لندن - كاتيا حداد
يبدو أن معدلات الاصابة بالخرف تنخفض بشكل أسرع مما كان متوقعا، وذلك لأن الناس أصبحت تدخن أقل وتمارس الرياضة أكثر وتتناول الطعام بشكل أفضل مما كانت عليه في الماضي، ووجدت دراسة أن المخاوف من اجتياح الخرف في بريطانيا وأماكن أخرى سيكون بعيدا ويعود السبب الى حد كبير لان الرجال يأخذون المزيد من الرعاية الصحية، وقل عدد الرجال الذين يتوقع أن يصاحبوا بالخرف على مدى العقدين الماضيين الى 40 ألف رجل سنويا.
ويعتقد العلماء أن الانخفاض حدث من خلال اتباع أنماط حياة صحية، على الرغم من أن هذا النهج الصحي في الحياة مازال مهملا نسبيا، واستندت جامعة كامبردج في الدراسة على بيانات جمعت في التسعينات، قدرت أن حوالي 251 ألف شخص سيعانون من الخرف في بريطانيا بحلول عام 2015، فيما كان الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة في سنة 1991 183 ألف شخص
وتراجعت معدلات الخرف بنسبة 20% وكان الارتفاع في أعداد المصابين أقل من المتوقع مع 210 حالة جديدة في العام الماضي فقط، وجاء الانخفاض أيضا لأن عدد الرجال المصابين كان أقل بحوالي 40 ألف مما كان متوقعا في السابق.
وأصبح المزيد من الرجال اليوم لا يدخنون ويعتنون بصحة قلوبهم والشرايين، على الرغم من أن مستويات البدانة ما تزال مرتفعة، ولكن التعليم الأفضل أدى الى تكون تغيرات في النظام الغذائي، وزاد الوعي بأهمية ممارسة الرياضة وهي من أهم العوامل المساهمة في هذا المجال.
وصرح مدر معهد الصحة العامة في جامعة كامبردج والذي شارك في الدراسة كارول برايان " قد يكون لتلك الأشياء دور في انخفاض نسبة المصابين بالخرف، انا أعلم ان الرجال أكثر صحة بقليل من النساء وأصبحوا يميلون الى اعتماد أنماط حياة صحية"، وأوضح الباحثون أنه بالمقابل، فان مستوى الاصابة بالخرف لدى النساء ما زالت مستقرة أو أظهرت انخفاض طفيف، وتشير التقديرات التي تستند الى اصابة الأشخاص فوق سن ال65 والتي أجريت بين عامي 1991 و 1995 في نيوكاسل ونوتنغهام وكامبريدج.
وأظهرت الدراسات في نفس المناطق في عامي 2008 و 3012 أدلة قاطعة على تغير الخرف بين السكان، وكتب الباحثون أن صناع السياسة يجد أن ياخذوا بالحسبان أدلة هذه التغيرات والتي تشير أن ايقاف هذا المرض ممكن، ويلعب اهتمام الكبار في السن بصحتهم طوال العمر دورا مهما في ايقاف الخرف، ولكنه ما يزال مهملا في المجتمعات التي تبحث عن علاجات محددة، في حين أن الخرف هو يمكن أن يجتاح الفئات العمرية الأكبر.
وتساهم أنماط الحياة الصحية بتأثير ايجابي في بعض الحالات، وفي نفس الوقت فان بريطانيا تشهد زيادة في معدلات البدانة ومرض السكر التي تعتبر من عوامل الخطر للإصابة بالخرف، ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الاكثر حرمانا كانوا معرضين للإصابة بالمرض أكثر بمرة ونصف من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الغنية، ويقدر حوالي 850 ألف شخص مصاب بالخرف في بريطانيا، ويكف البلاد 26 مليار جنيه استرليني سنويا، ويعتبر الزهايمر من الامراض الأكثر شيوعا في الخرف فهو يمثل بين 60% الى 80% من مجمل الحالات.
