يعد اليود من العناصر الغذائية المهمة للإنسان، حيث يُسهم في تكوين هرمونات الغدة الدرقية التي تلعب دوراً رئيسياً في إتمام عملية التمثيل الغذائي. ولكن المبالغة في إمداد الجسم باليود أو الإقلال منه يمكن أن تلحق أضرارا بالغة بالغدة الدرقية، ومن هنا تظهر أهمية الاعتدال في تناول اليود. ولتحديد الكمية اللازمة للجسم من عنصر اليود، يقول رولف غروسكلاوس -من المعهد الاتحادي لتقييم المخاطر بالعاصمة الألمانية برلين- إنه "من المثالي أن يتناول الشباب والبالغون الأصحاء كمية من اليود تتراوح بين 180 و200 ميكروغرام يومياً، بينما ينبغي على النساء الحوامل تناول كمية تصل إلى 260 ميكروغراما يومياً؛ حيث يزداد احتياج المرأة الحامل لعنصر اليود؛ لأنه يلعب دوراً حاسماً في نمو المخ والعظام لدى الجنين". ويلتقط الأستاذ في كلية الطب بمدينة هانوفر الألمانية البروفيسور جورج برابانت طرف الحديث ليقول "إن عنصر اليود يوجد في كل من الأسماك والمأكولات البحرية ومنتجات الألبان"، مضيفا أنه "يمكن -من خلال اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على هذه الأطعمة- إمداد الجسم بكميات وفيرة من عنصر اليود، علماً بأنه يمكن للنساء الحوامل تناول أقراص اليود من أجل إمداد أجسامهن بكميات كافية منه". ويحذّر البروفيسور الألماني من قلة إمداد الجسم بعنصر اليود؛ حيث يسبب ذلك زيادة حادة في  نشاط خلايا الغدة الدرقية، التي تحاول تعويض هذا النقص ولكنها لا تستطيع، مما يؤدي إلى ازدياد حجم الغدة الدرقية وتكوّن عقد بها، بل ويمكن أن تنفصل أجزاء منها عن مسار دورة الهرمونات وتعمل بشكل ذاتي. وعند حدوث مثل هذه الزيادة الحادة في نشاط الغدة الدرقية الناتج عن نقص إمداد الجسم باليود، يُحذر برابانت من محاولة تناول كميات كبيرة من اليود لمعادلة الأمر، مفسراً ذلك بأن "الأجزاء المنفصلة عن الغدة الدرقية والناشطة ذاتياً تعمل على إفراز الهرمونات بشكل عشوائي؛ ومن ثم يجب على المرضى في هذا الوقت عدم إمداد أجسامهم بمزيد من اليود". وأضاف برابانت أن خطر إمداد الجسم بكميات زائدة من اليود لا يكمن في تناول ملح اليود، وإنما في التعرض للمواد المعالجة باليود، كالتي تستخدم مثلا عند الخضوع لبعض الفحوص الطبية التي توجد أيضاً في نوعيات معينة من أدوية القلب ومطهرات الجلد. وأشار برابانت إلى أن الزيادة الحادة في نشاط الغدة الدرقية يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالتسمم الدرقي، الذي قد يهدد حياة الإنسان. وأوضح أن أعراض هذا التسمم تظهر في صورة ارتفاع درجة الحرارة وعدم انتظام ضربات القلب مع حدوث اضطرابات في ويعود البروفيسور الألماني ليطمئن بأن "التغيرات الطفيفة المقدرة بالميكروغرام في معدل تناول اليود قلما تتسبب في حدوث مشاكل صحية، كما يقل معدل الإصابة بأمراض المناعة الذاتية في الغدة الدرقية بشكل كبير، إذا ما تم إمداد الجسم بعنصر اليود على نحو أفضل". وأوضح برابانت أن الجزء الأكبر من حالات الإصابة بالتورم الدرقي ترجع في الأساس إلى نقص إمداد الجسم بعنصر اليود، لافتاً إلى أنه عادة ما يتقلص حجم الغدة الدرقية من جديد -لاسيما لدى صغار السن- إذا ما تناولوا أقراص اليود. ولذلك شددت رئيسة الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى الغدة الدرقية بمدينة بون باربارا شولته على ضرورة استشارة طبيب مختص على الفور عند الشك في الإصابة بالتورم الدرقي، بدلاً من الاكتفاء بالتوقف عن تناول اليود فحسب، كي يتم التعرف على السبب الحقيقي وراء هذه الإصابة في أسرع وقت ممكن. ولفتت إلى أنه يمكن التحقق من الإصابة بهذا المرض من خلال الخضوع لفحص بالأشعة فوق الصوتية، وكذلك من خلال التحقق من وجود أجسام مضادة عن طريق تحليل عينة دم.