هافانا - ربيع قزي
"أنت تحصد ما تزرع" شرحها لنا سيريلو مارتينيز، ونحن نجلس في البيت الأبيض المسقوف بخشب الصنوبر مع مصاريع بلون اليوسيفي، حيث يطل على حديقة الموز والأفوكادو، بحجم ملعب كرة القدم، في محميّة لاس تيريزاس، في كوبا.
ولا يتحدث مارتينيز عن الفاكهة المزدهرة، فهو يتحدث عن "المجتمع البيئي" أحد أنواع الشانغريلا الكوبية، المخبأ في الغابات الخشبية الثمينة، جنوب الهافانا.
وفي العام 1968، اقترح الرئيس فيديل كاسترو، فكرة الثورة الخضراء، من خلال إعادة تشجير الجبال التي اكتشفها الرحّالة الإسبان، وزراعة أشجار الفاكهة في المناطق التي دمّرتها مزارع البن، وهو ما حسّن حياة المزارعين في كوبا، لاسيما الذين يعيشون في فقر في التلال الريفية النائية في جبال سييرا ديل روزاريو.
وحشد المهندس عثماني سيينفويغوس ألوية العمل لزراعة 1360 كيلومتر من المدرجات، في الأرز والماهوجني وأشجار الكركديه، بالإضافة إلى الغريب فروت واليوسفي، والبابايا والأفوكادو، لقد حفر الفريق 170 كيلومتر على الطريق في الجبال وبنيت القرى والمنازل والمدارس والملاعب والعيادات.
ونما مجتمع الشباب في لاس تيرازاس، وسكانه معروفين باسم "تيراكيروس"، ولكن في العام 1991، مع انهيار الاتحاد السوفيتي، انهار معه الاقتصاد الكوبي، فقد أوضح ليوناردو بيريز، أنهم أكلوا قشر الغريب فروت بدلاً من شرائح اللحم، بالإضافة إلى قشر الموز للبقاء على قيد الحياة.
وبقي مصير المجتمع على المحك، وافتتح عثماني، لاس تيرازاس للسياحة، قبل عشرين عامًا، واستقبل فندق موكا أول نزلائه، وهو عبارة عن هيكل متعدد المستويات مكون من أشجار الساج، بني حول شجرة المطر، ومنذ ذلك الحين أصبح مزارًا سياحيًا ومسار خط للرمز البريدي، وتم فتح الاستديوهات والمطاعم، التي تلبي حاجة المسافرين قبالة الطريق السريع الذي يعد حيويًا لدى سييرا ديل روزاريو.
ودخل المحيط الحيوي تحت حماية اليونسكو العام 1984، في أعقاب مشروع التشجير الناجح، وهي الآن تضم أكثر من 117 نوعًا من الطيور، ويحتوي على أكثر من 70 مزرعة للبن، والتي دمّرها الفرنسيين بعد الثورة الهايتية العام 1791.
ويطلّ البط وطيور النحام من البحيرة، كما تم افتتاح أول مطعم كوبي نباتي، حيث يتم صناعة الهمبورغر من جذور الخضروات والموز والعصير، لمكافحة ارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى الغريب فروت والخيار والنعناع، ولكن الأمر استغرق بعض الوقت لإقناع السكان المحليين بفوائد النظام الغذائي الخالي من اللحوم.
والفنان إرييل غاتو ميراندا يعلم الأطفال المحليين كيفية صناعة الورق باستخدام شتلات الزهور، والخيزران، أوراق الموز، والأصباغ من الشمندر، التبغ والخيزران، ويباع المنتج النهائي مع أجهزة الكمبيوتر المحمولة في مرسمه، ذلك البيت المفتوح، كما أنَّ السكان المحليين أيضًا يتعلمون إعادة تدوير المنتجات وتصنيع الحقائب.