غالبا ما تسبب أمراض صمامات القلب مشاكل صحية خطيرة بسبب عدم تدفق الدم بشكل سليم في الجسم. وفي سياق بحثهم عن حل لهذا المشكل الصحي توصل الباحثون إلى طابعة ليزر ثلاثية الأبعاد تقوم بإنتاج صمامات قلب اصطناعية. يقف عالم الرياضيات هارتموت شفاندت، الباحث في جامعة برلين التقنية، أمام جهاز يشبه ثلاجة كبيرة الحجم رمادي اللون ومجهز بباب من الزجاج. للوهلة الأولى يبدو هذا الجهاز عاديا لكنه فعلا يستطيع القيام بأشياء مدهشة. فالأمر هنا يتعلق بطابعة ليزر تعمل بتقنية ثلاثية الأبعاد وتقوم بإنتاج صمامات القلب البشري.وحتى تكون  صمامات القلب الاصطناعية مماثلة تماما لصمامات قلب المريض، يتم في البداية تصوير مقطعي لصمامات قلب المريض وبعدها يأتي دور الطابعة ثلاثية الأبعاد.في التصوير المقطعي يتم الحصول على صور ثنائية الأبعاد للقلب والتي تظهر أنسجة العضو بألوان رمادية. وعن طريق الاستعانة ببرنامج خاص يحول الباحثون المئات من هذه الصور المقطعية ثنائية الأبعاد إلى نمودج ثلاثي الأبعاد بشكل يشبه وضع مجموعة من شرائح الخبز فوق بعضها البعض لنحصل في الأخير على خبز كاملة. يجلس المهندس بن ياسترام، الباحث في جامعة برلين التقنية، أمام شاشة الحاسوب ويمعن النظر في صورة القلب ويقوم عبر فأرة الكمبيوتر بتكبير صورة أي جزء من القلب يريد التدقيق فيه ودراسته. بعد نقرات قليلة يتمكن ياسترام من مشاهدة الصمام الأبهري الذي يعتبر واحدا من الصممات البشرية الأربعة التي تسمح بتدفق الدم من القلب إلى أعضاء مختلفة. ويوضح ياسترام بالقول:" إذا واصلنا تكبير الصورة على هذا النحو فيمكننا أن نرى أيضا الصمامات الأخرى للقلب ". فاليوم أصبح بإمكان الباحثين أكثر من أي وقت مضى تكبير صورة كل صمامات القلب على حدة ودراسة شكلها. وإذا ما تقرر مثلا إنتاج صمام أبهري في الطابعة ثلاثية الأبعاد، يقوم الباحثون في البداية بتحديد شكل وحجم الصمام بشكل دقيق.  ويضيف ياسترام  قائلا:" بعد ذلك نقوم بتحضير منطقة الصمام الأبهري إلى حين حصولنا على الشكل الهندسي الدقيق لصمام القلب". يتم إرسال هذه البيانات الهندسية إلى الطابعة ثلاثية الأبعاد التي تتولى إنتاج صمامات قلب بلاستيكية. وكما يوضح مدير المشروع هارتموت شفاندت :" يتم معالجة مسحوق البلاستيك في داخل الطابعة ثلاثية الأبعاد". في البداية يتم رش المسحوق الذي يتكون من حبات صغيرة جدا من البلاستيك على شكل طبقات رقيقة في مكان شبيه بالدرج وتتولى أشعة الليزر تذويب كل حبات البلاسيتك في الأماكن التي ستستقر فيها صمامات القلب، بينما تبقى الحبات كما هي في الأماكن الأخرى. النموذج المطبوع من الصمام الأبهري أصبح موجودا الآن ويبدو كأنه ثلاثة أصابع مثبثة إلى جانب بعضها البعض تحيط بها حلقة. ويريد الباحثون الانتقال بهذه الخطوة إلى الخلايا البشرية عن طريق الاستعانة بأنسجة الحبل السري. وعن ذلك تقول كورا لودرز من المركز الألماني لأمراض القلب:" الحبل السري لديه ميزة كبيرة تتجلى في احتوائه على خلايا جذعية". وتضيف الباحثة البيولوجية المشاركة في المشروع، بأنه يمكن الحصول على الكثير من الخلايا الإنسانية المختلفة من الحبل السري، خاصة وأن خلايا الحبل السري هي جديدة ويمكن للجسم البشري تقبلها بشكل جيد. أبحاث علمية لتطوير صمامات قلب اصطناعية حسب كورا لودرز فإن التحدي الكبير من المنظور البيولوجي يكمن في تحويل الخلايا الموجودة في صمامات القلب المطبوعة إلى أنسجة كاملة. سطح الصمامات الاصطناعية ينبغى أن يكون سهل الاختراق حتى يمكن للخلايا أن تترسخ وتنمو بشكل صحيح. ويتم نقل كلاهما إلى مفاعل حيوي، حيث يتم تزويد الخلايا بكل المواد الأساسية اللازمة لبقائها حية. وعن ذلك توضح كورا لودرز قائلة:"هذا المحلول المغذي يعوض الدم الطبيعي للجسم. جميع العناصر التي تحتاجها الخلية للعيش موجودة في هذا المحلول مثل اللقاح و الالكتروليت". وعندما تنمو الخلايا في صمامات القلب الاصطناعية يتم زرعها في جسم المريض لتقوم بالوظيفة الكاملة التي يقوم بها صمام القلب البشري. خضعت هذه التقنية لتجارب وبحوث طويلة ارتبطت بالنماذج الخاصة لللحيونات. ويمكن مستقبلا استخدام الصمامات الاصطناعية المزودة بالخلايا أيضا لدى الإنسان كشكل آخر من أشكال صمامات القلب الاصطناعية. وعن ذلك يقول هارتموت شفانت:" هدفنا البعيد هو أن نرى أنسجة صمامات القلب تتطور في جسم الإنسان وأن تذوب الصمامات الاصناعية مع مرور السنين، حتى تعوضها الخلايا بشكل كامل على المدى الطويل". غير أن المختصين لايزالون يبحثون عن مواد للطباعة المثالية صالحة من الناحية البيولوجية.