وأصيب العام الماضي 210 ألف شخص بينهم 135 ألف امرأة و 74 ألف رجل، ويعود سبب زيادة العدد بين النساء أنهن يعشن لفترة أطول، ويميل الرجال الى أن تكون صحتهم جيدة في فترة الشيخوخة، وتشمل الأمراض الأخرى مرض باركنسون والخرف الناجم عن ضعف الدورة الدموية، وأوضح البروفيسور كارول ان الوقاية من الخرف أفضل من الكشف المكبر، فعندما يكتشف المرض يكون الاوان قد فات.
وأضاف " تهدف تدابير الصحة العامة الى الحد من خطورة تعرض الناس الى الاصابة بالأمراض، ويحتمل أن تكون هذه التدابير أكثر فاعلية من حيث التكلفة على المدى الطويل، وهي أفضل من الانتظار حتى اكتشاف المرض"، وتابع " تدعم نتائجنا نهج الصحة العامة للوقاية من الخرف على المدى الطويل، على الرغم من أنه من الواضح أه لا يقلل من الخطر بشكل تام وخصوصا بالنسبة للفئات المعرضة للإصابة بالخرف.
وعلق الأستاذ الفخري في عليم الشيخوخة في جامعة أكسفورد البروفيسور جوردون يلكوك على النتائج قائلا " العدد الاجمالي من مرضى الخرف كان معرضا للزيادة أقل بكثير مما هو متوقع، وعلى الرغم من أننا ما أن الخطر لم يزل بعد، ولكن يبدو أن عيش أنماط من الحياة الصحية سيساهم في ايقافه أو الحد منه"، واسترسل " يعتبر تغيير نهج الحياة التي يعيشها الانسان أهم استنتاجات هذه الدراسة، ولكن لا يجب أن يغيب أهمية تطوير الادوية للتغلب على المرض، وهذه هي مسئوليتنا الفردية وليست مسئولية أي شخص أخر."
وشرح مدير البرامج العلمية في لجنة نهر اليكونج التي مولت الدراسة الدكتور روب بوكلي "هذه أخبار واعدة في أن معدلات الخرف وخاصة بين الرجال انخفضت بنسبة كبيرة في السنوات ال20 الماضية، وشهادة أيضا على فوائد زيادة الوعي في تبني أنماط حياة صحية من أجل الدماغ، ومع ذلك فان عبء الخرف سيظل له تأثير اجتماعي كبير نظرا لازدياد نسبة المسنين في بريطانيا، وبالتالي لن تغيب أهمية التوصل الى سبل جديدة لمنع هذا المرض، وقال مدير البحوث في مؤسسة الزهايمر في بريطانيا سايمون ريدلي " هذه أخبار طيبة، ولكن مع مئات الالاف من المرضى يجب التوصل الى علاج يبطئ المرض أو يقضي عليه حتى نكون راضيين"، وأكد " هناك مجموعة متزايدة من الادلة التي تشير أن خطر الاصابة بالخرف قد تغير بين السكان بمرور الوقت، وبالتالي يجب على الجميع التذكر بأن مرض الخرف ليس حتميا ويمكن محاربته، ويمكن التحدي في الدفع باتجاه الحد من هذا المرض، واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع ارتفاع معدل الاصابة به مرة أخرى في المستقبل، وإجراء المزيد من البحوث لمعالجة خلل اصابة النساء أكثر من الرجال."
وأضاف " تكشف هذه النتائج الهامة كيف تغير الصورة منذ التسعينات وحتى اليوم، وهناك عدة عوامل ممكن ان تؤثر على الاصابة بالخرف في المستقبل، من بينها ارتفاع معدلات السمنة ومرض السكري، ويجب مواصلة الجهود من أجل تحسين الحصة العامة، وعلينا أن نتذكر أن سبل الوقاية أفضل بكثير، ويجب أن يبقي البحث عن أدوية جديدة أولوية لدى الباحثين، فما تزال هناك أعداد هائلة من الناس يعانون من الخرف في بريطانيا، ويجب مساعدتهم، ويجب ان تكون الأجيال المقبلة أكثر صحة."