بيروت - لبنان اليوم
يسجل الفنان كارلوس عازار أهدافاً متلاحقة في شِباك الساحة الفنية، منذ بداياته حتى اليوم، فنجمه سطع في أكثر من عمل درامي كان أحدثها «ستليتو»، و«لا حُكم عليه»، و«دفعة بيروت»، كما برز مغنِّياً، ولا سيّما أنه يَعتبر الغناء شغفه الثاني وواحداً من أحلامه منذ الصغر.أخيراً، وبعد غياب دام نحو 9 سنوات، فاجأ عازار محبِّيه بإصداره أغنية بعنوان «كل ما بدقلك»، وهي من كلمات منير بوعساف، وألحان رافاييل جبور، وتوزيع ألكس ميساكيان. وتأتي بالتعاون مع شركة «يونيفرسال ميوزك مينا» العالمية.
ويرى عازار أن هذه العودة كان لا بد منها، ولا سيّما أن هناك أشخاصاً يحيطون به شجّعوه عليها. «هناك فريق اتكلتُ عليه في عودتي هذه، وكان يرغب في مساندتي، واخترته ليشاركني فيها؛ لأنه يُكنّ لي كل الحب. ومع منير بوعساف ورافاييل جبور كانت الخيارات التي حضّروها لي واسعة، فقطفت منها ما حرَّك مشاعري وأحاسيسي، بعد أن نادتني (كل ما بدقلّك)».
الإقدام على خطوةٍ بعد غياب لا بد أن تحمل في طياتها الصعوبة والقلق، فكارلوس، الذي يتمسك بنجاحات واسعة قدَّمها في عالمي التمثيل والغناء كيف يصف هذه الخطوة؟ يردُّ، لـ«الشرق الأوسط»: «كان عليّ أن أقدِّر الأمور جيداً، وأزينها فلا أتفرد بقراري. وقلق النجاح هو ضرورة عند الفنان، وإلا أصيب بعقدة الـ(إيغو) وسقط».
ولعلّ تعاونه في هذا العمل مع شركة «يونيفرسال مينا» يقف وراء حماسه لهذه العودة: «هذا التعاون زوَّدني بدعم كبير، مما دفعني لرؤية الصورة متكاملة، وتحضر فيها كل العناصر المطلوبة».عندما يغيب فنان معين عن ساحة الغناء يتساءل الناس عما إذا مكانه لا يزال محفوظاً. وبالنسبة لكارلوس عازار، فهو يؤكد أن كل الساحات فيها المطارح المطلوبة، وقوافلها تسير معه أو من دونه: «ولكن إذا ما قدّم الفنان عملاً جميلاً، فلا بد أن يستحدث له مكاناً تلقائياً».
تحكي أغنية «كل ما بدقلّك» قصة حب رومانسية، وتترجم حالة مشبعة بالفراق والحنين والألم والنوستالجيا. وجرى تصوير الأغنية فيديو كليب بإدارة المخرج الشاب جو عازار، فما القرابة التي تربطه به؟ «إنه ابن أخي وخريج معهد الكفاءات، وسبق أن صوَّر أفلاماً وثائقية عدة حصدت جوائز بمهرجانات سينمائية بالمتوسط، وهو من الأشخاص الذين لا يفرضون أنفسهم على الآخر، كتوم ولا يهوى التشاوف، ولكنني ضغطت عليه كي يتعاون معي في هذا الكليب، بعد أن لاحظت موهبته الكبيرة في الإخراج، فهو من الأشخاص الذين يحتاجون إلى باب أو فرصة يَعبرون منها إلى أحلامهم. ووافقتني (يونيفرسال مينا) الفكرة، وكانت الفرصة سانحة له».
وبالفعل، يقدم جو عازار في كليب «كل ما بدقلّك» شريطاً رومانسياً قوامه صورة جميلة وقريبة من القلب، فتجذب مُشاهدها منذ اللحظة الأولى وتُدخله عالم الطبيعة الحلوة في لبنان. وتدور ضمن قصة يعتريها الطرافة والشوق والفراق في سيناريو متماسك ومتسلسل. ويأتي أداء كارلوس التمثيلي فيها ليزيدها رونقاً وتألقاً يكملانها على المستوى المطلوب. فنغمة الأغنية من ألحان وكلمات تتركان عند سامعها وقعاً إيجابياً بحيث يرددها لا شعورياً».
