مارسة الرياضة

أدّى التغيّر الدراماتيكي في طبيعة ونوعية الغذاء، الذي أصبح يعتمد على المعلبات والوجبات السريعة الغنية بالدهنيات، إلى جانب قلة الحركة وعدم ممارسة التمارين الرياضيّة، إلى ارتفاع نسبة المصابين بحصوات المرارة، بغض النظر عن أعمارهم، أو نوعهم.

وعرّف رئيس قسم الجراحة في مستشفى خليفة بن زايد في عجمان الدكتور عبد المعطي يونس المرارة بأنها "كيس أو حويصلة عضلية، توجد ملتصقة بالسطح السفلي للكبد، وتوصلها قناة، قطرها من 2 إلى 3 مم، بالقناة المرارية الجامعة الحوصلة، البالغ قطرها 6 مم، والتي تلتقي بالقناة البنكرياسية، عند انتهائها لدى الأثنى عشري، ونقطة الالتقاء تلك محاطة بالعضلة العاصرة، للتحكم في تدفق سائل الصفراء إلى الاثنى عشري".

وأشار الدكتور عبد المعطي إلى أنَّ "هناك زيادة ملحوظة ومستمرة في نسبة المصابين بحصوات المرارة، بغض النظر عن أعمارهم، فمنذ ثلاثة عقود كانت نسبة الإصابة قليلة جدًا، وتقتصر على الإناث اللواتي تخطين سن الأربعين، أو التي أنجبت أبناء عدة، أو السمينة، أو التي تأكل بشراهة، ويطلق عليهن (5F) أما الآن فقد أصبحت تصيب جميع الأعمار، بما فيهم الأطفال والشباب، نتيجة للتغير الدراماتيكي في طبيعة الغذاء"، مبرزًا أنه "أجريت عملية استئصال مرارة لطفل لم يبلغ من العمر 9 أعوام في عجمان".

وأوضح أنّ "وظيفة المرارة تتمثل في تجميع وتركيز سائل الصفراء، لتضخه في الوقت المناسب عبر القنوات إلى الجهاز الهضمي، للمساعدة في هضم وامتصاص الغذاء، لاسيّما المحتوي على دهون، إضافة إلى تنظيم حركة الأمعاء".

وبيّن أنَّ "الحصوات في المرارة، تنقسم حسب نوعها إلى ثلاث، تأتي في مقدمتها حصوة الكوليسترول، وهي تتكون نتيجة لزيادة تركيز الكوليسترول في سائل الصفراء بالنسبة لمكوناته الأخرى، مما يسمح بتكوين الحصوة في المرارة، وتكون في الغالب أحادية، وحجمها أكبر من أنواع الحصوات الأخرى".

وأضاف "النوع الثاني هو الحصوة مختلطة التركيب، وهو النوع الشائع من الحصوات، تتكون نتيجة التهاب المرارة من صبغة الصفراء ومادة الكوليسترول وبعض الأملاح ومخلفات الالتهاب، وعادة ما تكون متعددة ومختلفة الأحجام، وقد تنزلق حصوة صغيرة الحجم منهم إلى القناة الجامعة، مما يشكل خطورة بالغة على حياة المريض".

وتابع "أما النوع الثالث، الذي يصيب غالبًا صغار السن، فهو حصوات صبغة الصفراء وهي عادة ما تكون صغيرة ومتعددة وناتجة عن زيادة تكسر كريات الدم الحمراء، بسبب عيب خلقي في شكلها، مما يسبب تركيز صبغة سائل المرارة".

وأبرز أنَّ "أمراض المرارة تتأثر في المقام الأول بالحالة العضوية للجسم، ولا علاقة لها بالحالة النفسية كما يعتقد البعض، وهناك قائمة من الأسباب والأمراض العضوية التي تسبب ذلك، وأهمها تناول أنواع معينة من العلاجات والأدوية مثل المضادات الحيوية ولفترات طويلة، وخسارة الوزن بنسبة كبيرة وفي وقت قصير، ولذا نلاحظ انتشار الإصابة بأمراض المرارة لدى الأشخاص الذين أجروا جراحات لخسارة الوزن الزائد".

