واشنطن ـ وكالات
حذرت منظمة الصحة العالمية من أن حالات تفشي مرض الحصبة تهدد ما التزمت به أوروبا من حيث القضاء على المرض بحلول عام 2015.وتعاني مستويات التطعيم من تراجع في بعض البلدان، وتحديدا الدول الغنية في غرب أوروبا. وتقول المنظمة إن هناك حاجة في شتى أرجاء القارة لحملات تدارك كتلك التي أطلقتها بريطانيا.ويقول الخبراء إن الأوان لم يفت للقضاء على المرض بحلول 2015، لكن هناك حاجة لبذل جهود "استثنائية" كي يتحقق هذا الهدف. ويمكن من الناحية النظرية القضاء على الحصبة في العالم بأكمله بنفس الطريقة التي جرى بها القضاء على داء الجدري في عام 1980.وكانت الدول الـ53 التي تشكل الإقليم الأوروبي بمنظمة الصحة العالمية، من البرتغال وحتى اوزبكستان، قد تعهدت بوقف انتشار المرض في القارة. غير أن هناك عددا مرتفعا من حالات الإصابة في بريطانيا وتركيا وأوكرانيا ورومانيا. وتأتي هذه الحالات بعد إصابات بالمرض في ايطاليا وفرنسا في سنوات سابقة. هدف مهدد ويقول روب باتلر، المسؤول التقني بفريق تطعيمات أوروبا بمنظمة الصحة، لبي بي سي "من المبكر للغاية القول بأن هدف عام 2015 غير قابل للتحقيق، لكنه بالتأكيد مهدد. سنكون حمقى إذا اعتقدنا أنه لا يواجه تهديدا." ويمنح تناول جرعتين من لقاح الحصبة والنكاف والحميراء (MMR) حماية شبه كاملة من الإصابة بالحصبة. والحصبة مرض شديد العدوى، لكن لو جرى تحصين 95 بالمئة من الناس تماما فإن هذا من شأنه وقف انتشار الفيروس. ولم تصل بعض الدول إلى حد تحقيق هذا الهدف، وحتى في الدول التي تزيد فيها نسبة التطعيم، هناك عدد صغير ممن لم يحصلوا على التطعيمات. وكانت مزاعم في عام 1998 عن ارتباط تناول اللقاح بالإصابة بمرض التوحد، أدت إلى تراجع أعداد من تناولوا اللقاح لاسيما في بريطانيا. لكن هذه المزاعم دحضت تماما منذ ذلك الحين. ويقول بير لويغي لوبالكو، رئيس (قسم الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات) بالمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها إن "هذه القصة تظل باقية" وتظهر فجأة في ربوع أوروبا. ويضيف لوبالكو "هناك مشكلة أخرى وهي مدى قبول شريحة متزايدة من السكان بالحصول على التطعيمات." ويوضح بقوله "أتحدث عن الطبقة المتوسطة التي تتشكك بشكل مطرد في التطعيمات، وتقبل بعلاج بديل."ويسود اعتقاد بأن ما يربو على 300 مليون شخص توفوا جراء الإصابة بالجدري في القرن العشرين وحده. وفي فترة، أدى المرض لوفاة 30 بالمئة من المصابين به، لكن بعد حملة تطعيم عالمية مكثفة أعلن القضاء على المرض في عام 1980. دروس مستفادة والحصبة أشد فتكا من حيث العدوى مقارنة بمرض الجدري، وهو ما يعني ضرورة تطعيم نسبة أكبر من سكان العالم.وتبرز الدروس المستفادة من التعامل مع مرض شلل الأطفال أن الإنجازات مثل ما تحقق مع مكافحة مرض الجدري لا يمكن تكرارها بسهولة. ففي عام 1988، حددت جمعية الصحة العالمية هدفا للقضاء على مرض شلل الأطفال بحلول عام 2000.وحتى الآن مازال القضاء على شلل الأطفال مستعصيا في بعض الدول. من الناحية النظرية يمكن القضاء على مرض الحصبة تماما، غير أنه مازال هدفا بعيد المنال.وهناك بعض الدول قريبة من الهدف، وتحديدا في الدول الاسكندنافية ووسط وشرقي أوروبا. لكن بير لويغي لوبالكو، المسؤول بالمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، يقول إن من الصعب الوصول للهدف على مستوى الدول الـ53. ويضيف "الشيء الوحيد الواضح، هو اننا لو واصلنا عمل نفس الشيء مثلما فعلنا العام الماضي فلن نحقق الهدف. لن نحققه إذا لم نضع تدابير استثنائية، بإطلاق حملات كبيرة للتدارك." وفي استجابة لمواجهة الوباء في بريطانيا، اطلقت حملة تطعيم كبيرة تستهدف ما يربو على مليون تلميذ في المدارس لم يسبق لهم الحصول على جرعتي لقاح الحصبة والنكاف والحميراء. ويقول روب باتلر، المسؤول التقني بفريق تطعيمات أوروبا بمنظمة الصحة العالمية، إنه يتعين على دول أخرى العمل قبل تفشي المرض بها. ويضيف باتلر "على المستوى الأوروبي نرغب في أن نرى المزيد من الدول الأعضاء تحذو حذو بريطانيا حاليا وتعطي تطعيمات للمراهقين والبالغين." "أعتقد بصراحة أنه يتعين على معظم الدول الأعضاء أن تنظر إلى الأمر على أنه أفضل البدائل عوضا عن رؤية تزايد حالات الإصابة والتفشي في المستقبل."