القدس المحتلة ـ صفا
لم يتوقع المواطن (يوسف شحدة) من الخليل أن استخدامه لمركبات عطرية ابتاعها من تاجر شنطة متجول بثمن بخس قد تكون سببا في إصابته بضيق في التنفس وطفح جلدي مزمن، فعند مراجعته للطبيب، لم يستطع الأخير تحديد نوع تلك المركبات الممرضة لعدم وجود ملصق او بطاقة بيانات توضح مكونات العطر او تاريخ الصلاحية، وذلك في وقت أصبحت فيه ظاهرة انتشار الباعة المتجولين "تجار الشنطة" أمراً مقلقاً يجب الالتفات اليه. تخطى الأمر قيام بعض تجار بسطات الفواكه في المدينة، باستخدام "معطر الجو" الذي يكون على سبيل المثال برائحة الفروالة او المانجا لرشها على تلك الفواكه لجلب الزبائن، دون الاهتمام لما تتركه هذه المركبات من أضرار على صحة الإنسان !!! وهنا لا بد من الاجابة عن السؤال التالي: هل هذه المركبات هي مجرد عطور برائحة زكية أم سموم نستخدمها لتلويث الهواء وإصابة الإنسان بالأمراض. لا يخلو يوم إلا ويستخدم فيه الإنسان المعطرات بأنواعها، إيمانا منه بأنها ترفع من جودة الهواء وتعطر الجسم وتقضي على الروائح الكريهة، لكن في الحقيقة كما يقول الدكتور "عدنان سعيد" أخصائي الأنف والحنجرة، فإن تلك المعطرات بكافة أنواعها لا ترفع من جودة الهواء وإنما تضيف عنصرا جديدا من ملوثات الجو التي تضر بحاسة الشم، وتصيب الأنف والحنجرة بتهيج يؤدي في النهاية إلى مشاكل مزمنة. مشيرا إلى أن غاز "الفورمالدهايد" يدخل في تركيب معظم المعطرات وهو غاز عديم اللون نافذ الرائحة مدمر لحاسة الشم والجهاز التنفسي، ويعتبر من احد العوامل المسببة لمرض السرطان وأزمات الربو. وتابع سعيد أن قسم الأبحاث في جامعة "ريدنج" البريطانية اظهر أن مزيل العرق ومعطر الجو يحتويان على مركبات كيماوية قد تتراكم في أنسجة الجسم مسببةً نمو الأورام، وتعرف هذه المركبات باسم "بارابينز" التي تستخدم كمواد حافظة. وتضيف الدراسة أن الاستخدام المتكرر لهذه المواد الكيماوية الموجودة في معطر الجو تؤثر سلبيا على صحة الأم والجنين في المرحلة الأولى من الولادة، حيث تسبب بإصابة الأطفال بالتهابات في الأذن وصداع شديد. فيما يفيد المتخصص في الكيمياء أ. خالد السيد أن وجود عنصر الكبريت وغيره من العناصر مثل" الكلورين والفلورين" المستخدمين في تركيب المعطرات لهما اثرٌ سيء جدا على الإنسان، لا سيما على الجهاز التنفسي والقصبة الهوائية، حيث تعمل تلك العناصر الغازية والسائلة على تدمير أكثر من 100 ألف جزيء من طبقة الاوزون . بالإضافة إلى أنه وعند استنشاق هذه المعطرات، تمتص المواد الكيماوية المستنشقة الماء الموجود في القصبة الهوائية فيحدث جفاف في الحلق، وبالتالي يجب العلاج. وأكد السيد أن المسموح به عالميا للفرد، هو عدم زيادة نسبة الاستهلاك عن 33% من هذه المعطرات سنويا، نظرا للأخطار التي تنجم عن الاستعمال المفرط لها. ويضيف السيد أن هناك أنواعاً من هذه "المعطرات" لا تصلح للاستعمال البشري، نظرا لخطورة المركبات الكيماوية التي تحتوي عليها، كما يقوم بعض التجار بتزوير تواريخ الصلاحية للعطور، وهنا يصبح المحتوى اشد ضررا، الأمر الذي لا يخطر على ذهن المستهلك وذلك لغياب الثقافة البيئية لدى المجتمع الفلسطيني بشكل عام. افاد مهندس رفض التصريح عن اسمه من وزارة شؤون البيئة الفلسطينية، ان هناك كميات من العطور ومواد التجميل والأدوية التي تصل الى الأسواق الفلسطينية عن طريق التهريب من داخل الخط الأخضر او من خلال بعض المواطنين القادمين من الدول المجاورة، وغالبا ما تكون هذه البضائع غير مطابقة للمواصفات من حيث المركبات الكيماوية التي تحتوي عليها أو مدة الصلاحية، ويتم تسويقها عن طريق الباعة المتجولين او من خلال البسطات العشوائية، الأمر الذي يجعل من الصعب الحد من هذه الظاهرة او إلقاء القبض على الباعة المتجولين لانتحالهم أسماء وهمية، مما يعرض حياة المواطنين للخطر. ودعا المصدر إلى عدم التعامل مع التجار غير المنتظمين للحفاظ على صحتهم وسلامتهم في ظل ضعف السيطرة على هذه البضائع. وضرورة التوجه إلى الأماكن المخصصة فليس من المعقول أن تباع أربع عبوات عند البائع المتجول بثمن عبوة واحدة. وأكد المصدر أن خطورة هذه المركبات تكمن في المادة المحملة لرائحة ( السائل المحول إلى غاز لتفعيل مادة الرائحة) والتي تشكل 99% من العبوة المعطرة التي تحتوي على الاسيتون ومشتقاته، إضافة إلى البنزين والدايكلوروبنزين ومواد كحولية مثل الايثانول، حيث تؤدي إلى تحسس البشرة وتآكلها في بعض الأحيان، كما يمكن لهذه المواد أن تستقر داخل جسم الإنسان خاصة في الكبد مسببةً الأمراض المختلفة.