برلين – العرب اليوم
يقول الجراح والرسام الألماني لوثار كينزل إن 'قماشة الرسم البيضاء الخالية تشبه المعدة التي توشك أن تتعرض للفتح لإجراء عملية جراحية، فأنت لا تدري على الإطلاق ما الذي ينتظرك أو ما هي النتيجة فيهما'.
وعندما تستمع إلى هذا الرجل الذي بلغ من العمر 71 عاما وهو يتحدث عن فنه، فإنك تتعلم أيضا الكثير عن حياته المهنية بوصفه طبيبا التي امتدت إلى 41 عاما.
وعلى الرغم من أن كينزل تقاعد طبيبا من الناحية الرسمية، فإنه لا يزال يعمل من آن لآخر جراحا في جامعة الأزهر في القاهرة، وكان يعمل أستاذا زائرا في كلية طب الأزهر طوال الأعوام الـ18 الماضية.
ويقول إن الأطباء بالكلية يحيلون إليه المرضى الذين يحتاجون لإجراء عمليات جراحية خطيرة، معربا عن اعتقاده بأن هواية الرسم التي يمارسها تساعده في عمله.
ويضيف كينزل 'عليك أن تخلق تناغما في عملك سواء كان هذا العمل متعلقا بالطب أو الفن، أي يمكنك أن تجري جراحة بشكل فوضوي أو بطريقة تتسم بالدقة الجمالية'.
ويقام حاليا معرضٌ للوحات الفنان كينزل تحت عنوان 'ألوان عند البحيرة وفي أماكن أخرى'، وذلك داخل مستشفى لأمراض القلب بمدينة أولم الكائنة بالجنوب الألماني.
وينظر بعض الأطباء إلى الفن باعتباره عاملا يخفف من دوامة العمل اليومي. وليس من الواضح عدد الأطباء الذين يحبون أن يخرجوا أدوات الرسم والتلوين ليستخدموها في أوقات فراغهم، غير أن المتحدث باسم رابطة الأطباء بولاية 'بادن فيرتنمبيرج' أوليفر إيرنز يرى أن هذه النسبة هي نفسها الموجودة لدى بقية سكان ألمانيا.
غير أن كينزل لا يعد أول جراح استمتع باستبدال فرشاة الرسم بمبضعه، إذ خلال الأعوام العشرة الماضية أتاح المستشفى للأطباء مكانا لعرض أعمالهم الفنية، وذلك داخل قاعة عرض 'الفنون الطبية'. وينظم مدير المستشفى وينفريد هارير المعارض ثلاث مرات سنويا.
ويقول هارير إن هذه المعارض الفنية تمثل نوعا من التغيير بالنسبة لمرضانا أثناء انتظارهم دورهم في الكشف الطبي، مضيفا أنه ليس أمرا خارجا عن المألوف أن يمارس الأطباء هواية الرسم واستخدام الألوان والنحت أثناء أوقات فراغهم.
ولا يعد هارير أول طبيب ألماني يشجع زملاءه على استكشاف ميولهم الفنية، فقد سبق أن قام بيتر إردمنجر -وهو ممارس عام متقاعد من ولاية ساكسونيا أنهالت بشرقي ألمانيا- بتدشين سلسلة من المعارض لمجموعة من الأطباء الفنانين عام 1988 تحت عنوان 'الأطباء والرسم'.