يعترف كارلوس عازار بأن موقع التمثيل عنده يوازي بأهميته الغناء، وهو سبق وجمعهما في أكثر من عمل مسرحي ودرامي. «أنا متخصص بالمجالين دراسة وعلماً، إلى جانب الموهبة. ومنذ صغري عندما كان أحدهم يسألني عن طموحاتي المستقبلية، أقول له أريد أن أغنِّي وأمثل. فمقاعد الدراسة كانت جسر العبور إلى أحلامي، لم أخطط أو أقم بحسابات معينة، بل اتكلتُ على إحساسي، فعادةً ما يوجهني إلى المكان الصحيح وإلى ما يشبه شخصيتي».لكن هل سيطيل الغيبة مرة أخرى عن الغناء؟ يردُّ: «لا أعتقد ذلك، ولن أطلق سلسلة وعود في هذا الموضوع، ولكنني سأقول لمن يهمُّه الأمر: انتظروني قريباً، فأنا قيد العمل المتواصل».
بالنسبة لكارلوس، فإن البعد عن الساحة الغنائية كان نتيجة ظروف كثيرة تحكمت به وأخذته إلى مكان ثان. «المكان الثاني هذا أي التمثيل هو موقعي الطبيعي أيضاً، وكنت أمارس فيه شغفي، فأنا أعمل كي أرضي نفسي، وهو ما يُشعرني بالفرح ضمن ما أحبه وأبرع به».يملك عازار، في المقابل، خطة لعودته إلى الغناء: «لم أعد إلا بعد أن أعددت الخطة المطلوبة والتوفيق عند رب العالمين، ولكن الأمر يتطلب الجهد، وأحياناً ندفع الثمن غالياً، حتى على حساب حياتنا الشخصية، ولا أزال أدفع، حتى اليوم، ثمن شغفي هذا؛ لأنه يمدُّني بالسعادة، وأبذل جهداً كي أبقى وأرفقه بالإحساس والإلهام؛ لأن الفن يقوم على هذين العنصرين أيضاً».
يملك كارلوس شعبية كبيرة في مجالي التمثيل والغناء، وأغنيته «كل ما بدقلّك» تشهد تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي منذ لحظة إصدارها. «هذا ما ألمسه من قِبل الناس بالفعل، فكثيرون لم يفوِّتوا حفلات غنائية لي أقمتها بين عامي 2013 و2014. ولكن الظروف أبعدتني، ولا سيما أن الفن يغذّي الفن، فهو يلزمه التمويل الذي يُعدّ واحداً من النقاط الأساسية للاستمرار».
في مسلسل «ستليتو»، حقق كارلوس عازار نجاحاً عربياً باهراً، وبثنائية ألَّفها مع الممثلة ريتا حرب اجتاحا الـ«سوشيال ميديا»، وصارا حديث الناس. فماذا يخبر به «الشرق الأوسط» عن هذه التجربة؟ «كنت أدرك أن هذا العمل سيضيف إلى مشواري التمثيلي منذ قراءتي للنص. صحيح أن الدور لم يحتجْ كل طاقتي التمثيلية، ولكنني اقتنعت به وقدَّمته، وأحياناً يقوم الممثل بأعمال ممتازة ولكنها تمر مرور الكرام، ولكن (ستليتو) شكَّل محطة مهمة في مشواري، سيما أن (إم بي سي) الرائدة تقف وراء إنتاجه، فكان لا بد أن يصيب الهدف ويحقق كل هذا الانتشار، فكان بمثابة بوابة عبور لي نحو العالم العربي، تماماً كما حصل في (لا حُكم عليه)، و(دفعة بيروت)، فأنا هكذا دائماً أقوم بما يشير به إليّ إلهامي فأتبعه من دون تردد».
ويؤكد أن «ستليتو» زاد من قناعته بأن مساحة الدور ليست بالأهمية التي توفرها الخبرات. «وأنا شخصياً بدلت بخطوط الشخصية بنسختها التركية، وقولبتها كي تترك أثرها عند الناس وتلاقي تفاعلاً من قِبلهم». وعما إذا كان يمكن تكرار ثنائيته الناجحة مع ريتا حرب، يردُّ: «ليس هناك من قاعدة تتحكم بتكرار الثنائيات الدرامية، ولكن بالتأكيد يلزمها التأني والشروط والظروف اللازمة».
وعن الساحة الدرامية بالمجمل يقول: «هناك مع الأسف غياب ملحوظ للمشرزعات الدرامية مقابل كثافة مسلسلات، فالمشروعات التي أتحدث عنها هي التي تطبخ، منذ البداية، مع الكاتب والمخرج، ومع ممثلين جيدين، فلا تكون مجرد (تنفيعة) تضع الطاقات في المكان غير المناسب. لو كنت المنتج، أحاول أن أُحضِّر العمل على نار هادئة، بحيث لا يتم سلق التنفيذ، فما دمنا نعرف نقاط الضعف عندنا وأخطاءنا، فلماذا لا نصححها؟».
قد يهمك ايضاً