شهدت ظاهرة التسمين في موريتانيا تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، بفعل تأثير الموضة الخارجية وانفتاح موريتانيا على المحيط الأوروبي والعربي، وزيادة الوعي لدى نسبة كبيرة من سكان البلد. ورغم ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن نسبة 60% من النساء الموريتانيات يقتنعن بفوائد السمنة ومزاياها، خصوصًا ما يتعلق بجانب الظهور بالمظهر اللائق أمام المجتمع أولا والرجل ثانيًا، ويتباهى النساء والرجال - على حد سواء - بذلك، خلال جلسات الشاي المسائية، بحيث يتوجه سهم النقد والتشاؤم للنحيفة، باعتبارها منبوذة في المجتمع. وظلت ظاهرة تسمين الفتيات حتى وقت قريب تنتشر على نطاق واسع في موريتانيا، خصوصًا في مناطق الريف، حيث يعتمد السكان في القرى الريفية على تنمية المواشي، وقد أثبتت نتائج إحصائيات رسمية نشرتها أخيرًا هيئات مختصة أن 38% من البنات يتم تسمينهن قسرًا، في المدة  ما بين 12 و24 عامًا، وهي الفترة الأكثر قابلية للنمو اليزيويوجي. وبعد نزوح الأهالي إلى المدن وفك ارتباطهم ولو جزئيًا بالماشية احتفظوا بالعادة جوهرًا، واختلفت الآليات، فلبست الظاهرة لباسًا عصريًا من خلال استعمال بعض الأدوية التي تظهر الجسم ممتلئًا. وتشير الإحصاءات إلى تراجع واضح في ظاهرة التسمين القسري للفتيات، والتي كانت تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 70% في القرى والأرياف. ويتمثل التسمين القسري للفتيات في موريتانيا بإعطاء كميات كبيرة من الحليب والنشويات تحت الإكراه البدني والضغط النفسي، بل وحتى الضرب المبرح لحملهن على التناول المفرط للأطعمة، للإسراع بعملية التسمين، التي غالبًا ما تظهر نتائجها في ظرف أسابيع قليلة، لكن طرق تسمين الفتيات عرفت تطورًا جديدًا وطرقًا لم تكن معهودة من قبل، ولا تقل خطورة وغرابة مثل استعمال أدوية فاتحة للشهية، من أجل ربح الوقت والحصول على نتائج سريعة، ودون تحمل الصعوبات التي تتخلل عملية التسمين وأخذ بعض الوصفات الطبية للغرض نفسه. وتقول خديجة: قبيل فترة الزواج وخصوصًا في فترة الخطبة، يحرص الموريتانيون على خضوع الفتاة لعملية تسمين تعرض حياتها في بعض الأحيان للخطر، وذلك بعد إرغامها على تناول كميات هائلة من الأطعمة، وإذا حاولت الفتاة التقيوء، أجبرت على تناول المزيد من الطعام والنشويات، لكي تظهر الفتاة  بمظهر لائق أمام الأصهار ليلية العرس كما، مؤكدة أن "الفتاة النحيفة مصيرها العنوسة الأبدية". ويقول الباحث المتخصص في شؤون المرأة سيدي ولد سيد أحمد البكاي، في حوار خاص مع "العرب اليوم": إن السمنة والزواج المبكر من العادات التي تمسك بها المجتمع الموريتاني، رغم التطور الحادث منذ أعوام، مؤكدًا أنها "من أهم المعوقات التي تحول دون قيام المرأة الموريتانية، بدورها كاملا في عملية التنمية، وذلك من خلال العقبات التي تضعها أمام تلك المشاركة، وكذلك من خلال ما تسلبه من حقوق بشرية أصيلة ومتأصلة، سواء تعلق الأمر بحق الاختيار للحال والمآل، بما في ذلك الهيئة والزوج وتاريخ الزواج"، مضيفًا أن "السمنة مرض من أمراض العصر، ناجم عن اختلالات في التغذية، تارة نتيجة تغير نوعية الوجبات وتوفر الأطعمة المسمنة، وتارة أخرى نتيجة سوء التغذية".