واشنطن ـ وكالات
يعنى مصطلح "الاتشاح البلوري" Pleural Effusion تجمعا للسوائل داخل تجويف الغشاء البلوري.. ويمكن أن يكون الارتشاح هو الاعتلال الرئيسي ولكن في الأغلب يكون هذا الارتشاح عرضا للعديد من الأمراض الأخرى. المعروف أن الغشاء البلوري هو غشاء مكون من طبقتين؛ واحدة منهما خارجية تغلف القفص الصدري من الداخل، والأخرى تحيط بالرئتين، ويوجد بين هاتين الطبقتين سائل سمكه أقل من 1 ملليمتر، هو السائل البلوري. وهو الذي يسمح بانزلاق وحركه الطبقتين بسهولة أثناء الشهيق والزفير مما يساعد في عمليه التنفس، ويتم امتصاصه وإعادة تكوينه بشكل مستمر ومتوازن بشكل لا يسمح بتراكمه ويسهل قيامه بوظيفته، ويحتوى هذا السائل على نسبة قليلة من البروتين والأملاح والغلوكوز وبعض الخلايا ونسبة قليلة جدا من كرات الدم الحمراء. * أسباب الارتشاح * هناك العديد من الأسباب لتراكم هذا السائل البلوري (الارتشاح). بالنسبة للأطفال، تكون العدوى أكثر سبب يؤدى لتراكمه. وفى دراسة كندية تم إجراؤها على 127 طفلا مصابين بارتشاح في التجويف البلوري، تبين أن نحو 50% من هؤلاء الأطفال كانوا مصابين بالتهاب رئوي، ونحو 17% منهم كان السبب اعتلالا في القلبcongestive heart failure ، ونحو 10% من الارتشاح كان جراء أورام خبيثة، ونحو 7% جراء إصابات عنيفة للقفص الصدري والجهاز التنفسي، وفى كثير من الأحيان تكون العدوى فيروسية وتكون من دون أعراض، ويمكن أن تتماثل للشفاء تلقائيا. وفى المقابل، يعتبر الارتشاح نتيجة للعدوى البكتيرية مثل الالتهاب الرئوي، من المضاعفات الخطيرة التي تلي الالتهاب الرئوي، وكذلك يمكن أن يحدث بوصفه مضاعفات لمرض الدرن، وهناك أيضا بعض الأسباب الأخرى المتعلقة ببعض أجهزة الجسم المختلفة، وقلة نسبة البروتين في الجسمhypoalbuminemia ، وأيضا تليف الكبد ونسبة حدوثه جراء الالتهاب الرئوي أكثر في الأولاد عن الفتيات، كما أن نسبة حدوثه في الأطفال الصغار أكثر من نسبة حدوثه في الأطفال الكبار. * الحالة المرضية * تعتمد الحالة المرضية والأعراض للارتشاح البلوري على المرض الأصلي المسبب له، كما تعتمد على حجم الارتشاح، فإذا كان حجم الارتشاح قليلا، فإنه في الأغلب لا تكون هناك أعراض، ولكن إذا كان حجم الارتشاح كبيرا، فإنه يتعارض مع التنفس بسهولة ويحدث زيادة في سرعة التنفس، وأيضا يؤدي إلى صعوبة في التنفس وإحساس بعدم الارتياح في منطقة الصدر، وهذه الأعراض تتغير بتغيير وضع الجسم. وبالنسبة للأطفال، فإنهم يعانون من الارتشاح جراء الالتهاب الرئوي، ومن ارتفاع مستمر في درجات الحرارة، وسعال، وفقدان للشهية، واعتلال عام، وسرعة وضيق في التنفس. وبالنسبة لآلام الصدر التي يكون مصدرها الغشاء البلوري، فإن هذه الآلام تكون حادة وتشبه الطعنة، ويمكن أن يكون هذا الألم فقط في الصدر أو يمكن أن يشعر به المريض في الكتف referred pain ، وهذا الألم تقل حدته كلما زاد تجمع السوائل، لأنه في حالة زيادة حجم هذه السوائل، تنفصل طبقتا الغشاء البلوري ويصبح الألم خفيفا أو يختفي. وبالنسبة للأعراض في حالة وجود الدرن (السل الرئوي) فيكون السعال المستمر الذي يحتوي على البلغم من العلامات المهمة، وكذلك ظهور ألم ملحوظ في الصدر، وزيادة في سرعة التنفس، وارتفاع درجة الحرارة ليلا، وكذلك وجود العرق ليلا، وأيضا يعاني الطفل من وجود دم في سعاله Hemoptysis وكذلك فقدان الوزن، وفى حالة وجود ورم خبيث تكون الأعراض أقل حده، ويمكن أن لا تكون هناك أعراض باستثناء السعال وارتفاع طفيف في درجة الحرارة، وفى بعض الأورام يمكن حدوث مشكلات في التنفس في حالة إذا كان