رام الله ـ نهاد الطويل
تُعتبر "لجان الرعاية الصحية الفلسطينية" في الضفة الغربية المحتلة إحدى أهم منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال تقديم الخدمات الصحية العلاجية والتثقيقة للمجتمع، حيث تساهم بشكل واسع في التخفيف عن كاهل المواطن في بلد يشهد يوميًا اعتداءات مستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين، فيما لا تزال اللجان تلعب دورًا رياديًا في تقديم خدماتها الصحية للمرضى من خلال العشرات من عياداتها المنتشرة في العديد من القرى والمناطق الريفية المهمشة. وكشف رئيس اتحاد لجان الرعاية الصحية الفلسطينية الدكتور نهاد الأخرس عن أن أبرز المشاكل التي تواجه اللجان مرتبطة بنقص في الكوادر الطبية لبعض التخصصات، وكذلك شح الموازنات المالية التطويرية على صعيد التجهيزات الطبية والكادر في آنٍ واحد. وأكد الأخرس في تصريحات صحافية لـ "العرب اليوم" أن اللجان الصحية تواجه شُحًا في الموارد فيما تواصل طواقمها العمل على تقديم الدواء والعلاج للمراجعين، وذلك في سبيل الاستمرار في تقديم الخدمات الصحية الأساسيهة رغم كل المعيقات. ودعا في الوقت ذاته المؤسسات المانحة والهئيات الدولية المعنية للنظر إلى هذه التجربة، ودعمها بكل الوسائل والإمكانات المتاحة وذلك لضمان استمرار عملها في تقديم خدماتها الصحية والعلاجية للمواطن الفلسطيني، وذلك في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها. وأضاف الأخرس أن لجان الرعاية الصحية تدير عددًا من العيادات الأولية والمراكز الطبية، إضافة الى برامج صحية وعيادات متنقلة في الأرياف النائية، وحيثما لا تتوفر خدمات صحية، وبما يتواءم والحاجات المجتمعية وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع المحلي في مختلف مخافظات الضفة الغربية، وعلى هذا الصعيد هناك شراكات في مراكز طبية مع وزارة الصحة الفلسطينية تتيح للمستفيدين من التأمين الصحي الحكومي وغير المؤمّنين من تلقي الخدمات في المركز نفسه، وفي ذلك نموذج رائع كما هو الحال في شراكات مع المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المحلي. وتشكل العيادات والمراكز الصحية التابعة للجان سندًا حقيقيًا وشريكًا أساسيًا للقطاع الصحي التابع للحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وذلك في ظل ما يعاني منه هذا القطاع من أزمات مالية وإضرابات نقابية متتالية، ما شكل التعقيد في وجه المواطن الباحث عن خدمة صحية وتأمين صحي مجاني، وهو ما تحاول اللجان توفيره على مدار عشرات السنين. وعن أكثر الفئات التي تستهدفها اللجان أكد د. الأخرس أن المواطنين كافة في الشارع الفلسطيني يستفيدون من الخدمات الصحية المختلفة، إلى جانب توزيع الأدوية بشكل شبه مجاني وبأقل من تكاليف الشراء، مما يخفف من الأعباء الاقتصادية على المواطنين. وبين الأخرس أن اللجان الصحية الفلسطينية تسعى لوضع خطة مستدامة لضمان العناية بالنساء الحوامل والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقه والحاجات الاجتماعية وطوابير العاطلين عن العمل والطلبة. وتطرّق الأخرس في معرض حديثه عن جهود اللجان إلى الأزمة المالية التي تعصف بالمؤسسات المجتمعية والجمعيات الخيرية ومنها لجان الرعاية الصحية، حيث تعيق هذه الأزمة تنفيذ خطتها التطويرية، سيما تلك المرتبطة بافتتاح أقسام التوليد والجراحة والأطفال في مستشفى الشهيد القاسم في عزون محافظة قلقيلية شمال الضفة الغربية، بعدما تمكنت من افتتاح اقسام الطوارئ والعيادات الخارجية والمناظير، وقريبًا الجراحة النهارية، افتتاح قسم التأهيل الطبي في مركز الأمل للتأيل في نابلس، والذي يقدم خدمات العلاج الطبيعي والوظيفي والنطق، إلى جانب عيادات اختصاص وتحاليل مخبرية وأشعة وأطراف صناعية وتعديل أحذية طبية، ومختلف أنواع الأدوات المساعدة. وتُعتبر لجان الرعاية الصحية الفلسطينية واحدة من أهم المنظمات الصحية الأهلية التي تأسست العام 1985، من خلال وعي اجتماعي ووطني، لتسهم في النهوض بالواقع الصحي الفلسطيني عبر متطوعين من مختلف التخصصات والمهن الطبية، عبر برامج صحية متعددة فرضها آنذاك وجود الاحتلال، ومنها افتتاح مراكز طبية حينما تتطلب الاحتياج وضمن الإمكانات، وكان من الطبيعي مع مجيء السلطة الفلسطينية أن تستمر تلك المنظمات ضمن منظومة العمل الأهلي والجمعيات الخيرية وبإستراتيجيات تتواءم والواقع الجديد لتشكل مكونًا أصيلاً من النظام الصحي الفلسطيني، وفي إطار قانوني وتكاملي، وهي من ملكت التجربة والخبرة في ظروف معقدة، وتمكنت من التطور على مختلف الصعد والمستويات ما يؤهلها أن تكون ليس فقط مقدمة للخدمات وإنما شريكة في رسم السياسات إن أرادت الحكومات الفلسطينية تنمية. وتسعى لجان الرعاية الصحية الفلسطينية للمساهمة في رفع المستوى الصحي للمجتمع الفلسطيني، سيما للفئات الأقل حظًا في التنمية، عبر البرامج الصحية، وبالتنسيق والتعاون والشراكة مع المؤسسات الصحية، وفي طليعتها الرسمية، وصولاً لتحقيق الهدف، في إطار من الجودة والعدالة الاجتماعية وعدالة توزيع الخدمات جغرافيًا. وتأسست لجان الرعاية الصحية الفلسطينية في العام 1985 بعد تداعي عشرات من العاملين في القطاع الصحي، وأعلنوا من القدس تأسيسَها، منطلقين من الواقع الاجتماعي والسياسي الفلسطيني، واضعين نصب أعينهم رسالة إنسانية وطنية تهدف إلى رفع المستوى الصحي للمجتمع الفلسطيني، سيما في المناطق النائية والفئات الأقل حظًا للوصول بهذه الفئات إلى مستوى صحي أفضل. ووفق ذلك بُدئ في تنفيذ برامج الاتحاد كالأيام الطبية والتثقيف الصحي فيما أطلقت اللجان ما يزيد على 35 عيادة طبية، بناءً على طلب مؤسسات وهيئات محلية بعد تقييم الواقع الصحي في كل موقع، حيث افتتح المركز الأول في العام الماضي.