وأردف "وتتأثر المرارة أيضًا جراء الإصابة بأمراض معينة مثل الأنيميا، السكر، السمنة، والعوامل الوراثية، التي غالبًا ما تزيد نسب الإصابة بحصوات المرارة بحوالي مرة ونصف عن الطبيعي لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ وراثي في العائلة للإصابة بهذا المرض".

وفي شأن الأعراض، لفت إلى أنَّ "مريض الحصوات يعاني من أعراض تتمثل في عسر الهضم، والإمساك، والانتفاخ المصاحب لآلام في البطن، لاسيّما في الجزء الأيمن العلوي منه، وقد يصاحب ذلك بعض الغثيان أو التقيؤ".

واستطرد الدكتور عبد المعطي أنّه "على الرغم من كون المرارة عضوًا مهمًا في جسم الإنسان إلا أن الأمور أحيانًا تنقلب، وتصبح ضارة في حالتين، أولاً عندما تتجمع فيها الحصوات وتصاب بالالتهاب الحاد، فتسبب ارتفاعًا شديدًا في درجة الحرارة، إضافة إلى آلام شديدة في البطن، مصحوبة بتقيؤ مع فقدان في الشهية، هذه الحالة تستوجب الدخول الطارئ للمستشفى وتستدعي العلاج الفوري إما بالأدوية، أو بالتدخل الجراحي لاستئصال المرارة في بعض الحالات".

وبيّن أنّ "الحالة الثانية، وهي الأكثر خطورة على حياة الإنسان، فهي انزلاق حصوة أو أكثر عبر قناة الحوصلة إلى القناة المرارية الجامعة وانحشارها عند اتصال القناة الجامعة والبنكرياسية مع الأثنى عشري، الأمر الذي يؤدي إلى التهاب حاد في البنكرياس أو الالتهاب الحاد الصاعد في القنوات المرارية والتي قد تؤدي إلى اليرقان أو ما يعرف بـ(أبو صفار)، في هاتين الحالتين يجب إنزال الحصوة المحشورة إلى الاثنى عشري، من خلال التدخل الفوري، باستخدام منظار الجهاز العلوي لشق عضلة القناة الجامعة وإزالة الحصوة".

وأكّد أنّ "تشخيص التهاب المرارة الحاد يكون بالفحص السريري والتصوير بالموجات فوق الصوتية، وقد تحتاج للفحص بالأشعة المقطعية في بعض الأحيان"، مشيرًا إلى وجوب خضوع المريض للعلاج الفوري في المستشفى، في حال تبين وجود التهاب بالمرارة".

وتابع "يعتقد البعض أن حصوات المرارة يمكن تفتيتها أو إزالتها من المرارة دون استئصالها كما هو الحال في حصوات الجهاز البولي، إلا أن العلاج الأمثل والوحيد لحصوات المرارة والتهاباتها، هو استئصالها جراحيًا باستخدام منظار البطن الجراحي".

وشدّد الدكتور عبد المعطي على أنه "لا توجد أيّ آثار جانبية ضارة لإزالة المرارة إذا ما استؤصلت بطريقة صحيحة من قبل طبيب متمرس، وفي حال كانت الحصوات ساكنة ولم يشتك منها المريض فلا داعي لاستئصالها، لاسيّما لدى كبار السن"، مشيرًا إلى أنه تبين من خلال فحص المتوفين من كبار السن أن 25% وجدت لديهم حصوات في المرارة دون شكوى سابقة".

ولفت إلى أن "حصوات المرارة الساكنة هي التي يكتشف وجودها عرضيًا لدى فحص المريض من شكوى أخرى من خلال الموجات فوق الصوتية ولا توجد لها أي أعراض سريرية".