افتتحت "الجمعية اللبنانية لطب الطوارئ" مؤتمرها السنوي الخامس تحت عنوان "حوادث السير والسلامة المرورية.. كلنا معنيون وكلنا معرضون"، الذي يستمر لمدة يومين في أوتيل مونرو في بيروت، بمشاركة وزيري الداخلية والبلديات العميد مروان شربل والصحة العامة علي حسن خليل ممثلاً بالدكتور بهيج عربيد، ونقابات أطباء لبنان في بيروت وطرابلس، وأصحاب المستشفيات الخاصة، في حضور جمعيات أهلية وخبراء في حوادث السير لبنانيين وأجانب. وألقت رئيسة الجمعية الدكتورة نسرين بازرباشي، كلمة سلطت فيها الضوء على مشكلة حوادث السير بعد تنامي عدد الوفيات الناتجة عنها، ليتجاوز عدد الوفيات جراء الأمراض المستعصية، وتطرقت إلى ضرورة معالجتها كما هو الحال في البلدان التي تتخذ إجراءات صارمة أدت إلى تراجع هذه الحوادث. وعرض ممثل وزير الصحة الدكتور عربيد، المبادئ والتوجهات التي تشكل الأساس في بناء نظام طوارئ جيد وفعال في لبنان، يرتكز على اعتماد إدارة جماعية لتنظيم خدمات الطوارئ وإسعاف حوادث الطرق، وانتهاج سياسة الوقاية بأوجهها كافة، والاستفادة من المستوى التنظيمي للإمكانات المتوافرة في مجالات الطوارئ، واعتماد المعلوماتية كأساس لبناء قاعدة معلومات موحدة بشأن الحوادث وأنواعها وأسبابها وكلفتها للمساعدة في التخطيط لتلبية الحاجات، مشددًا على أن طب الطوارئ يعاني نقصًا حادًا، سواء على مستوى الأطباء أو الممرضات والفنيين المتخصصين في هذا المجال، وهذا ينعكس في بعض الحالات شكوكًا عن نوعية الخدمات المقدمة. وأكد الوزير شربل أن أسباب حوادث السير عدة، منها ما يتعلق بالعنصر البشري، ومنها ما يتعلق بعوامل أخرى أبرزها وضع الطرقات والمركبات، غير أن العنصر الأول يبقى السبب الرئيس لكثير من الحوادث، نظرًا لدوره في التعاطي بشكل خاطئ مع الطريق والمركبة، فيما تعتبر الطريق سببًا مباشرًا في وقوع بعض الحوادث في ضوء غياب التخطيط عند انشائها، أو مع تنفيذ جسور ومنعطفات طرقية حادة بأخطاء هندسية لمراعاة مصالح خاصة على حساب مصلحة السلامة العامة، موضحًا أن إحصاءات قوى الأمن تشير إلى أن عدد حوادث السير الواقعة في العام 2010 بلغت 4583 ونتج عنها وفاة 549 شخصًا وإصابة 8517 شخصًا بجروح مختلفة، وعدد الحوادث في العام 2011 تدنى إلى 4447 لينخفض عدد الوفيات الناتجة عنها إلى 508 والجرحى إلى 6040، ثم في العام 2012 تدنى عدد الحوادث عن العامين السابقين ليصبح 4205، وكذلك عدد الإصابات إلى 5961 في مقابل ارتفاع ضئيل للوفيات بلغ 559 ضحية. وقال وزير الداخلية، إن دراسة أسباب حوادث السير تبين أهمية تكامل الجهود التشريعية والتنفيذية والهندسية والتثقيفية، من أجل حل المشكلة والتخفيف من حدتها، في حين أن الانتقال إلى مرحلة السلامة العامة تتطلب أيضًا تأمين الطرقات السليمة وإنارتها وتأهيلها لتجنب سبب رئيسي للحوادث، وإن تأخير تنفيذ قانون السير الجديد لم ولن يثنينا عن المضي في اتخاذ قرارات تنسجم وتتماهى مع مواده، مشيرًا إلى أن الوزارة لا تنأى بنفسها عن الواقع المرير الناتج عن حوادث السير، وتسعى جاهدة إلى عكس مقولة "اليوم أفضل من الغد " في مقاربتها لحلول تجعل "اليوم أفضل من الأمس والغد أفضل من اليوم"، مضيفًا "لقد عقدنا العزم على تنفيذ مشروع فرض اللاصق اللإلكتروني على الزجاج المتضمن معلومات كاملة عن السيارة، وتركيب لوحات تسجيل عالية الأمان للمركبات والآليات يستطيع معها الرادار التقاط رقمها، ويستحيل تزويرها لهدف الحد من سرقة السيارت واستخدامها في الجرائم المنظمة وعمليات السطو والسلب، إذ أن هذا المشروع الذي يضبط أيضًا تجاوز السرعة بدقة من شأنه أن يشكل رادعًا حازمًا للمخالفين، وبإمكانه خفض نسبة حوادث السير وما تخلفه من نزف يومي، وأن الوزارة أنجزت دفتر شروط هذا المشروع تمهيدًا لإجراء مناقصة دولية في العاشر من أيار/مايو المقبل، وهي بالتالي قيد الإعداد لدفتر شروط يتعلق بإنشاء دفتر سيارة وأجازة سوق جديدة وفق المعايير العالمية، ونؤكد أن تكلفة هذه الإجراءات وغيرها من الإجراءات التي تضمن السلامة العامة، تبقى أقل بكثير من تكلفة حوادث السير في لبنان التي تصل إلى أكثر من ملياري دولار سنويًا، ولا يرتبط تطبيق قوانين السير بمفارز قوى الأمن فقط، بل يتصل أيضًا بسلوك المواطن وأخلاقه، لأن ثقافته تشكل الحصانة الأولى في مواجهة هذا التحدي، ولا يكفي أن ينجز المجلس النيابي قانونًا جديدًا يحاكي الحداثة، بل نريد إنسانًا جديدًا يحترم التشريعات الجديدة ويطبقها". وتطرق شربل إلى ما "يشغل بال اللبنانيين ليس على مستوى سلامة المرور فقط، بل وأيضًا على مستوى سلامة الوطن حيال ما يلوح أمامنا من مصاعب كبيرة، وما يساور المواطنين من مخاوف بتعريض بلدهم لمخاطر الانزلاق إلى الفتنة، في وقت أصبح الأمن رهينة التوتر السياسي والخطابات المتشنجة، وإن القوى الأمنية والعسكرية التي تتحمل في هذه الظروف الدقيقة حملاً تنوء الجبال عن حمله، غير محكومة بمنطق تصريف الأعمال، بل ترفع من وتيرة جهوزيتها لمواجهة التحديات وتحمّل مسؤولية إنقاذ الوطن بما يكفل إطفاء الحرائق الأمنية المتنقلة، والتصدي للفتن المقنعة حفاظًا على السلم الأهلي والاستقرار في هذا الوطن الذي هو أمانة في أعناقنا". وكان قد تحدث في الحفل كل من نقيبي أطباء لبنان في بيروت، البروفيسور شرف أبو شرف، وفي طرابلس الدكتور فواز البابا ممثلاً بالدكتور رولان طنوس، البروفسور جان ايف لوكوز، الأمين العام للصليب الاحمر جورج كتاني، نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، والبروفسور عبد الوهاب بلو