بين جدرانٍ متهالكة وسقفٍ صفيحي صدئ، يتوسد الشاب الصغير أحمد أرضية منزله غير المستوية بملابس مترهلة تنبعث منها الروائح الكريهة، بعدما عجز جسده المثخن بالقروح والآلام والشحوم عن الحركة. عُدنا بعد 18 شهرًا من مقابلة أحمد (23 عامًا) من سكان قيزان النجار بمحافظة خان يونس الذي كان يزن آنذاك 280 كيلوغرامًا، أما اليوم فقد وصل إلى نصف طن تقريبًا. ويقع أحمد فريسة عجز التشخيص والعلاج، وتلك الأمراض التي آلمت ذويه وأنهكت جسده الذي لا يتوقف عن إفراز الغدد الدهنية حتى طفحت بشكلٍ مخيف لخارج الجسد متسببة بروائح كريهة ومهددة جسده بأمراض جديدة. ونشرت "صفا" بنوفمبر 2011 قصة النجار، واستجابت العديد من الجهات، من بينها رئيس الوزراء إسماعيل هنية، والذي أمر على الفور بتبني الشاب وتوفير العلاج له، وحضر وفد من مكتبه وقدموا مساعده مالية له، بصحبة وفد من المستشفى الميداني الأردني بغزة. وبعد نحو 10 أشهر من المساعدة، غادر أحمد ووالدته للعلاج على نفقة الأردن وعاد بنوفمبر 2012 قضاها دون جدوى تحت مباضع الأطباء، الذين اكتفوا بإخبار والدته "أن ابنكِ كالسيارة المفخخة".     ولم يتلق أحمد أي مساعدة بعدما انتهت محاولته في الأردن، فلم يطرق باب منزلهم أي مسئول أو جهة لكي تنظر لمعاناته وعائلته، رغم سعي والدته للاتصال بالجهات المختصة لكن "دون أن تلقى أي استجابة". وبدأ جسد أحمد وخاصة قدمه اليُمنى تتنفخ تدريجيًا وتزداد احمرارًا وتفرز قيحًا، وزادت الأصفاد التي تكبل حركته حتى لقضاء حاجته. وتتفاقم حالة أحمد ليلاً كما النهار، فلا يتمكن من النوم إلا جالسًا وينام ساعة ويستيقظ مثلها، بفعل الآلام التي لا تتوقف عن نهش جسده. وأصيب أحمد باكتئاب حاد لما وجد نفسه وحيدًا بعدما عادة من رحلة الأردن، وأصبح "عدوانيًا" لا يُطيق أحدًا ويعتدي على أشقائه، كلما نظر إلى جسده غير المتناسق وقدمه المتضخمة، ليكون شقيقه أحد ضحايا "صفعة" من يديه التي أصابته بجروحٍ في وجهه. ويعاني "أحمد" من صعوبة الذهاب لقضاء حاجته في الحمام، حيث يجد صعوبة بالتبول لتكسد الدهون أسفل بطنه، بالإضافة إلى أن وزنه الهائل جعله يحتاج لملابس خاصة ومكان مؤهل يعيش فيه ودرجة حرارة معينة، وهو ما جعلها صعبة التوفير. وتقول والدته اعتدال إن ابنها بحاجةٍ إلى أنواع خاصة من الكريمات التي تكلف نحو 30 شيكلاً يوميًا، عدا عن المضادات الحيوية التي لم تُجدِ نفعًا. ويحتاج أحمد– حسب والدته- لغرفة نوم خاصة به داخل منزلٍ جيد التهوية ومكيف تبريد لفصل الصيف حتى لا يتسلخ جسده وتزداد تقرحاته ولحمامٍ خاص، فضلاً عن ملابس فضفاضة محاكة له بطريقة جيدة، وأخيرًا لعلاج يوقف سيل الدهون المتدفقة من جسده.