع زيادة الكوليسترول الضار بمقدار 2,8 ميللي مول من وحدات القياس الكيميائي، ومع زيادة ضغط الدم بمقدار 2,7 /1,4 ميللي متر زئبقي.
يذكر أن جمعية أمراض القلب البريطانية تقول بأن الأفراد الذين تزيد مخاطر إصابتهم بأمراض القلب ينبغي أن لا يزيد معدلات الكوليسترول الضار عندهم عن نسبة 2 ميللي مول من وحدات القياس الكيميائي، ولهذا فإن زيادة بمقدار 2,8 عن ضعف المعدلات الموصى بها لمرضى القلب، والمعرضين للسكتات الدماغية، تمثل خطورة كبيرة، كما أن المعدل الطبيعي لضغط الدم ينبغي أن يقل عن 140/90 ميللي متر زئبقي.
المعروف أن الكوليسترول الضار قد أن يؤدي إلى أزمات قلبية، يمكن أن تساهم في تضييق الشرايين التي تمد القلب بالدم، كما أن إرتفاع ضغط الدم يضع ضغوطًا على القلب، و يساهم في تصلب الشراييين، على نحو يجعلها أكثر عرضة للانسداد، بالإضافة إلى أنه المسؤول عن نسبة 50% من الأزمات القلبية والسكتات الدماغية.
وقد قام فريق الباحثين أيضًا بمزيد من التحليلات، في محاولة لمعرفة العلاقة بين الضغوط وأمراض القلب، وقد اكتشفوا أن العمر وليس الجنس هو العامل الهام والمؤثر في هذا الشأن، حيث أظهرت النتائج في أوساط الأفراد الأكبر سنًا أن العلاقة بين الضغوط النفسية ومرض القلب التاجي أقوى، مما يوحي بأن تأثير الضغوط النفسية تزداد بزيادة العمر.
كما لاحظ فريق البحث أن الأفراد الأكبر سنًا أكثر عرضة للتأثر بارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول الضار، وأن الضغوط النفسية قد تتفاعل مع هذه المخاطر على نحو يعجل بالأزمات القلبية.
وتؤكد المشرفة على البحث سافيا ريتشاردسون على أهمية نتائج الدراسة، لأنها تنطبق على كل فرد تقريبًا، كما تشير كذلك إلى أن قيام الفرد بخفض حدة الضغوط النفسية يمكن أن ينعكس إيجابيًا على صحتهم القلبية في المستقبل.
هذا، و يقول الباحث الأستاذ المساعد في مجال السلوكيات الطبية دونالد إدموندسون أن "نتائج الدراسة هي الأكثر دقة بشأن هذه العلاقة"، كما يؤكد على الاعتقاد السائد بأن "الضغوط العامة ترتبط بصحة القلب".
جدير بالذكر أن أمراض القلب هي أكبر مسبب للوفاة في بريطانيا، وأن هناك ما يقرب من 270 ألف فرد في بريطانيا يعاني من أزمات قلبية سنويًا، وأن ما يقرب من ثلث هؤلاء يموتون قبل وصولهم إلى المستشفى.