حجم السائل ضخما. * التشخيص * - يمكن إجراء العديد من الفحوصات لمعرفة سبب الارتشاح البلوري، ولكن أهم هذه الفحوصات هو تحليل السائل الموجود في الغشاء البلوري، ومن خلال خصائص هذا السائل يمكن الحكم عليه في حالة وجود صديد نتيجة للعدوى البكتيرية، أو إفرازات كريهة الرائحة في حالة وجود عدوى نتيجة للبكتيريا اللاهوائية، أو احتوائه على الدم في حالات الإصابات العنيفة، أو وجود أورام خبيثة أو في حالة الدرن الرئوي. - يمكن أيضا عمل عد كامل لكرات الدم وذلك لمعرفة وجود عدوى في حالة ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء. - ويمكن عمل مزرعة للدم لمعرفة نوعية البكتيريا سواء كانت هوائية أو لا هوائية. - في حالة احتمالية وجود مرض السل (لتوافر عوامل الخطورة للإصابة به) يمكن عمل تحليل لعينة من البلغم. - يتم إجراء أشعة «إكس»، التي تعتبر أسهل وأقل تكلفة لتشخيص الارتشاح، كما أنها تشير إلى الالتهاب الرئوي أيضا إذا كان المتسبب في وجود الارتشاح. - يمكن إجراء أشعة تلفزيونية على السائل البلوري ويعطي فكرة جيدة جدا (في حالة وجود خبرة طبية متميزة، حيث إنه يحتاج إلى مهارة مهنية عالية) عن مكان تجمع السائل البلوري، ويحدد إذا ما كان التجمع الموجود في الغشاء البلوري من السائل أو زيادة كثافة الغشاء البلوري لسبب أو لآخر، أو إذا كانت هناك كتلة مسمطة، كما أنه يعطي فكرة جيدة عن أفضل مكان في الصدر يمكن فيه إدخال الإبرة المخصصة لعمل البزل. - يمكن أيضا إجراء أشعة مقطعية (CT) ولكنها تفتقد الدقة المطلوبة للتفرقة لتمييز طبيعة السائل المختلفة. - يمكن أيضا إجراء بذل للسائل البلوري، ويمكن إجراء البذل حينما تكون كمية السائل كافية لإجرائه، ولكن يفضل إجراؤه في الأحيان التي يكون فيها التشخيص غير مؤكد، واحتمالية أن يكون السبب ورما خبيثا كبيرا، أو لدى الأطفال الذين يواجهون صعوبة بالغة في التنفس جراء الارتشاح البلوري. - يمكن أيضا أخذ عينه من الغشاء البلوري نفسه، ولكن يفضل عدم إجرائه إلا في الحالات التي يكون فيها الارتشاح نتيجة لالتهاب غير محدد أو في حالة الاشتباه في مرض الدرن أو وجود ورم خبيث. - لا يفضل استخدام المنظار Bronchoscopy في حالات الارتشاح البلوري في الأطفال. * العلاج * من الأهداف الرئيسية في علاج الارتشاح البلوري، علاج المرض الأساسي المسبب لوجوده سواء كان الالتهاب الرئوي أو مرض السل أو أي سبب آخر، كما يهدف أيضا إلى استعادة الرئة لكفاءتها وقيامها بوظائفها. ويتدرج علاج الارتشاح من مجرد العلاج بالمضادات الحيوية، إلى إجراء بذل، وتركيب أنبوبة صدرية لامتصاص السائلchest tube drainage، وأيضا إلى إجراء جراحة في بعض الحالات المعقدة التي يتراكم فيها الصديد في الغشاء البلوري وذلك تبعا للحالة الأصلية، وأيضا حسب التوقيت الذي يذهب فيه الطفل للطبيب، وكلما كان الاكتشاف مبكرا، كانت إجراءات العلاج أيسر وتأتى بنتائج أفضل. في الحالات التي يكون فيها السبب في الارتشاح هو العدوى مثل الالتهاب الرئوي، يتم اختيار المضاد الحيوي تبعا لنوعية الميكروب، وأيضا مراعاة أن بعض أنواع المضادات الحيوية لديها القدرة أكثر من غيرها على اختراق السائل ومن ثم علاجه بالشكل الكافي، وفى حالة وجود الطفل في المستشفى يتم إعطاء المضادات الحيوية عن طريق الوريد. يتم تركيب الأنبوبة الصدرية للأطفال الذين يعانون من مشكلات وصعوبة في التنفس في حالة وجود كمية كبيرة من السائل، أو الأطفال الذين يعانون من ارتفاع في درجة الحرارة، أو الأطفال الذين يعانون من وجود كمية كبيرة من الصديد في السائل البلوري عند إجراء البذل.