الذكاء الاصطناعي يساعد كعلاج جديد لمرضى الرهاب

وجد فريق من علماء الأعصاب طريقة لتجديد الدماغ البشري من أجل التغلب على بعض المخاوف وهو ما قد يؤدي إلى التوصل لعلاجات جديدة لمرضى الرهاب أو اضطراب ما بعد الصدمة.

وتقول الدراسة التي نشرت في دورية علمية الاثنين 21 نوفمبر/تشرين الثاني، إن حوالي 19 مليونا من البالغين في الولايات المتحدة، أو 8.7% من السكان البالغين يعانون من المخاوف المستمرة من كائنات معينة أو من حالات محددة وفقا للمعهد الوطني للصحة العقلية.

كما أن اضطرابات ما بعد الصدمة تؤثر على نحو 7.7 مليون بالغ في الولايات المتحدة ويمكن أن تتطور مع مواجهة الشخص للصدمات النفسية بعد التعرض لصدمات جراء حوادث من قبيل الاعتداء الجنسي أو المعارك العسكرية.

وقال معدو الدراسة إنهم يريدون تطوير بدائل للعلاجات الحالية لأمراض القلق والرهاب، حيث أن غالبية العلاجات تنطوي على العلاج النفسي عبر مواجهة المواقف المخيفة بالنسبة لهم مثل الغرف المظلمة أو المباني الشاهقة أو المصاعد الضيقة وغيرها بالتزامن مع تناول الأدوية.

وتتمثل الطريقة الجديدة في العلاج في جمعها بين الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المسح الضوئي للدماغ عبر تقنية تسمى "فك شفرة الارتجاع العصبي" لقراءة وتعرّف ذاكرة الخوف، وهذه التقنية تُستخدم لمراقبة نشاط الدماغ وتحديد الأنماط المعقدة من الأنشطة التي تحاكي ذاكرة الخوف.

وقد عمل علماء الأعصاب مع 17 متطوعا من الأصحاء بدلا من اختيارهم مشاركين ممن يعانون من الرهاب، وقاموا بخلق "ذاكرة خوف خفيفة" من خلال تعريض المتطوعين لصدمة كهربائية قصيرة عند رأيتهم لصورة محددة عبر جهاز الكمبيوتر.

ومن خلال مراقبة النشاط العقلي للمتطوعين عبر المسح الضوئي تمكن الباحثون من اكتشاف علامات لـ"ذاكرة الخوف"، وباستخدام أساليب التعرف على الصور بشكل آلي تمكن الباحثون من تطوير طريقة سريعة ودقيقة لقراءة المعلومات في "ذاكرة الخوف".

وقال بن سيمور المؤلف المشارك في الدراسة وعالم الأعصاب في جامعة كامبريدج في بيان إن "الطريقة التي يتم تقديم المعلومات بها في الدماغ معقدة جدا، لكن استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة للتعرف على الصور الآن تسمح بتحديد مضمون تلك المعلومات" وأضاف إن "التحدي فيما بعد سيكمن في إيجاد طريقة لخفض أو إزالة ذاكرة الخوف".

وقام العلماء فيما بعد بإعطاء المشاركين مبالغ صغيرة من المال لكي تصبح ذكريات الخوف مرتبطة بالمكافآت وكرر الباحثون هذه الطريقة طوال ثلاثة أيام، وذلك بهدف إعادة برمجة ذاكرة المتطوعين مستعيضين عن الصدمة المؤلمة بأشياء إيجابية.

ووجد الباحثون من خلال اختبار تدريب العقل أنهم كانوا قادرين على الحد من ذاكرة الخوف عبر استخدام أسلوب "التغذية الارتجاعية العصبية" ما مكنهم من السيطرة على نشاط الدماغ في المنطقة المعروفة باسم اللوزة الدماغية وهي مركز الخوف في المخ.

وقال الباحثون إن حجم العينة التي أجريت عليها التجارب كان صغيرا نسبيا وهو ما يتطلب المزيد من البحث من أجل أن يتوصلوا إلى علاجات فعالة للمرضى الذين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة أو الرهاب. ويشير الباحثون إلى انهم بحاجة لإنشاء مكتبة لرموز المعلومات المتعلقة ببعض المخاوف المرضية في الدماغ مثل الخوف من العناكب أو من المرتفعات أو غيرها، وهذه الطريقة يمكن أن تحقق فوائد كبيرة في خلق علاجات تجنّب المرضى الآثار الجانبية غير المرغوب فيها للأدوية والعقاقير المستخدمة حاليا.