بيروت ـ فادي سماحة
قبل سنوات عدة كان التجميل حصرياً للسيدات، اليوم خرق الرجال هذا الميثاق، بات الرجل أكثر شغفا بعمليات أبسط ما يقال عنها "التحول نحو شخصية أخرى"، وإن كان يرفض الاعتراف علانية بخضوعه لشد بشرته أو تنفيخ خدوده وتنحيف جسده، على اعتبار أنه مازال خجولاً من التسويق لشغفه نحو عالم لطالما سجّل اعتراضاً له، والسؤال ما سر هذا التغيير في معادلة الجمال وهل بات الرجل ينافس المرأة في كل شيء بما فيها عمليات التجميل بالبوتوكس وشد الوجه؟
خضع زياد لعمليات تجميل عدة، شاب لا يتجاوز ال27 من عمره، لكن هوسه بالمغني العالمي ريكي مارتن دفعه للخضوع لأكثر من عشر عمليات تجميل جاهداً ليكون مميزاً بأناقته بين زملائه . عشرات آلاف من الدولارات تصرف على عمليات الجمال الكذاب، "مرض الجمال" دمر حياة ريشارد بعد إنفاقه كل مدخراته على التنحيف ونفخ خدوده وشد بشرته وغيرها من عمليات التجميل، يؤكد ريشارد أن "ما يقوم به فرض واجب في هذا الزمن"، لأن على الشاب الاعتناء بنفسه جيداً وأن يكون مظهره لائقاً لأن الشكل الجميل يؤمن وظيفة بشكل سريع" .
هي مصالح صاغ وثيقتها شباب مهووس بجمال خادع يستمر أشهر إنما سرعان ما ينكشف المستور، جمال بات مهدداً بالتلوث وتدمير الشكل نظراً لرداءة المواد التي تستخدم . شادي شاب لا يتعدى 25 سنة أراد أن يشبه "بيليه" لاعب كرة القدم الشهير، لكن خطأ في عملية التجميل التي خضع لها واستعمال مواد فاسدة أدت إلى تشويه وجهه: "كنت أعتقد أن العملية بسيطة وسهلة لكن رهاني فشل، احتجت إلى عشرات العمليات كي يعود شكلي إلى ما هو عليه" .
تتعدد أهداف الشباب في التسابق على عمليات التجميل وتتخطاه إلى الغيرة، كمال شاب ثلاثيني يعاني السمنة المفرطة خضع لعملية شفط أدت إلى خسارته 76 كيلو من وزنه، لكنه اضطر ليخضع لسبع عمليات شد البشرة خاصة الوجه والبطن، لكنه يرفض أن "يضع التجميل في خانة المظاهر، بل هو حاجة، خصوصاً أن العلاقات العامة باتت تفرض على الشاب أن يكون أنيقاً وجميلاً" .
إنه عصر التجميل، لا يختلف اثنان على الأمر، يجزم كثيرون أن التجميل بات أمراً ضرورياً لمواكبة العصر، ويؤكد البعض أن من لا يخضع للتجميل فاته قطار الأناقة، تلك منظومة التجميل عند شباب بات أكثر هوساً من المرأة .
تشير بعض الدراسات أن 40% من الشباب يخضع للتجميل، وأن تلك النسبة تؤكد أن "الجمال يغلب الثقافة"، وأن المجتمع الذي يركز على المظهر أكثر من الجوهر مُعرض لأزمات عدة، يرفض بسام قطعاً ربط الجمال بالثقافة، "طبيعي أن حرصي على خروجي بمظهر لائق، لأنها صورتي أمام الناس ولكن يفترض أن أبني ثقافة تمكني من الريادة"، أجرى بسام عملية نفخ للوجانة، ولكنه يحرص ألا يعرف أحد بالأمر، "وغالباً ما تسخر صديقاتي من الأمر أضف إلى أن التجميل الشبابي ما زال مكتوم القيد العلني" . بين صرعة التقليد، وهوس الجمال يقدم إبراهيم نظرية مغايرة: "قديماً كانت السيدات يغسلن وجوههن بصابون الزيت فتكون بشرتهن نقية، اليوم وبسبب المواد الكيميائية في مساحيق التجميل تبرز الندوب على وجوه الجميع، ولئن بتنا في مجتمع منفتح، أكثر اتصالاً مع الغرب لذا تصبح عمليات التجميل أمراً ضرورياً" .
ندوبِ، حروق، تشوهات خلقية، تصغير أنف، تكبير شفاه وغيرها من العمليات التي يخضع لها شباب اليوم، شرعت الأبواب على سياحة من نوع آخر، سياحة التجميل التي تتوسع وباتت مقصد السياح العرب لزيارة لبنان لإجراء هذه العمليات .
خيارات عمليات التجميل الخاصة بالرجال تم توسيعها، بعدما كان الأمر يقتصر سابقاً على تصغير وتحسين شكل الأنف وزراعة الشعر، أصبح الطلب اليوم على شفط المعدة والخواصر، شدّ الترهلات، عمليات الصدر، نحت العضلات، شد العيون والوجه، وصولاً إلى تجميل الأسنان .
حسب اختصاصية علم النفس الاجتماعي دارين حمزة فإن ظاهرة التجميل عند الشباب مصدرها الغيرة وأبعادها نفسية، عادة يشعر الشاب اليوم بأنه بحاجة للتغير، أو أن جماله أقل من صديقه، والفتيات يعشقن الشاب الجميل الأنيق أي المظهر، وهذا يشكل حافزاً للكثيرين لخوض غمار تجربة قد تأتي نتائجها عكس المرجو، 30% من العمليات تفشل وتترك تشوهات في الوجه، ولا تتردد حمزة بالإشارة الى أننا "دخلنا عصر الإنفاق الباذخ على أمور تافهة، غالباً ما يفكر الشاب في ترميم مظهره أكثر ما يفكر في بناء مستقبله وهذا ينم عن ضعف نفسي يجتاح الكثيرين علماً بأن الجمال لا يصنع مستقبلهم" .
بالمقابل يرى اختصاصي التجميل د . علي سعادة أن "الرجل بات جزءا من عمليات التجميل، حتى إنه يخضع لها كما المرأة وإن كان يقوم بها سراً" ولا يفت سعادة الإشارة إلى أن "التجميل بات حاجة أكثر منه هواية، وغالباً ما يكون شكل الشخص مرآة نفسيته عدا أنه يهتم بالصورة في لغة العصر"، ويلفت إلى أن "نسب الرجال المنخرطين في عالم التجميل ارتفعت في الأعوام الأخيرة من 5% إلى حوالي و15% وذلك لقناعة الرجل بضرورة المحافظة على مظهر لائق، مع تطور الميديا والاهتمام الزائد بالصورة" .